|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
عبد السلام الزغيبي
2022 / 11 / 5
بما ان التجارب الحقيقية والجمال الساحر مخبأ في الريف، فان زيارة أيرلندا تعتبر وجهة مناسبة لمحبي الطبيعة الخلابة، قلت في نفسي لن أكتفي بزيارة المدن الكبرى فقط ففي البلدات الصغيرة
والريف هنا حكايا خيالية من السحر والمتعة تستحق أن تكتشف، وهذا ما حاولت ان أفعله في رحلتي للريف الايرلندي الذي يمتد من ضواحي دبلن إلى اقصى مكان في أيرلندا
الريف في دبلن يبدأ من حديقة سانت ستيفن غرين وهي حديقة كبيرة،زرتها و قضيت فيه اوقاتا طيبة، وهي لاتزال تتميز بالطابع الفيكتوري الاصلي مليئة بالعشب الأخضر المورق ومجموعة
متنوعة من النباتات والزهور وبعض المسطحات المائية الرائعة. إذا لم يكن ذلك كافيًا ، فهناك بعض المعالم الأثرية المنتشرة حولك لتراها والعديد من مسارات المشي أو ركوب الدراجة أو الركض.
يمكنك إحضار كتاب أو التوقف لشراء اكلات خفيفة ومشروبات ساخنة وباردة قبل التوجه للاستمتاع بيوم جميل وسريع داخلها. في الحديقة يوجد فيها ايضاً بحيرة لزينة تجدها الطيور المائية موطنا
لها بالإضافة الى وجود منطقة لعب للأطفال.
وبسبب صغر مساحة ايرلندا فإنه بوسعك أن تزور المناطق الريفية الجميلة التي تحتضنها خلال فترة لا تتعدى نصف ساعة فقط، وعلاوة على ذلك فإنه بوسعك في أقل من ساعة أن تصل إلى شاطئ
البحر لكي تستمتع بأجوائه الخاصة. بسبب كثرة هطول المطر في ايرلندا معظم العام فإنها أصبحت تعرف باسم "الزمردة الخضراء" التي تبهرك بسحرها وطبيعتها الخلابة.
اول لقاء لي مع الريف الايرلندي كان حين قمت مع ابن اخي "معتز منصور الزغيبي"، برحلة استخدمنا فيها الترام والاتوبيس بدورين للوصول الى ضاحية دونليري،الساحلية القريبة من وسط
العاصمة.
تم بناء المدينة بعد تشريع عام 1816 الذي سمح ببناء ميناء رئيسي لخدمة دبلن. كانت تُعرف باسم دونليري حتى تم تغيير اسمها إلى كيجيستون تكريماً لزيارة الملك جورج الرابع عام 1821،
وفي عام 1920 أُعطيت اسمها الحالي، الشكل الأيرلندي الأصلي لـ دونليري . بمرور الوقت، أصبحت المدينة موقعًا سكنيًا ومنتجعًا على شاطئ البحر ومحطة أول خط سكة حديد في أيرلندا.
وصلنا الى دونليري في الظهر وهي المكان المفضل للتنزه بين السكان المحليين، وعلى الشاطيء شاهدنا محلات لبيع وجبات البطاطا والأسماك التي يتم اصطيادها محليًا. ودخلنا الى متحف بحري
وطني يحوي على فنون بحرية ومصنوعات يدوية داخل كنيسة للبحارة من القرن التاسع عشر ، وتجولنا حول المرفأ الذي هو عبارة عن مركز مزدحم لصيد الأسماك والرياضات المائية والرحلات
البحرية. وكذلك منطقة سانديكوف المجاورةلـ دونليري، وتشتهر ببرج ومتحف جايمس جويس، فضلاً عن شاطئ محمي ونقطة للسباحة عند الجرف الناتئ في البحر.
في يوم اخر من ايام رحلتي الى ايرلندا، وضعنا انا وسراج ابن اخي، والصديق احمد الكتاف، برنامجا لزيارة مناطاق ريفية قريبة من العاصمة دبلن، وخرجنا من الصباح الباكر في رحلة الى
الريف الايرلندي، وكانت البداية من منتزه ومرتفعات محمية كيلاني..
وصلنا للمنتزه سرنا وسط الغابة الكثيفة الاشجار الخضراء، حتى وصلنا الى التلة المسماة بحديقة" فيكتوريا هيل"،وهناك وجدنا انفسنا امام مشهد بديع يتيح لك ان تنظر إلى البحر الأيرلندي. مع
إطلالات على مدينة دبلن والميناء.
قضينا في المنتزه الذي افتتح في عام 1887 كذكرى مرور 50 عامًا على حكم الملكة فيكتوريا. نصف ساعة نتجول ونلتقط الصور ونستمتع بالمناظر الخلابة والغابات المورقة ونتنفس الجمال.
من هناك انطلقا الى "ديلكي" وهي قرية ومنتجع ساحلي جنوب شرق المدينة من ضواحي مقاطعة دبلن..تبعد نصف ساعة فقط عن وسط المدينة ، مما يجعلها مكانًا مثاليًا لرحلة نهارية..
في "ديلكي" تجولنا في الشوارع الضيقة التي تصطف على جانبيها متاجر الكتب والوجبات الجاهزة الفاخرة إلى المسارات المؤدية إلى الساحل المذهل ، القرية تبد وكأنها عالم صغير في حد ذاته.
كل ما في الأمر، انه عليك ارتداء حذاء رياضي جيد للمشي لمسافات طويلة والانطلاق في نزهة على طول الساحل ، أو ببساطة القفز بين المطاعم والبارات على طول الطريق الرئيسي للقرية ،
فهناك الكثير مما يمكنك القيام به في ديلكي التي تعتبر مكان إقامة نخبة المجتمع والمسؤولين واعيان البلد،ومشاهير هوليود.
من المطاعم الشهيرة في القرية مطعم محلي" دالكى داك" يعود تاريخه إلى عام 1745 ويقدم أطباقًا مثل البط وحساء المأكولات البحرية، لكن نحن فضلنا الجلوس على مقاعد في جو مشمس جميل
و تناول البيتزا،" حسب نصيحة مرافقي" وكانت اشهى بيتسا مصنوعة في فرن حطب في مخبز عتيق. الى جانبنا كان هناك مجموعة من الاطفال مع امهاتهم يتناولون الآيس كريم من محل قديم
وتقليدي في القرية اسمه"بيل جيلاتو".
ودعنا قرية ديلكي الوادعة، واتجهنا الى المدينة الساحلية "بلاك روك" وهي إحدى ضواحي دبلن ، وتبعد عنها بحوالي 4 كيلو متر، وهي تطل على خليج دبلن، وهي مدينة نابضة بالحياة بها مقاهي
ومطاعم وبوتيكات وسوق شعبي محلي.
كانت "بلا كروك" تاريخياً قرية صيد صغيرة ، بدأت في التطور فقط في القرن التاسع عشر، على الرغم من وجود مستوطنة في نفس الموقع منذ العصور الوسطى.
وصلنا للشارع الرئيسي، وفي مدخله أقدم قطعة أثرية تم العثور عليها في بلاك روك، هي عبارة عن صليب ، يقدر أنه من القرن الثاني عشر. سرنا على رصيف الشارع، وعلى جانبية عدد من
المحلات والمطاعم والمخابز،وعدد كبير من المعارض الفنية الصغيرة، حتى وصلنا الى سوق بلاك روك وهو أكبر سوق مغطى في دبلن لعطلة نهاية الأسبوع. والحقيقة ان التجول فيه متعة إنه
يجمع بين جو سوق البرغوث المليء بالتحف القديمة العتيقة مع البوتيكات الأنيقة وغير التقليدية ومطاعم الأطعمة الشهية. في السوق تجد ايضا الكتب المستعملة والمجوهرات المصنوعة
يدويًاوالملابس القديمة. تأسس في عام 1996 ، ويضم الآن أكثر من 50 كشكًا ومتجرًا مختلفة.
تجولنا على الشاطئ والكورنيش لكن خطوط السكك الحديدية القبيحة، تشوه المنظر وتحجب الرؤية. ويضطر المرء للنزول الى الاسفل لمشاهدة الساحل.
وجهتنا القادمة كانت شبه جزيرة "هيوت" ،التي تقع على الجانب الشمالي من خليج دبلن على بعد 14 كيلومترًا (8.7 ميل) عن طريق البر من وسط مدينة دبلن وهي متصلة ببقية دبلن عبر
شريط ضيق من الأرض والوصول اليها يتم بطريقين ، أحدهما يرتفع باتجاه القمة ، والآخر يمتد عند مستوى سطح البحر بالقرب من الساحل.
بعد رحلة ممتعة بالسيارة، وجدنا انفسنا في شبه جزيرة " هيوت" الساحرة بمينائها الخلاب وشواطئها الجميلة ومنحدراتها البحرية المغطاة بالزهور البرية،على الشاطئ شاهدنا مطاعم المأكولات
البحرية،من بعيد تشم رائحة الأسماك،ليس من المستغرب أن تهيمن المأكولات البحرية على معظم قوائم الطعام في هيوت، فقد شاهدت بعيني اعداد كبيرة من مراكب الصيد الكبيرة راسية في
الميناء.
زرنا سوقها الشعبي،وهو سوق صغير مزدحم ، يضم العديد من متاجر الأطعمة والمشروبات والهدايا التذكارية، مع باعة ودوديين،قمنا بجولة قصيرة، وشربنا كاباتشينو من مقهى في مدخل السوق
وكانت افضل من قهوة ستاربكس.كما زرنا محطة قطار الضواحي العتيقة.. وشاهدنا متحف النقل الوطني الذي يضم مركبات الخدمة العامة والنقل البري.
قمنا بنزهة على طول الرصيف الشرقي حتى وصلنا إلى المنارة في النهاية ، جنبًا إلى جنب مع السكان المحليين الذين يتنزهون مع كلابهم أو يتريضون.
لهذا السبب وغيره، عرفنا ان شبه جزيرة هيوت هي المكان المناسب لسكان دبلن الذين يبحثون عن نفس الهواء النقي في عطلة نهاية الأسبوع.
اخذنا طريق العودة الى دبلن بعد رحلة ساحرة الى الريف الايرلندي البديع.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |