|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

محمود جديد
2023 / 1 / 14
============================
اتّخذ وزير الدفاع الروسي بتاريخ : 11 /1 /2023 أهمّ قرار منذ تاريخ العملية الروسية الخاصّة في شرق أوكرانيا بتاريخ 24 /2 /2022، وبالطبع لايمكن أن يصدره إلّا بمعرفة وموافقة الرئيس بوتين القائد الأعلى للقوات المسلّحة، أو بأمر منه ، وبالتفاعل والتشاور مع رئيس أركان الجيش وقادة صنوف الأسلحة الأخرى العليا( الجوّفضائية، والبرية، والبحرية ) ويتضمّن القرار :
تعيين رئيس هيئة الأركان الروسية فاليري غيراسيموف قائدا للقوات الروسية بمنطقة العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وتعيين نواب للقائد الجديد هم: قائد القوات الجوفضائية والقائد السابق للقوات الروسية في أوكرانيا الجنرال سيرغي سوفوروكين، وقائد القوات البرية أوليغ ساليكوف، وأليسكي كيم نائب رئيس الأركان.
فما هي الدوافع والغايات لهذا القرار :
———————————————
ممّا لا شكّ فيه أنّ القيادة الروسية لم تكن تتوقّع استمرار العملية الروسية في أوكرانيا حتى هذا التاريخ، ولا مدى صلابة وتماسك الجيش الأوكراني، ولا قدرة الرئيس زيلينسكي على الصمود ، ولا حجم الدعم الغربي بقيادة أمريكا، مادّياً ومعنويّا وتسليحيّا ، وتزويده بمعلومات أمنية أرضية وجويّة واسعة إلى هذا الحدّ ، وبإرسال متطوعين لنجدته من مختلف الجنسيات، وبالتالي ، تحوّلت الأرض الأوكرانية إلى مستنقع لاستنزاف روسيا ، ومحاولة غربية لخلق الظروف الملائمة لمزيد من التدخّل داخل الاتحاد الروسي نفسه مستقبلاً ، بهدف تفكيكه، كما جرى للاتحاد السوفياتي السابق . ولذلك من المحتمل أن تكون دوافع اتخاذ القرار هي :
1 - تسريع العملية العسكرية الروسية وتكثيفها ، وحشد القوى والوسائط اللازمة لها بالسرعة القصوى، وتأمين التعاون فيما بينها بسهولة ويسر، وزجّ قوات جديدة أكثر كفاءة دون عراقيل بيروقراطية ، ولو كان من الاحتياط الاستراتيجي المخصص لمواجهة احتمال تدخّل الناتو مستقبلاً بشل مباشر ، .. وبالتالي تحقيق التفوّق المطلوب على القوات الأوكرانية لتسريع الوصول إلى تحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة عند مرور عام على بدئها ، أو مايزيد قليلاً ..
2 - تأمين زيادة الاحساس بالمسؤولية والجدّية لدى قادة الوحدات والتشكيلات العسكرية الروسية المتواجدة في أوكرانيا ، ومدى خطورة وأهمية التطورات الأخيرة .. وبذلك تتحقق أفضل الشروط لتأمين ضربات عسكرية جديدة سريعة على القوات الأوكرانية ، وباستخدام أسلحة جديدة، واستكمال المدن والبلدات التابعة ل" جمهورية دونيتسك " مثل : بوخموت ، وغيرها .
3 - وقد تتوسّع أهداف العملية العسكرية باتجاهات جديدة جنوباً باتجاه ميناء أوديسّا ، وشمالاً باتجاه العاصمة كييف ، مع قصف مركّز على مقاطعة فنيتسا في الوسط لمنع تقدّم أيّة قوات جديدة من غرب أوكرانيا ، وذلك لتعقيد عمل القوات الأوكرانية المتواجدة في الضفة الغربية من نهر الدنيبر من خيرسون ، لتحقيق مزيد من الضغط العسكري والنفسي على زيلينسكي ، وخاصة، قبل وصول المساعدات العسكرية الغربية واستيعابها ، وزجها في القتال في الربيع القادم. واحتلال أراضٍ اوكرانية جديدة أيضاً، خارج المناطق التي ضمّتها سابقاً ، وذلك بهدف المقايضة عليها مستقبلاً .
4 - خلق الشروط المناسبة الضاغطة على القيادة الأوكرانية من أجل القبول بوقف إطلاق النار ، والدخول في مفاوضات مع الروس .
وعلى كلّ حال ، لا يعني بتحليلنا العسكري هذا أنّ الأمور ستكون سهلة ومحققة وفقاً للأهداف المحتملة ، ولكن من شبه المؤكّد أنّ إنجازات روسية جديدة قادمة في المستقبل القريب، بغضّ النظر عن مدى حجمها ، فصبر بوتين الاستراتيجي قد انتهى ، ولا بدّ من تحريك الأمور بالقدرات العسكرية الروسية ، ورفع وتيرة الصراع حتى يفتح الأبواب للحلول السلمية ( إذا ماكبرت مابتصغر ) ، ويدرأ الانعكاسات السلبية لاستمرار القتال بين أوساط شعوب الاتحاد الروسي .
وأخيراً ، هل تستطيع هذه القيادة الاستراتيجية من تحقيق مهام استراتيجية تتجاوز الأهداف المعلنة سابقاً للعملية العسكرية الروسية الخاصّة ؟ وفي حال تحقق ذلك لا مناص للروس من وصفها بالحرب ضد أوكرانيا ، ولن تكون مقرات زيلينسكي في مأمن من القصف المباشر .
في : 14 / 1 / 2023