إصلاح النظام السياسي في العراق ... ضرورة وطنية

داخل حسن جريو
2023 / 4 / 1

جاء في المادة الأولى من الدستور العراقي أن "جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي , وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق" . والدولة الإتحادية كما هو معروف تتشكل من إتحاد دولتين أو أكثر , أو من إقليمين أو ولايتين أو أكثر , كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية روسيا الإتحادية والمملكة البريطانية المتحدة و كندا وأستراليا والهند والإتحاد السويسري وغيرها . والعراق بهذا الوصف لا يمكن ان يوصف بالدولة الإتحادية , إذ لم تتشكل الدولة العراقية من ولايات أو أقاليم بل كانت دولة واحدة منذ تأسيسها عام 1921 , ربما كان بالإمكان تشكيلها كدولة إتحادية من ولايات البصرة وبغداد والموصل عند تأسيس المملكة العراقية عام 1921, فضلا عن أن التشكيلة الحالية تشكيلة غريبة , إذ أنها تضم إقليما واحدا ومحافظات بضمنها محافظات الإقليم نفسه.وليس هناك ما يدعو لتفتيت دولة متماسكة قائمة منذ أكثر من قرن من الزمان , ولا تمثل تشكيلاتها عائقا أمام تقدمها ورقيها إذا ما أحسن إدارتها من قبل حكومات رشيدة , فالعلة لا تكمن في هيكيلية الدولة أبدا , بل في سوء إدارتها من قبل من تسلطوا على إدارتها .
ونعود إلى مفهوم الدولة الإتحادية , فهل يا ترى أن الدولة الإتحادية هذه ,تعني الإتحاد بين المحافظات والإقليم أم ماذا ؟ . فلا عجب أن تواجه الدولة العراقية حاليا مشاكل كثيرة بين حكومة المركز وحكومة الإقليم جراء هذا "التشكيل الإتحادي الشاذ" , فحكومة الإقليم تتصرف بثروات الإقليم الطبيعية وبعلاقاتها مع الدول الأخرى بضمنها العراق وكأنها دولة مستقلة , وتتحدث عن مناطق متنازع عليها تماما كما تتحدث الدول المتجاورة عن مناطق حدودية متنازع عليها . وتنتظر حكومة الإقليم الفرصة الدولية السانحة لإنفصالها عن الوطن الأم العراق , لتعلن دولتها الكردية المستقلة كحق من حقوق تقرير المصير كما ترى ,دون الإكتراث لمصالح شركاء الوطن الذين عاشوا معهم جنبا إلى جنب قرونا طويلة .
وللخروج من هذا المأزق , نقول أما أن تكون الدولة العراقية العتيدة , دولة إتحادية ذات ولايات أو أقاليم إدارية تتمتع بحكم ذاتي في إدارة شؤونها الداخلية , أو لا تكون أي ان يبقى حال العراق دولة مركزية تتمتع محافظاتها بإدارات لامركزية لتصريف شؤونها الداخلية . وليس هناك ضير في كلا الحالين إذا ما أحسن تنفيذهما , وعلى أن يترك الخيار بذلك للشعب العراقي عبر إستفتاء حر في ظروف آمنة ومستقرة وتحت إشراف دولي لضمان نزاهته وعدم التلاعب بنتائجه , فالإستفتاء الذي تم بموجبه إقرار الدستور الحالي , كان قد تم في ظروف إستثائية شاذة تحت حراب القوات الأمريكية المحتلة ,وفي بيئة لم تكن آمنة بسبب العمليات الأرهابية التي كانت تشهدها معظم مناطق العراق , ومقاطعة معظم سكان محافظات شمال وغرب العراق يومذاك .
وعلى أية حال يمكن أن تتشكل الدولة الإتحادية من ستة ولايات أو أقاليم إدارية بالشكل الآتي :
1.إقليم كردستان بحدوده الحالية من محافظات أربيل والسليمانية ودهوك .
2. إقليم شمال غرب العراق ويضم محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار .
3. إقليم شرق العراق ويضم محافظات كركوك وديالى وواسط .
4. إقليم الفرات الأوسط ويضم محافظات بابل وكربلاء والنجف الأشرف والمثنى .
5. إقليم جنوب العراق ويضم محافظات البصرة وميسان وذي قار .
6. إقليم بغداد عاصمة العراق ويضم محافظة بغداد بحدودها الحالية .
يمكن أن تدار الدولة الإتحادية كالآتي :
1.يشكل مجلس نواب منتخب إنتخابا مباشرا من قبل الشعب في عموم أرجاء العراق بحسب الكثافة السكانية , مهمته تشريع القوانين التي تحال إليه .
2. يشكل مجلس أتحاد منتخب إنتخابا مباشرا من قبل سكان الأقاليم , بأعداد متساوية لكل الأقاليم بصرف النظر عن كثافتها السكانية ,مهمته تدقيق القوانين قبل إصدارها والمصادقة عليها .
3. يرأس الدولة رئيس منتخب إنتخابا مباشرا من الشعب , وبإسمه تصدر القوانين , وتكليف رئيس مجلس الوزراء لتشكيل الحكومة الإتحادية التي يجب أن تحضى بموافقة مجلس النواب .
4.تكون الحكومة الإتحادية المسؤول الأول عن إدارة الدولة في الشؤون الخارجية وشؤون الأمن والدفاع وإدارة الثروات الموارد الطبيعية .
5. يدار كل إقليم من قبل رئيس إقليم منتخب ومجلس نواب منتخب من سكان الإقليم , وحكومة معينة من رئيس الإقليم ومصادقة مجلس نواب الإقليم , بحسب الصلاحيات الممنوحة لكل منها قانونا .
6. تخضع جميع دوائر ومؤسسات الدولة الإتحادية والأقاليم لإجراءت التدقيق وديوان الرقابة المالية .
7. تكون المحكمة الإتحادية العليا في العراق الحكم الفصل في جميع النزاعات القانونية التي قد تنشب بين الحكومة الإتحادية وحكومات الإقاليم .
8. لا يحق لسطات الإقاليم إصدار تشريعات تتناقض مع تشريعات وقوانين الحكومة الإتحادية .
وبذلك يمكن أن نضمن للعراق وحدة أراضيه وتماسك شعبه وإستقرار أمنه , وتوفير بيئة آمنة لتحقيق تنمية إقتصادية مستدامة , وتقاسم عادل للثروات والتمتع بحياة آمنة ومستقرة دون تهميش أو شعور بالإقصاء , ونزع فتيل كثير من الصراعات الأثنية والدينية والطائفية حيث إن بإمكان الجميع ممارسة طقوسه ومعتقداته دون خوف أو وجل , وسد كل الثغرات التي يمكن أن تنفذ منها مخابرات الدول الأجنبية للعبث بأمن العراق وإستقاره تحت هذه الذريعة أو تلك . ولا نرى ضيرا ببقاء العراق بحكومة مركزية رشيدة أبدا .

حوار مع فاطمة البلغيتي وعمر ازيكي - جمعية اطاك المغربية حول سياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، اجرت
حوار مع د. طلال الربيعي حول الطب النفسي واسباب الامراض النفسية اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وتحليلها، اجرت