معاهدة واد راس: وصمة عار في تاريخ المغرب

إلياس شتواني
2023 / 2 / 26

حرب تطوان (أو حرب أفريقيا كمى يعرفها الإسبان)، وقعت سنتا 1859 و 1860 بين إسبانيا و المغرب . جرت الحرب في سياق تاريخي تميز بتزايد الأطماع الاستعمارية الأوروبية في أفريقيا، وبعد هزيمة المغرب في معركة إيسلي أمام فرنسا. أتت الحملة العسكرية الإسبانية لسنة 1859 كردّ فعل على التصعيدات العسكرية التي كانت تحدث في هوامش الجيوب و الثغور الإسبانية في شمال المغرب، والتي كانت تقودها قبائل محلية.
بعد تفوقها على الجيش المغربي في معركة تطوان في فبراير 1860، وسيطرتها على المدينة، قرر قائد الجيش الإسباني، ليوبولدو أودونيل، محاصرة مدينة طنجة. حاول الجيش المغربي، بقيادة العباس بن عبد الرحمن، شقيق الملك محمد الرابع، ردع الهجوم في موقع واد راس، إلا أنه مِني بهزيمة أنهت الحرب لصالح اسبانيا. أجبرت الهزيمة الملك محمد الرابع على توقيع معاهدة سلام تضمنت بنودا مجحفة و مذلة للمغرب.
هذه المعاهدة تسمى معاهدة واد راس، تم توقيعها في 26 أبريل 1860 في تطوان، و أتت كخاتمة للحرب. عمقت بنود المعاهدة جروح المغرب في تلك الحرب، عبر منحها تنازلات كبيرة لإسبانيا، نذكر من أهمها:

توسيع مساحة سبتة إلى غاية مواقع جبل بليونش وجرف أنجرة. (البند 3)
تعيين لجنة مشتركة مغربية إسبانية تتكون من مهندسين للترسيم الدقيق للحدود. (البند 4)
إلزام ملك المغرب بتوفير حاميات عسكرية على رأسها قايد أو عامل مخزني، في محيط الثغور الإسبانية لمنع ومعاقبة القبائل المغربية المعتدية على المواقع الإسبانية. (البند 6)
تفويت مساحات واسعة، في محيط القلعة المعروفة لدى الإسبان بسانتا كروث البحر الأصغر (Santa Cruz de la Mar Pequeña)، المتواجدة جنوب المغرب، وهي التي ستعرف لاحقا بإيفني. و يرجع تاريخ بناء القلعة إلى فترة الملكة إيسابيل الكاثوليكية. (البند 8)
دفع المغرب لتعويض حرب لفائدة إسبانيا بقيمة 400 مليون ريالات (أو ما يكافئ 20 مليون دورو). (البند 9)
استمرار استعمار إسبانيا لتطوان وللمجال الترابي لباشويتها، إلى غاية دفع التعويض. (البند 9)
إنشاء بعثة تبشيرية إسبانية في فاس، وإلزام المغرب بتأمين نشاطها الدعوي في كل ربوع المغرب. (البند 10)
بناء كنيسة كاثوليكية إسبانية في تطوان، بعد جلاء القوات الإسبانية (البند 11).
حصول إسبانيا، و ثغورها بشمال المغرب، على وضعية الأفضلية العليا في المبادلات التجارية بين البلدين. (البند 13)
تمكين الثغور الإسبانية شمال المغرب (سبتة و مليلية و باقي المواقع السيادية) من الشراء والتصدير الحر للأخشاب المستغلة من الغابات المحيطة بتلك المواقع. (البند 15)

تسبق هذه المعاهدة حدثًا أكثر أهمية، وهو مؤتمر مدريد سنة 1880. و الذي بموجبه حظيت الدول الأوروبية بحرية امتلاك أراضي وملكيات في المغرب استثمارا وتجارة طالما اعترفت بسيادة المغرب واستقلاله.
لم يستطع المؤتمر الحد من زيادة الضغط الفرنسي والإسباني في المغرب على مر الزمن، الشيء الذي انتهى بالمغرب الى الوقوع في براثن الاستعمار و تحت سطوة النزعة الامبريالية التوسعية. هذه المعاهدة هي مثال قوي على كيف أن النظام المغربي، بكل ساسته و مثقفيه، انتهازي، انهزامي، فاتر، خانع، وضعيف. المغرب، على الرغم من أنه تمكن من الحصول على استقلاله بعد صراع طويل وشاق، إلا أنه لا يزال دولة فاشلة. تثبت المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية العديدة التي تحيط بالبلاد أنه بعد ما يقرب من سبعين عامًا من الإدارة الذاتية، فشلت السلطة الهرمية التي يقودها الملك بشكل واضح في استحضار أو تبني خطة سياسية ناجحة قد يكون للمواطن المغربي من خلالها أخيرا هدف سامي للعيش و للحياة.

حوار مع الكاتب الفلسطيني نهاد ابو غوش حول تداعايات العمليات العسكرية الاسرائيلية في غزة وموقف اليسار، اجر
حوار مع الكاتب الفلسطيني ناجح شاهين حول ارهاب الدولة الاسرائيلية والاوضاع في غزة قبل وبعد 7 اكتوبر، اجرت