|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
راندا شوقى الحمامصى
2023 / 1 / 30
في هذه المحاضرة يسأل دكتور حكيم عدة أسئلة رئيسية:
من أنا؟
أين أنا في رحلة الحياة ؟
ماذا يمكنني ممارسته؟
كيف لى أن أكتسب المعرفة؟
أين أريد أن أذهب؟
من هو الذى أريد أن أكون؟
أهلا، أهلا، أسمحوا لى أولا بمحاولة وضع لمسات قليلة في غضون الخمس دقائق القادمة قبل إكتمال الحضور في تعريف بعض الإفتراضات والتعاليم البهائية بشكل عام. في الواقع يعتقد البهائيون أن جميع رسل الله جاءوا من نفس المصدر خلال أوقات مختلفة و جاءوا بتعليمات لإدارة وتنظيم الأمور الإنسانية. الله لا يترك عباده وحدهم، و يظل بإستمرار في إرسال هؤلاء الرسل في جميع الأوقات وذلك لتثقيف الإنسانية. البهائية تؤمن بوحدانية الدين وهذا الدين يأتى على جرعات تصاعدية يرسلها الله عندما يحين الوقت و يتطلب تعليم البشرية كيفية التفاعل الإجتماعى وأي نوع من المعرفة التي يحتاجونها ليتعايشوا و يتكاثروا. ومن المفارقات أن البهائيين يعتقدون أن الحضارة مقدرة سلفاً وأننا سوف لن ندمر أنفسنا، بل هناك مستقبل مشرق أمامنا. معظم هذا المستقبل الذى ينتظرنا هو محصلة ما جاءت به الروح القدس أو كلمة الله التى بعثها لنا. لذلك نحن لا نفرق بين الزرادشتيين أو المسيحيين أو غيرهم، فقد جاءت جميع الأديان من نفس الإله، و ظل استمرار هذا الانتشار الكبير من كلمات الله طوال تاريخ البشرية. لذلك ليس لدينا كافر بيننا، وأنهم جميعا على قدم المساواة بقدر ما يعنى الدين لنا. و لماذا أن هذه المظاهر الإلهية (الرسل) لم تجلب هذه القوانين و الشرائع في وقت مبكر بما فيه الكفاية؟ لأن البشرية لم تكن ناضجة بما فيه الكفاية لتكون قادرة على فهمها. ففي الوقت الذي قدَّم فيه يسوع (المسيح) مفهوم الروح كان خروجا تاما على التقاليد السارية لأن الناس كانوا يعتقدون عندما ما يموت جسد الإنسان فإنه يتحول إلى تراب و لا يبقى منه شيء، و ما كانوا ليعتقدوا أن أي جزء من أنفسهم سيظل باقياً هنا أو هناك. وبالتالي كانوا يرون أن استمراريتهم هى من خلال منحهم ثقافتهم لأطفالهم، ولذلك عندما جاء يسوع بمفهوم الروح كان صعباً بالنسبة لهم، وأنهم لا يمكن أن يفهموه لأنهم لم يستطيعوا وضع أيديهم عليها ولمسها. و قد ذكرنا فى المحاضرات السابقة أن قصة حواء و آدم وضعها المجلس الكنسى حتى يفهم الناس معضلة الروح، و قد صدق بصحتها الإسلام. فهذه الأفكار تعتمد على مدى نضج الإنسانية، و هذه الإرشادات تصبح أوسع وأوسع مع معرفة أحدث تأتينا من خلال مظاهر الله وتجعلنا أوثق وأقرب إلى العصر الذهبي للحضارة البشرية.
فى المحاضرة السابقة تطرقنا الى كيف بدأ الدين البهائي خلال عهد الأسرة المالكة القاجارية فى إيران القرن التاسع عشر، و من الواضح ان الغالبية العظمى من المؤمنين البهائيين الأوائل كانوا من المسلمين و قد جاءوا من الشيعة الإثنى عشرية، خصوصا الشيخية. وكانوا يعتقدون بحلول نهاية آخر الزمان بقيادة الشيخ أحمد الإحسائى الذي خلق حركة جديدة والتي كانت على خلاف مع الشيعة الإثني عشرية فى فهم و تأويل علامات يوم القيامة. و انه إستند على مضامين التصوف و أن بعض الأفكار والعناصر في القرآن الكريم التي تصف آخِر الزمان ما هي إلا استعارية فى حقيقتها و ليست مادية مباشرة. على سبيل المثال أن تسقط النجوم على الأرض، والذي لن يحدث مادياً لأنه من شأنه أن يكون له نتائج عكسية وسوف لن يظل هناك شيئ باق على الأرض اذا سقط نجم واحد. هكذا كيف أن البهائية نمت بتوسيع نطاق أفكار الشيخ أحمد الإحسائى وتلميذه كاظم الرشتى الذين كانا يبحثان عن مجيء المسيح (الثانى) و الذي كان وشيكاً. وكيف أننا تطرقنا إلى مفهوم التصوف في ذلك الوقت أو العرفانية بشكل عام، وكيف أن حضرة بهاء الله نقلنا (و الإنسانية) من العرفانية التقليدية ذات الخصوصية و المختصرة على فئة معينة من العرفانيين الى العرفانية البهائية العامة لكل فرد من خلال الوديان السبعة و الوديان الأربعة، و أن الكون ينقسم الى عدة عوالم إلهية بشكل عام. و هنا حيث انتهت بنا المحاضرة السابقة و ها نحن الآن بصدد مفهوم تقييم الذات ونحاول حقا أن نصفه بأنه التطبيق العملى للمعتقد البهائى و مبادئه الذى فيه اتفاق العلم والدين و أنهما (العلم و الدين) يهدفان الى شئ واحد و أنهما إمتداد لبعضهما البعض. بل ويقول حضرة عبد البهاء إذا ما كان الدين في تناقض مع العلوم المعروفة، فثم أن الدين هو الخاطئ (نتيجة لفهمه خطأ) وأنه لا ينبغي أن يكون، لأن حقيقة الواقع المادي والواقع الروحي هي استمرار للواقع نفسه أى للحقيقة الكلية، لذلك لا ينبغي أن يحدث الصراع بين الدين والعلم بشكل عام. هناك العديد من الأفكار ذات الصلة بالتصوف أو جاءت منه، فالصوفية لديها توجهات مثيرة جدا للاهتمام خاصة مفهوم وحدة الوجود الذى يعني أن في كل فرد "قطعة" من الله وأن من مجموع هذه "القطع" لجميع هؤلاء الناس يكون (ينتج) في الواقع هو الله. و تطرقنا أيضاً الى نقطة مثيرة للاهتمام جدا و هى أن التصوف كان هو المركبة لانتشار و بث الإسلام في الشرق الأوسط والشرق الأقصى كله، حيث وصل إلى الصين، الفلبين، وهكذا دواليك. التصوف، في الواقع، هو أيضا المانع الذى منع الإمبريالية الأوروبية من إختراق تلك المناطق، و التي كانت قبل عصر النهضة الأوربية، أى الأراضي الإسلامية، أكبر ثلاث مرات من الأراضي المسيحية. فقد إنتشر الإسلام في العالم كله تقريبا و كان هو الدين السائد في ذلك الوقت. ما أريد القيام به فى المحاضرة اليوم هو وصف بعض من سلوكنا وخصوصا أولئك الناس من هم مثلي من ذوى البشرة الداكنة و لديهم بعض من هذه الأفكار التي جاءت من التصوف و التي حقا لا تسمح لنا بترقية ذواتنا. وحتى يصبح من الواضح لدينا أن نصدق بالدين الجديد الذي يصف الواقع الحقيقى بالطريقة التي يُفترض أن تكون، و بمجرد معرفتنا للواقع وتطبيقه فنحن يمكن أن نخلق ذلك التقدم المنشود، و الذي سيمكّننا من إحداث الحضارة التي وعدنا بها المظاهر الإلهية (الأنبياء). لذلك كان الشيخ أحمد الإحسائى ينزع الى إنتقاد المتصوفة بأنه لا يوجد أي قطعة من الله فى الإنسان بشكل عام.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |