|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
خليل إبراهيم كاظم الحمداني
2023 / 3 / 20
لعل ابرز انتصار حققته الإنسانية مع اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 هو الاتفاق العالمي على كون حقوق الانسان متأصلة في الذات البشرية وهي تعبير او نتاج عن الكرامة الإنسانية الأمر الذي يدحض رغبات ونظريات أُخرى تدّعي ان هذه الحقوق ممكنة التداول وممكنة في ان تكون هبة او هدية ، ولم تبدأ مثل هذه النظريات مع الملك جون (ملك إنكلترا الذي فرضت عليه وثيقة الماجنا كارتا) وانما كانت مترسخة في فكر السلطة تأريخيا ًباعتبارها المالكة لكل الرقاب وهي من تهب وتمنع ، ان هذا الإقرار جسّد حقيقة ان الحقوق موجودة ومرتبطة بالذات الإنسانية وتحديدا بالكرامة الإنسانية بغض عن اعتراف الغير بهذه الحقوق او حتى كفالتها الدستورية إذ يكفي ان تعترف بضرورة ان تكون الكرامة الإنسانية مصونة الأمر الذي سيرتب عليها مجموعة من الحقوق كما ان حقوق الانسان ليست مكافأة على السلوك الحسن حسب تعبير مفوض حقوق الانسان الأسبق السيد زيد رعد الحسين حيث انها " استحقاق جميع الناس في جميع الأوقات وفي جميع الأماكن". (1) وحتى ان ايراد كلمة الكرامة قبل كلمة الحقوق في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الانسان "لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم..." وفي المادة الأولى " "يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وقد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء"." هو إشارة صريحة الى ان الكرامة هي أساس كافة حقوق الإنسان.
ترد ابسط تعاريف الكرامة بكونها الإحساس المعنوي بالشَّخصية الإنسانية وارتباطاً بهذا الفهم فأن الحق في حماية الكرامة هو الإحساس المادي بهذه الشخصية وهي مصدر الحقوق الأساسية كلهَّا وحق لا بتجزأ للإنسان ودليل إنسانية الإنسان وهي قيمة موضوعية مطلقة متعلقة بالذات الإنسانية لا تدّرج فيها ولا انقسام .(2)
على الأصعدة الوطنية اتفقت الكثير من ثقافات الشعوب على الترابط الفذ بين الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان، ويمكن ان نرى تجسيد ذلك في دساتير العديد من الدول ومنها دساتير:
1. ألمانيا 1949 (المعدل 2014): الفصل الأول. الحقوق الأساسية > المادة 1. [كرامة الإنسان – حقوق الإنسان - القوة المُلزمة قانونًا للحقوق الأساسية]
"تكون كرامة الإنسان مصونة. وتضطلع جميع السلطات في الدولة بواجبات احترامها وصونها".
2. أوكرانيا 1996 (المعدل 2016) الفصل الأول. مبادئ عامة > المادة 3
"حياة الإنسان وصحته وكرامته وأمنه وحصانته معترف بها في أوكرانيا كقيمة اجتماعية عليا."
الفصل الثاني. حقوق الإنسان والمواطنين، وحرياتهم ووجباتهم > المادة 21: "يتمتع كل الناس بالحرية وهم متساوون في الكرامة والحقوق."
الفصل الثاني. حقوق الإنسان والمواطنين، وحرياتهم ووجباتهم > المادة 28: "لكل شخص الحق في احترام كرامته."
3. إسبانيا 1978 (المعدل 2011) الباب الأول. الحقوق والواجبات الأساسية > المادة 10
"تشكل كرامة الإنسان وحقوقه المصونة المتأصلة وحرية تكوين الشخصية واحترام القانون وحقوق الآخرين أساس النظام السياسي والسلام الاجتماعي".
4. البرازيل 1988 (المعدل 2017) الباب الأول. مبادئ أساسية > المادة 1
"جمهورية البرازيل الاتحادية، المكوّنة من الاتحاد الذي لا ينفصل للولايات والبلديات، إضافة إلى المقاطعة الاتحادية، دولة قانون ديمقراطية قائمة على: الكرامة الإنسانية".
: الباب الثامن. النظام الاجتماعي > الفصل السابع. الأسرة والأطفال والمراهقون وكبار السن > المادة 226
"استناداً إلى مبادئ الكرامة الإنسانية والأبوّة المسؤولة، للأزواج الحرية في تخطيط الأسرة؛ وعلى الدولة توفير الموارد التعليمية والعلمية لممارسة هذا الحق، مع حظر أي إكراه من قبل المؤسسات الرسمية أو الخاصة."
5. البرتغال 1976 (المعدل 2005: المبادئ الأساسية
المادة 1. الجمهورية البرتغالية
"البرتغال جمهورية ذات سيادة، تقوم على الكرامة الإنسانية وإرادة الشعب، وتلتزم ببناء مجتمع حر وعادل ومتضامن."
الجزء الأول. الحقوق والواجبات الأساسية > الباب الثالث. الحقوق والواجبات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية > الفصل الأول. الحقوق والواجبات الاقتصادية > المادة 59. حقوق العمال > 1
"بصرف النظر عن السن، والنوع، والعرق، والجنسية، ومحل الميلاد، والديانة، والقناعات السياسية والأيديولوجية، لكل عامل الحق في:
تنظيم العمل بالتماشي مع الكرامة الاجتماعية وعلى النحو الذي يحقق الذات ويجعل من الممكن التوفيق بين الحياة العملية والأسرية"
الجزء الأول. الحقوق والواجبات الأساسية > الباب الثالث. الحقوق والواجبات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية > الفصل الثاني. الحقوق والواجبات الاجتماعية > المادة 67. الأسرة > 2 "بهدف حماية الأسرة، تلتزم الدولة على نحو خاص بالآتي: تنظيم الإخصاب الصناعي بما يضمن الكرامة الإنسانية"
6. البيرو 1993 (المعدل 2009) الباب الأول. الفرد والمجتمع > الفصل الأول. الحقوق الأساسية للفرد / المادة 1: "الدفاع عن الإنسان واحترام كرامته هما الهدف الأسمى للمجتمع والدولة."
الباب الأول. الفرد والمجتمع > الفصل الأول. الحقوق الأساسية للفرد / المادة 3
"لا تلغي لائحة الحقوق المبينة في هذا الفصل الحقوق التي كفلها الدستور، أو غيرها من الحقوق ذات الطبيعة المشابهة أو المبنية على أساس كرامة الإنسان، ولا تلك المستندة إلى مبادئ سيادة الشعب، وسيادة القانون الديمقراطي، أو الشكل الجمهوري للحكومة."
الباب الأول. الفرد والمجتمع > الفصل الثاني. الحقوق الاجتماعية والاقتصادية/ المادة 7
"لكل شخص الحق في حماية صحته ومحيطه الأسري ومجتمعه، مثلما أنه من واجبه أن يساهم في تنميتهم والدفاع عنهم. ولكل شخص غير قادر على رعاية نفسه بسبب إعاقة بدنية أو عقلية الحق في احترام كرامته وفي نظام للحماية والرعاية والتأهيل والأمن. الباب الأول. الفرد والمجتمع > الفصل الثاني. الحقوق الاجتماعية والاقتصادية > المادة 23
"لا يمكن لعلاقة العمل أن تحد من ممارسة الحقوق الدستورية، ولا أن تنكر كرامة العامل أو تزدريها.
7. الكويت 1962 (أعيد تفعيله 1992) / التمهيد:" وسعيا نحو مستقبل أفضل ينعم فيه الوطن بمزيد من الرفاهية والمكانة الدولية ويفيء على المواطنين مزيدا كذلك من الحرية السياسية والمساواة والعدالة الاجتماعية ويرسي دعائم ما جبلت عليه النفس العربية من اعتزاز بكرامة الفرد وحرص على صالح المجموع وشورى في الحكم مع الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره"
الباب الثالث. الحقوق والواجبات العامة/ المادة 29:" الناس سواسية في الكرامة الانسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين
8. المكسيك 1917 (المعدل 2007): الباب الأول / الفصل الأول. الضمانات الفردية > المادة 1"تُحظر جميع أشكال التمييز على أساس الأصل العرقي أو القومي، أو الجنس، أو العمر، أو الإعاقة، أو الوضع الاجتماعي، أو الحالة الصحية، أو الدين، أو الآراء، أو الأفضليات، أو الوضع العائلي، أو أية أشكال أخرى من التمييز تنتهك الكرامة البشرية وتهدف إلى تقييد أو تقليص حقوق وحريات الأشخاص.
الباب الأول > الفصل الأول. الضمانات الفردية > المادة 3 > 2: "يستند المعيار التوجيهي لذلك التعليم على نتائج التقدّم العلمي، ويُحارب الجهل وآثاره، والرق والتعصب، والإجحاف. وعلاوة على ذلك:
يُسهم في خلق علاقات إنسانية أفضل، ليس فقط من خلال تعزيز وغرس الإيمان بالمصلحة العامة للمجتمع، إضافة إلى احترام كرامة الفرد وسلامة الأسرة، بل أيضاً من خلال الاهتمام بمُثُل الأخوّة والمساواة في الحقوق بين جميع الناس، وتَجنُّب منح الامتيازات على أساس عرقي، أو ديني، أو طبقي، أو جنسي أو فردي.
الباب الأول > الفصل الأول. الضمانات الفردية > المادة 25/ " الدولة مسؤولة عن توجيه التنمية الوطنية، وتضمن شموليتها واستدامتها وتعزيزها لسيادة الدولة ونظامها الديمقراطي وتحقيقها لذلك من خلال دعم النمو الاقتصادي والتوظيف والتوزيع الأكثر عدالة للدخل والثروة، والممارسة الكاملة للحرية والكرامة من قبل جميع الأفراد والمجموعات والطبقات الاجتماعية، التي يضمن هذا الدستور حمايتها.
9. بلجيكا 1831 (المعدل 2014) / الباب الثاني. البلجيكيون وحقوقهم / المادة 23 " للجميع الحق في حياة تتوافق مع الكرامة الإنسانية.
"تعمل القوانين والأعراف والقرارات المشار إليها في المادة 134 على تحقيق هذا الهدف، آخذة بعين الاعتبار الواجبات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما تعمل على تحديد الظروف اللازمة لممارسة هذه الحقوق. من أهم ما تشمل هذه الحقوق: الحق في الحصول على وظيفة، والاختيار الحر لأي نشاط مهني في إطار سياسة التوظيف العامة التي تهدف من بين أشياء أخرى إلى ضمان أعلى مستوى مستقر من التوظيف، الحق في الحصول على ظروف وظيفية عادلة وأجر عادل، بالإضافة إلى الحصول على المعلومات والاستشارات والتفاوض الجماعي، الحق في الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية والعون الطبي والقانوني والاجتماعي؛ الحق في العيش في سكن لائق؛ الحق في التمتع ببيئة صحية؛ الحق بالتمتع بالاكتفاء الثقافي والاجتماعي؛ الحق في الاستحقاقات العائلية.
10. بولندا 1997 (المعدل 2009) / : تمهيد "ونهيب بكل أولئك الذين سيطبقون هذا الدستور لخير الجمهورية الثالثة أن يفعلوا ذلك مولين الاحترام للكرامة المتأصلة لدى الفرد، وحقه في الحرية، والتزامه بالتضامن مع الآخرين، وباحترام هذه المبادئ بوصفها الأساس الذي لا يتزعزع لجمهورية بولندا.
11. جنوب أفريقيا 1996 (المعدل 2012) / الفصل 1. الأحكام التأسيسية >" 1. جمهورية جنوب أفريقيا: جمهورية جنوب أفريقيا دولة ديمقراطية ذات سيادة تقوم على القيم التالية- الكرامة الإنسانية وتحقيق المساواة والنهوض بحقوق الإنسان ودعم حرياته."
الفصل 2. وثيقة الحقوق: 10. الكرامة الإنسانية " لكل شخص كرامة متأصلة وله الحق في احترامها وحمايتها."
الإعلان العالمي لحقوق الانسان بين العالمية والعولمة
ان قصدية تسمية اعلان حقوق الانسان بانه عالمي وليس دولي او انساني كانت الإشارة الأولى الى نوايا محرريه بانه موجه لسكان هذا الكوكب وهو نفس التوجه القصدي عند اعلان (إعلان حقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789) وتمت تسُميتهَّ بالإعلان العالمي تأكيد صريح على عالمية الانسان وفي أي سياق اقتصادي أو اجتماعي او ثقافي يكون فيه وأود ان اثبت بعض النصوص ذات الصلة تأكيداً لهذه الافكاروالتي وردت في المؤتمرات الدولية لحقوق الانسان، الإشارة الأولى من المؤتمر الدولي الأول لحقوق الإنسان الذي عقد في طهران للفترة من 22 نيسان/أبريل إلى 13 أيار/مايو 1968 فقد جاء في إعلانه النهائي ما يلي:
1. أن من الواجبات التي لا مفر منها أن يفي جميع أعضاء المجتمع الدولي بالالتزامات التي أخذوها على أنفسهم أمام الملأ بالعمل والتشجيع علي احترام ما للجميع من حقوق الإنسان والحريات الأساسية دونما تمييز لأي سبب كالعنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا وغير سياسي،
2. وأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يمثل تفاهما تشترك فيه شعوب العالم علي ما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من حقوق ثابتة منيعة الحرمة ويشكل التزاما علي كاهل أعضاء المجتمع الدولي.
وفي موضع آخر يشير الإعلان الى:
5. وأن الهدف الرئيسي للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان هو أن يتمتع كل إنسان بأقصى الحرية والكرامة. ومن أجل تحقيق هذا الهدف ينبغي لقوانين كل بلد أن تمنح كل فرد، بصرف النظر عن عنصره أو لغته أو دينه أو معتقده السياسي، حرية التعبير والإعلام والضمير والدين، وكذلك حق المشاركة في حياة بلده السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
ليخلص في توصيته النهائية الى
((فإن المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان،
1. ....
2. يحث جميع الشعوب والحكومات على الولاء الكلي للمبادئ المجسدة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وعلى مضاعفة جهودها من أجل توفير حياة تتفق مع الحرية والكرامة وتفضي إلي الرفاهة الجسدية والعقلية والاجتماعية والروحية للبشر أجمعين
الإشارة الثانية من المؤتمر الدولي الثاني لحقوق الانسان الذي عقد في فيينا للفترة من 14 إلى 25 حزيران/ يونية 1993 والتي نقتبس بعض نصوص بيانه الختامي ما يلي:
الديباجة (وإذ يؤكد أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يشكل المثال المشترك الذي ينبغي أن تحققه الشعوب كافة والأمم كافة، هو مصدر الإلهام، وقد اتخذته الأمم المتحدة أساسا لإحراز التقدم في وضع المعايير علي النحو الوارد في الصكوك الدولية القائمة لحقوق الإنسان، وخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.)
التوصيات أولا
يؤكد المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان من جديد التزام جميع الدول رسميا بالوفاء بالتزاماتها المتعلقة بتعزيز احترام جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع ومراعاتها وحمايتها علي الصعيد العالمي وفقا لميثاق الأمم المتحدة والصكوك الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان والقانون الدولي. ولا تقبل الطبيعة العالمية لهذه الحقوق والحريات أي نقاش.
وفي هذا الإطار، يعتبر تعزيز التعاون الدولي في مجال حقوق الإنسان أساسيا لتحقيق مقاصد الأمم المتحدة تحقيقا كاملا.
وإن حقوق الإنسان والحريات الأساسية هي حقوق يكتسبها جميع البشر بالولادة، وإن حمايتها وتعزيزها هما المسؤولية الأولي الملقاة على عاتق الحكومات.
........
5. (جميع حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة، ويجب علي المجتمع الدولي أن يعامل حقوق الإنسان علي نحو شامل وبطريقة منصفة ومتكافئة، وعلي قدم المساواة، وبنفس القدر من التركيز. وفي حين أنه يجب أن توضع في الاعتبار أهمية الخاصيات الوطنية والإقليمية ومختلف الخلفيات التاريخية والثقافية والدينية، فإن من واجب الدول، بصرف النظر عن نظمها السياسية والاقتصادية والثقافية، تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
يتبع................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) ينظر https://news.un.org/ar/story/2018/11/1022111 تاريخ المشاهدة 14 آذار مارس 2023
2) د. فتحي جوهر المزوري – كرامة الإنسان في الكتب السماوية – ص 20
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |