|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
عزالدين معزة
2023 / 2 / 20
"يُعبّر الشعب عن حرصه لترجمة طموحاته في هذا الدستور بإحداث تحولات اجتماعية وسياسية عميقة من أجل بناء جزائر جديدة، طالب بها سلميا من خلال الحراك الشعبي الأصيل الذي انطلق في 22 فبراير 2019."
ديباجة دستور 2020
تحتفل، الجزائرغدا يوم الأربعاء 22 فبراير، المصادف للذكرى الرابعة للحراك الشعبي السلمي المبارك، الذي أظهر صورة مدى تحضر الجزائريين والتفافهم مع الجيش الوطني الشعبي. في لحمة قوية رافعين شعار " شعب جيش خاوا ـ خاوا " ضد الفساد والمفسدين أينما كان موقعهم ومناصبهم،
في الجزائر الديمقراطية والشعبية لا يحق للمواطن، انتقاد سوء أداء رجال السلطة والعدالة في دولة شعارها من الشعب وبالشعب وتصدر الاحكام باسمه على عكس ما ينص عليه الدستور والقوانين العضوية؟ لقد جعلها الرئيس بوتفليقة عبد العزيز المخلوع في اعلى قمة الفساد والنهب والظلم
وهكذا أدى تجريم الانتقاد بالوصاية على الجزائر إلى تحويلها الى مغارة علي بابا وساحة تتنافس فيها مختلف اشكال الفساد الذي مس جميع الأجهزة النبيلة للدولة من البلدية الى الرئاسة، خاصة في العهدتين الأخيرتين من عهد الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة. حيث اصبح مؤسسة رسمية تحت حماية العصابة بدءا من رئاسة الجمهورية.
ففي الجزائر يوجد الآن ثلاثة رؤساء حكومات وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين في السجن المدني بما فيهم وزير للعدل، وفي السجن العسكري عدد كبير من أصحاب الرتب العسكرية العالية بسبب انتعال القانون و كل هذا جراء سياسة اللاعقاب و سياسة الكيل بمكيالين قبل التسونامي الذي ضرب الجزائر في 22 فيفري 2019 .
وعليه فإن سجن رؤساء الحكومات والوزراء وكبار الضباط الذين ساهموا في النهب والفساد، ظاهرة صحية ويجب أن تستمر في الزمن إذا أردنا أن تستمر الجزائر قائمة.
لقد كرر الرئيس عبد المجيد تبون، عبارته الشهيرة (اللي يغلط يخلص) وهذا أمر جيد ومشجع جدا على بناء جزائر جديدة يسود فيها العدل والقانون فوق الجميع.
لم يكن لأحد يتصور أن يخرج الشعب الجزائري يوم 22 فبراير 2019، بهذا الحجم والسلمية والتحضر والوعي ورفض العهدة الخامسة للرئيس المخلوع ، مما جعل المخلصين من أبناء هذا في كل المناصب السياسية والعسكرية يقفون مع الحراك ، ما عزز سلمية الحراك وزاده قوة وانتشارا عبر ربوع كل الوطن، حتى وصل صداه إلى جميع انحاء العالم وتناولته كل وسائل الاعلام العالمية بمختلف أنواعها، مما أدهش العالم وخاصة الغربي الذي كان يؤكد دائما أن الشعب الجزائري وجيشه لا يمكن ان يلتحما أبدا باعتبار أن الجزائر دولة عسكرية خاضعة لحكم الجنرالات، أضف الى نظرة الغربيين السلبية للجزائريين والعرب بصفة عامة بأنهم شعب همجي فوضي متوحش وغير متحضر لا يعبر عن غضبه سوى بالدمار والتخريب والقتل مرجعيتهم في ذلك حوادث أكتوبر 1988 والعشرية الدموية التي ذهب ضحيتها حسب بعض الاخبار "غير الموثوقة" اكثر من 250 الف جزائري وما صاحب ذلك من تخريب للبنية التحتية والاقتصاد الوطني
حدث الحراك الشعبي المبارك في يوم الجمعة 22 فيفري 2019 التي تميزها دائما
الأحداث الرياضية والصلاة في مساجد الوطن، لا تتخلل أيام الجمعة أي حادث معين. الملاعب مثل المساجد هي عمليا الأماكن الوحيدة التي تتدفق إليها الجموع البشرية
تلك أماكن ومساحات، ملاجئ قديمة ومعتادة حيث يأتي الوجود البشري المحمل بالهموم لتفريغ غضبه، والمعتدى عليه، والغاضب، والمضطرب، وحتى الغارق، لاستخلاص بعض العزاء -وأكثر من العزاء لإعطاء أنفسهم وهم بعض القوة أو بعض الأسباب للتغيير. أماكن المشاورات الصامتة ، والاتفاقات الضمنية ، والمنتديات الضيقة للخيال الجماعي ، والمطالب المشتركة ولكن المحبطة دائما.
ودون أن يكون هذا قادرا على تحفيز أي شخص بأي شكل من الأشكال، أو إلهام أي مسار مقبول للتغيير ، فإن المصائر كلها مرسومة ضد إرادة الجميع ، وتواصل طريقها تتخللها أيام قاتمة ، وليالي لطيفة ، وسنوات وشهور وايام متكررة في روتين وفي نفس القارب القديم بدون معالم ولا بوصلة ولا مشروع مجتمع ولا انطلاقة حضارية لفترة طويلة جدا ، والتي توقفت عن ضمان رفاهية مستخدميها ومجموعة الوعود في أماكن أخرى. بقي كل شيء عبثا.
قارب ضعيف يعيد إلى ضوء النهار الجموع البشرية، التي ، منذ كابوسها الكبير ، تتمسك قدر استطاعتها ، على أمل الساعة المهيبة التي تدعى في جميع الصلوات.
بينما أبحرنا في الغموض
في هذه الحالة الكئيبة والغموض والفساد والظلم والنهب، تنتزع النفوس ببطء الدقائق والساعات والأيام التي يمنحها الوقت للعد. يكفي أن نقول إننا كنا نبحر في موجة من روتين غير واضح وممل، مذهولين بالإحباط والخوف على الجزائر مما تفعله عصابة الرئيس المخلوع، نغرق في صمت خطير. الجزائريون باختصار أصبحوا يائسين متعبين من قوة الفساد وجبروته. لقد سعوا عبثا لإعطاء معنى لوجودهم ولوطن مليون ونصف المليون من
الشهداء.
ولكن ، بينما توقفت أحلام من أجل حياة أفضل ، فإن الضغط يساعد ، يحدث فجأة ، تحت تأثير بعض القوة ، مما يزعجه في جمعة 22 فبراير 2019 ، كانت مثل قصف رعدي ضخم في سماء الصباح الجزائري المتوهجة. القوة في الواقع أن يقول المرء غامضا ومعجزة لأنه كان يعتقد أنه ولد من لا شيء وعفوي.
الشعب الجزائري مُسالم بطبعه ومحب لوطنه وللحق والعدل ودولة المؤسسات، شعب صبور ولا يريد دخول البلاد في الفوضى رغم حدّة الأزمات المتعددة، التي كان يعيشها في عهد الرئيس المخلوع خاصة في العهدتين الأخيرتين من حكمه
إضافة إلى ذلك، هناك عامل مهم يكمن في أن الشعب الجزائري مسالم. الفقراء مسالمون بطبيعتهم. مطالبهم بسيطة جدا عمل وسكن وغذاء وعلاج وتعليم لأبنائهم أضف إلى ذلك هناك تجربة العشرية الدموية ومآسيها والناس لا تريد العودة إليها،
في الواقع، هذا ليس هو الحال. بالتفكير في الأمر، نرى أنه كان طموحا جماعيا تبلور لدرجة جعله رغبة وحاجة ملحة. بمعنى آخر، فكرة الحمل في كل من الرجال وفي كل من النساء، والتي تصبح أكثر صرامة وأقوى، تصبح الإرادة والتصميم. وفي الواقع يصبح نفسا عاما ونية متحركة لاستعادة حتمية للنظام المشوهة بروح العشيرة، وشهية الكسب، وقوانين الغاب.
أمل لا يقهر
ليس هناك أشرف من محاربة الفساد في كل القطاعات العامة والخاصة ومعاقبة مرتكبيها، لأن بعض الناس تنطبق عليهم للأسف مقولة: "من أمن العقاب أساء الأدب"
ابسطوا الشفافية وحرية الصحافة ولن تكونوا بحاجة للدعوة الى ( الابتعاد عن الخوف والتحلي بالجرأة في اتخاد القرارات )
فالمسؤول النزيه لا يخشى سوى الله وضميره ، وعلينا تطليق الديماغوجيا والعودة الى دولة القانون فوق الجميع ، فلدينا من الاجهزة المكلفة بمحاربة الفساد فوق اللزوم بل يساهم بعضها في تمييع الفساد اكثر من محاربته بفعل بيروقراطيتها ومحدودية استقلاليتها و تضارب القوانين ، فالذين تمت متابعتهم ليس بسبب اخطاء في التسيير وانما لارتكابهم جرائم اقتصادية في حق المال العام عن سبق اصرار وترصد قاموا بها تحت الأعين الساهرة ، فالقول بإسناد التحريات في اطار كشف حالات الفساد الى مؤسسات مركزية دون تعديل قانون محاربة الفساد الذي كان يربط تحريك الدعوى بتقديم مجلس الادارة لشكوى ضد المدير أو ما دونه وعدم صلاحيات المحاكم الابتدائية النظر في ملفات الفساد لوجود القطب المالي والاقتصادي الذي لا يستقبل ملفات الفساد من المواطنين بل من الجهات الأمنية بعد تحريك النيابة للدعوى العمومية . لقد ساهمت مجالس الادارة في تسمين الفساد كما تفعل الان المادة 296 من قانون العقوبات التي تتعلق بالقذف حتى لو تعلق الأمر بصحة الوقائع، فمن هو الموظف الغبي الذي سيجازف بالتبليغ عن الفساد كون مجلس الادارة على علم وشريك في الفساد منذ بداية تكوينه بطريقة أو أخرى ..
يستحق هذا اليوم التخليد لأن الكثير كان يراهن وقتها على نهاية الجزائر مثلما راهنوا على ذلك خلال العشرية السوداء التي مرت بها بلادنا” ليؤكد الشعب الجزائري مرة أخرى التمسك بالجزائر والحفاظ على أمانة الشهداء الذين ضحوا بحياتهم لكي يعيشوا هم في كنف الحرية والاستقلال.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |