معنى كلمة أدب بصياغة جديدة

رائف أمير اسماعيل
2022 / 10 / 15

دغدغت حفل توقيع كتاباتي القصصية، ملحمة اشنونا واتصال غرب سبراتلي في قاعة علي الوردي – بغداد – 5/10/ 2018 بهذا النص:
قبل ستة آلاف عام نزح الى مكاننا هذا أد .. وزوجته دَب .... بعد أن انفردا عن قبيلتهم الناتاشي .. والديار
كان المكان مخضوضرا بالعشب والأشجار .. ملوّنا بالورود والأزهار
ونهر دجلا لتو كان صافي الماء ... لاتدخله روافد المجاري والنفايات ... لاتجري فيه سوى مياه الأمطار
فبنى الإثنان مسكنا من الخشب دون إجازة بناء ... يسرحان ويمرحان .. دون أن يقول لهم أحدٌ (امين جيت او وين رايح) .. ولم تكن حينها قد أنشأت: لا النهضة ولا العلاوي .. ولا المطار
يأكلان مما يرزق الله البر ... من طيور وأثمار
ويوما شاهدت دب طيرا غريب الأطوار ....
له جسم جميل وعنق طويل . ملون بكل( ألوان الطيف العراقي) .. فانبهرا به . كل الانبهار
أسرعت دَب لتصطاده بسهمها بعد حط على شجرة فطار
ذهب الى الجهة الأخرى من النهر .. بعيدا صار
قال أد سأجلبه لك ... مهما ابتعد ومهما طار أو سار
قالت دَب له: لاتذهب .... فهناك وحوش واشرار
سبق سهم أد وانطلاقه كلام دَب وتوسلاتها ... فقد سبق السيف العذل ، والإصرار
سبح أد ... عبر دجلالتو ... وغاب عن الأنظار
غاب أياما كثار
بكت لغيابه دَب ... حتى غدت دموعها أنهار
عاشت الوحشة والخوف ... حتى غدت كل أيامها بثوانيها انتظار
هناك ... في الضفة الاخرى أسرت قبيلة السناتشي أد ... وأجبرته أن يعاشر نساءها ... لانها في عوز للرجال .. بل في حالة شح وافتقار
لكنه بقي قلقا على زوجته ... يحن اليها ... يشتاق الى صوتها ... ليل نهار
حتى استطاع أن يغرب عن أنظار آسريه ولاذ بالفرار
عاد الى دَب .. وجدها تنتظره على الشاطئ ... تناجي السماء والطيور الأخيار
احتضنها وهويبكي ... ويتلكأ في كلامه ... لايعرف كيف يعبر عن فرحته .. بكلمات أو أشعار
بينما فاجأته دَب بكلام منظم جميل ... أخبرته فيه كيف عانت وكيف شكت الى الشمس والنجوم والأقمار
أحبا ثنائيتهما أكثر ... وأحب أد أن يعاد كلام دَب الجميل كل يوم ... دون ملل من تكرار
وأصبحت دَب كل يوم تضيف لكلامها كلاما جديدا .. تصيغه مثل قلادة ذهب فيها حبات كثار
وبعد أشهر رزقا بطفل جميل ... فقرر الإثنان أن يسموه باسم مشتق من اسميهما ... فاسمياه .. أد.. دَب ... أدب ... فأحسنا الاختيار والقرار
قال أد بعد أن بلغ الطفل سنينا: دَب ... علميه الكلام الحلو مثل ماتقولين وتنسجين .. علميه كيف يحس بالجمال .. وكيف يصفه .. كيف ينقل الأخبار .
ففعلت دَب مع أدب كل يوم حتى صار أدب يفاجؤها بالجديد الحلو .. بل تخطاها ليحكي لها حكايات خيالية عن حيوانات البر والنهر .. عن العشق والهيام ... وعن السمر والسمار
وحين مات أد وماتت دَب شعر أدب بوحشة شديدة وأراد ان يذهب الى قبيلته ليجد زوجة جميلة ... يحكي لها قصصه التي صارت أمتار ..
وهو في الطريق صار يبحث عن الجمال ... في العشب والدروب .. في أفرع الأشجار وسواقي الأنهار ... في قفزات الأرانب والأيائل ... في عيون المها ... في انحدارات البراري و ارتفاعات الربى ... كي ينسج من جديد مايقنع إحدى بنات الناتاشي الجميلات وشيوخها الأبرار .
وهكذا تزوج أدب من الجمال ... من الجمال بجسد أنثى ... كل يوم يتحسس به أكثر .. لحمه .. وانحناءاته وحتى الأظفار
وبعد أن كبر وهرم أدب ... وعرف أن جمال جسده قد ولى عنه الجمال وصار يشبه التراب .. ووجهه تجعد مثل ورقة يابسة يشوبها اصفرار
فهم أن خلوده لا يكمن في جسده ... بل في مانظمه من حكايات وأشعار
فغدى ينشر لسانه على القبائل ... فتردده الالسن ويقولون هذا كلام أدب ... يزيدون عليه وينقصون منه ... يجرون عليه في مجالسهم فحوصا واختبار
حتى إن مات أدب نسل منه آدابا كثيرة... أدب في كل مجلس ... في كل البلدان والأقطار
صار كل أدب جديد يصف ويروي من موقعه ... حتى وصفت الأرض والسماء والبحار
حتى وصفت الشعوب والبيوت ... الثورات والتكنلوجيا .. والأزدهار
وبعد آلاف من السنين صرنا هنا نجلس في مكان أدب لنحكي الأدب في مركزنا الثقافي هذا ... لنعي أن أدب والأدب سيبقى خالدا .. مهما طالت الدهور ... سيبقى ناصعا مثل فجر النهار.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي