اليسار الفرنسي ..مكانك راوح

بارباروسا آكيم
2022 / 12 / 19

في الحقيقة إخواني هناك رابط لم افهمه أَو أتفهمه بين اليسار الأوربي و الإسلام الى حين كتابة هذا المقال المبارك .

و لقد كنت دائما أتساءل: مالذي يجمع الشامي بالمغربي ؟
ما سر هذا التماهي العجيب بين هذه الأضداد ؟

فقد أتفهم مثلاً و الى حد ما أن يتماهى اليساري الإيراني مع الإسلام في فترة السبعينات على إعتبار أن بينهم لغة مشتركة ، جغرافية يعيشون عليها ، اهداف مرحلية مشتركة

و لكن مالذي يجمع بعض الماركسيين الأوربيين بالإسلام ؟ مع الأخذ بنظر الإعتبار إن معظم اليسار الأوربي في تلك الفترة كانوا ينقسمون بشكل رئيسي الى اتجاهين :
تروتسكي و اناركي فوضوي
و كلا هذين الإتجاهين قد أطلقوا الرصاص منذ لحظة ظهورهم على الساحة على كل أشكال الأعراف و التقاليد و الدين و الله
و نادى كلاهما بالمساواة الكاملة و المشاع غير المشروط مع قدر كبير من العنف من جانب الفوضويون

و هنا و بعد كل هذا اللغو لازال السؤال دون إجابة
مالذي يجمع المفكر الماركسي الأوربي بالإسلام و بشكل اكثر تحديدا الفرنسيين منهم ؟

فعامل اللغة و الثقافة و الجغرافية المشتركة غير موجود !
و التوافق الآديولوجي غير متوفر بالمرة

و على هامش تلك التساؤلات المشروعة فهناك من يقول بأن الرابط يمكن إختصاره بالعداء للغرب كحضارة إذ لا يوجد مشتركات من اي نوع بين الإسلام كدين و الماركسية
فالفلسفتان مختلفتان جذريا في نظرتهم الى الحياة و تحليل الواقع الإجتماعي و السياسي

و العجيب بل الأعجب إن من يسير في فلك التماهي مع الخط المطبل للإسلام ينتهي به الأمر أخيرا بما يشبه الداعية الإسلامي بمرجعية ماركسية على غرار المرحوم روجيه غارودي
الذي بدأ حياته بتقلبات شتى ثم تحول الى ماركسي عنيد ثم فجأة واذ به باحضان الملك فيصل !!!
ليبشرنا بنهاية الحضارة الغربية و قدوم الإسلام في كتابه
Promesses de l’Islam

و ان كل مسلم مسؤول عن مستقبل البشرية لأنه  الإسلام يسمو فوق المادة و يكرس فكرة الجماعة و الأمة على عكس مفهوم تقديس الحرية الفردانية في الغرب الخ هذا اللغو الفارغ
متناسيا إن الحرية الفردانية هي ما سمحت له بتفريغ هذا الغثاء على الملأ !
ففي البلدان الداعية للتوحيد و الجماعة و مفهوم الأمة لا يوجد إلا الصوت الواحد او السيف

ثم كان الختام
ليذهب هو وفيصل بعد حين الى مستقرهم و يبقى الغرب بفردانيته و حرياته الشخصية

و على الرغم من حصاد السنين المرير و التجارب الغنية بالنتائج القابلة للفحص و الإدراك منذ فترة الستينات و الى اليوم و لكن يبدو أَنه لازال هناك من يشابه غارودي في نمط حياته و تفكيره

إذ إن بعض الماركسيين الفرنسيين لازالوا الى يومنا هذا يكيدون لنظامهم السياسي و المنظومة الأوربية من خلال التطبيل للإسلام !
متصورين في ظنهم البائس إن الإسلام يحمل المد الثوري و الفوضوية اللازمة لمواجهة امريكا !

مع العلم إنه لو قدرت المقادير أن يمسك الشيخ ( ابو قتادة ) و عشيقه الشيخ ابو طلحة مسار الأمور في اوروبا فهم _ أي هؤلاء مدمني الحشيش _  أول من سيرفعون على الخوازيق
لأنهم بإجماع كل أمة الإسلام ( من المحيط الى المحيط ) و بلا خلاف كفار
و هم الأولى بعذاب الدنيا و الآخرة من الأمريكان و غيرهم

فمتى سيعي الماركسي الفرنسي ان تدخين الحشيش يضر بالقدرات العقلية للمدخن  ؟

و ان الواقع المادي يقول : بأن المنظومة الأوربية على علاتها افضل بمليون مرة من قوى دينية رجعية متخلفة قادمة من مجاهل التاريخ و محملة بشتى اصناف الحقد و الضغينة على قيم الحضارة و الحداثة

فحتى ماركس نفسه قد رحب بالغزو الفرنسي و الانكليزي للجزائر و الهند لنقل تلك البلدان من الوحشية البدائية الى طور الحداثة

و لكن على ما يبدو فأن أشباه غارودي لازالوا موجودين و هم لا يريدون رؤية شجرة الحياة الذهبية لأن الآديولوجيا قد أعمت ابصارهم بالمطلق

مثل صديقنا جان لوك ميلانشون
الذي يزعم بأن هناك حملة موجهة ضد الإسلام و المسلمين !
و كأن الرجل لم يعي الإسلام بعد كل تلك المآسي الدموية التي تسبب بها الإسلام في فرنسا

و امثال هذا الرجل التروتسكي لو سألته ماذا تعرف عن الإسلام ؟
فأنا اقسم بالأيمانات المغلضة إنه لا يعرف شيء أو غير مهتم اساسا بشيء و لا بالعواقب الكارثية لطريقة تفكيره الإنتحارية
التي لازالت ترى بأن ابو قتادة و ابو طلحة هم طليعة البروليتاريا التي ستحول وسائل الإنتاج من ايدي الطبقة البرجوازية الى ايدي العمال
و ان الشيخ ابو طلحة هو من سيقيم دولة اليوتوبيا في الغرب بعد افولها شرقا

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي