|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
محمد رضا عباس
2023 / 3 / 8
اذا كان يوم 1 أيار يوم عالمي يخلد نضال الطبقة العاملة من اجل حقوقها المشروعة , فان من حق أطفال العراق ان يكون يوم 30 أيلول من عام 2004 يوما عالميا للأطفال الذين سقطوا على يد الإرهاب واخذ حقوقهم منه . في مثل هذا اليوم فجع العراق واخياره بجريمة يندى لها جبين الإنسانية وابكت السماء . في مثل هذا اليوم سرق الالئام ضحكات أطفال بعمر خمسة سنوات واذهلت الأمهات من فظاعة الحدث . مثل هذا اليوم كشف دعاة الإسلام , ظلما وزورا , عورتهم وسجاياهم الوحشية امام أطفال صغار جاءوا يتراكضون فرحين لصوت فرقة موسيقية وهي تعزف اللحان البهجة بمناسبة افتتاح مشروع ينفع حي العامل من بغداد الفقير . في مثل هذا اليوم نفذ اكلي لحوم البشر عملية خطط لها مسبقا بكل تفصيل ودقة لقتل اكبر عدد من العراقيين, ولكن هذه المرة الانتقام من الاطفال في هدر دمائهم ليكونوا , كما يزعمون , اقرب الى الله والجنة التي وعد بها الزرقاوي . لقد قام القتلة وأصحاب الضمائر الميتة بأرسال ثلاث سيارات ملغومة تفجر تباعا . فعندما انفجرت السيارة الأولى بين الأطفال الملتفين حول محطة جديدة لتكرير المياه المبتذلة في حي العامل الشعبي هرع الرجال والنساء الى مكان الحادث للتأكد على صحة أطفالهم , ولكن رسل الموت لم تسمح لهم بالوصول الى مكان الحادث و فلذة اكبادهم , ومعرفة ما حدث ,حيث جابهتم سيارتين اخرتين مفخختين مما قضوا على معظمهم .
لم نسمع او نقرأ من قبل عن طريقة القتل هذه في تاريخ الأعراف الجاهلية الأولى ولا الاخرة . انها تمني عن حقد لا يحمله الا من لا ضمير له ولا شرف او بصيص من الإنسانية . كانت حصيلة هذه الغزوة 45 شهيدا , 42 منهم أطفال , 92% من مجموع الشهداء , إضافة الى 208 جريحا , لم تستطع مستشفى اليرموك من استيعابهم فارسل الكثير منهم الى مستشفى امراض الجملة العصبية في مدينة الكاظمية . كان عدد ضحايا الامريكان عشرة جرحى فقط كما اذاعتها وسائل " المقاومة " العراقية.
اعترف بتنفيذ العملية الجبانة جماعة " الجهاد والتوحيد " والتي ازعجت حتى " هيئة علماء المسلمين" القريبة و المتعاطفة مع الجماعات " المقاومة " قالت في بيانها " ان عملية التفجير و ملاحقة رجال الشرطة لا تمت الى الإسلام بصلة ومنفذيها انتحاريون مصيرهم جهنم وبئس المصير ". بينما كان بعض الناس القريبون من المستشفيات في وقت نقل الشهداء والجرحى من الأطفال يصرخون " هذا ليس جهادا . هذا ضد الإسلام الذي براء من هذا . لقد شوهوا صورة المقاومة ".
ولكن عويل الإباء والامهات الثكالى بأطفالهم لم يسمعه الاعلام العربي وتجاهل نقله. قناة " الجزيرة " إذاعته قالت فيه " التفجيرات استهدفت الأمريكيين ولكن الضحايا كانوا عراقيين ", ولم تذكر القناة عدد الأطفال الذين سقطوا في هذه التفجيرات , بينما ذهبت بالتفصيل لحدث اخر وقع في مدينة الفلوجة يذكر فيه عدد الذين اسقطوا في العملية ومن هم حيث جاء في الخبر " قصف القوات الامريكية لمدينة الفلوجة خلف ثلاث قتلى من النساء والأطفال ". اما " العربية" فقد اذاعت الخبر من " ان جماعة الجهاد والتوحيد أعلنت مسؤوليتها عن عملية التفجير التي خلفت عشرات القتلى والجرحى" , دون ذكر عدد هؤلاء القتلى والجرحى او أعمارهم . لقد كانت كلا المحطتين تصف شهداء الإرهاب في العراق بالقتلى وهو شان الم العراقيون واشعرهم بالوحدة والخذلان في هذا العالم الظالم , حتى أتذكر ان احد أعضاء البرلمان العراقي وقف امام المحطات الفضائية العربية وهو يصرخ " نحن أيضا عرب , نحن أيضا مسلمون ".
لم يستسلم العراقيون لهذه الجريمة ووقف مع اهل الضحايا جميع أبناء العراق النجباء وكان في مقدمتهم الكتاب والشعراء الذين ارخوا هذه الحادثة الأليمة وكان منهم كامل السعدون . هذا العراقي الشهم وقف مع التغيير منذ يومه الأولى وعاش احزانه و افراحه , ولكنه انقطع عن الكتابة او ربما استعمل اسما اخر خوفا من القتلة المجرمين ولكني ما زلت افتقده .هذا العراقي الشهم كتب شعرا بعد يومين من الحادث تحت عنوان " مرثية لحي العامل " جاء فيه:
جفل العلياء بعليائه
دمعت عيناه
وتململ سخطا اذ وافاه
ملاك الموت بكم من أجساد
صغار " العامل"
جفل الرحمن
بكى
اجهش من حنق
رباه
ثلاثون حسينا مقتولا من عطش
يأتون بذات اللحظة
جفل الرحمن واغلظ بالقسم القدسي
بان
لن يقبل (ضاري) وعظه
جفل الرحمن
واسرى صوب العامل
متبوع بالأرواح الغضة
صعق العامل
اجهش بالحزن الرباني العامل
وارتفعت كل كفوف العباس المقطوعة
تشكو ظلم الاعراب
وفقه الاعراب
وبؤس الكلم المكتوب بقصر معاوية الكذاب
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |