الفصل العنصري الإسرائيلي 6

إدريس ولد القابلة
2022 / 9 / 27

تحالف الجيش والمستوطنون و "الإرهاب اليهودي"، تحالف حديدي ضد الفلسطينيين

تتزايد الاعتداءات على المدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة ، وتشعر منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية بالقلق. ومع ذلك ، فهي ليست جديدة ، خاصة وأن الجيش بشكل عام يسمح للمستوطنين الأكثر عنفًا بالتصرف مع الإفلات من المساءلة والعقاب .

أحصت منظمة "ييش دين" (1) - Yesh Din - الإسرائيلية غير الحكومية ،293 شكوى بين عامي 2005 و 2019 تتعلق بأعمال ارتكبها المستوطنون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية ، بما في ذلك العنف المباشر وتخريب ممتلكات السكان الفلسطينيين أو محاولة سرقة الأراضي والسطو عليها بالقوة. وفي 91 من من الحالات ، يتم رفض الشكاوى من قبل الشرطة الإسرائيلية جملة وتفصيلا بدون أي تبرير. من جانب منظمة "بتسيلم" (2) - B’tselem - التي سلط الضوء على نظام الفصل العنصري المطبق في جميع أنحاء الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية ، أشار تقريرها ا إلى 451 اعتداء من قبل المستوطنين بين عامي 2020 و سبتمبر 2021 ، أدت إلى مقتل خمسة فلسطينيين. وتواجدت قوات الأمن الإسرائيلية في 183 حالة ، حيث سمحت بالعدوان أو شاركت فيه بإطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع على فلسطينيين حاولوا المقاومة. والأسوأ من ذلك ، في 22 حالة ، اعتقل الجيش فلسطينيين تعرضوا للهجوم ، وترك المهاجمين والمعتدين طلقاء أحرارًا.
_______________________
(1) - منظمة "متطوعين لحقوق الإنسان". تعمل وفقاً للقانون الاسرائيلي ونشاطه ينفّذ بمساعدة متطوعين ومهنيين، حقوقيين ومختصين في مجال حقوق الإنسان. رأت المنظمة النور في 2005 وعملت منذ ذلك الحين على حماية حقوق الإنسان للفلسطينيين في الضفة الغربية الخاضعين لنظام الاحتلال العسكري الإسرائيلي. وتعتبر الاحتلال مصدرا رئيسيا لانتهاكات حقوق الإنسان، و تسعى لإنهائه.
(2) – "مركز المعلومات الإسرائيليّ لحقوق الإنسان في المناطق المحتلة"، يعمل من أجل مستقبل تُضمن فيه حقوق الإنسان والحرّية والمساواة لجميع بني البشر – فلسطينيّين ويهود – المقيمين بين النهر والبحر. ومستقبل كهذا لن يتحقّق إلّا بإنهاء الاحتلال ونظام الفصل العنصري الإسرائيليّ. ومن أجل مستقبل كهذا يعمل"بتسيلم" . اسم "بتسيلم"، يُحيل إلى الآية "خَلَقَ اللهُ الإنْسانَ عَلى صُورَتِهِ عَلى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ" (سِفر التكوين، 1: 27)، وهو ما يعبّر عن الفَرْض الكونيّ واليهوديّ الخاص باحترام حقوق الإنسان لكل بني البشر.
____________________


في صيف 2020 أصدرت "ييش دين" فتوى قانونية تقر بارتكاب إسرائيل جريمة الفصل العنصري، ومما جاء فيها، " استنتاج هذا الرأي القانوني هو أن جريمة الفصل العنصري ضد الإنسانية تُرتكب في الضفة الغربية و الجناة إسرائيليون والضحايا فلسطينيون...ترتكب هذه الجريمة لأن الاحتلال الإسرائيلي ليس نظام احتلال "عادي" (أو نظام هيمنة وقمع) ، ولكنه نظام يأتي مع مشروع استيطاني هائل أوجد مجتمعًا من مواطني دولة الاحتلال في الأراضي المحتلة. ترتكب هذه الجريمة لأنه ، بالإضافة إلى استعمار الأراضي المحتلة ، تبذل قوة الاحتلال أيضًا جهودًا كبيرة لترسيخ سيطرتها على السكان المحتلين وضمان وضعهم المتدني. تُرتكب جريمة الفصل العنصري في الضفة الغربية لأنه في هذا السياق من نظام الهيمنة والقمع لمجموعة قومية من قبل أخرى ، تقوم السلطات الإسرائيلية بتنفيذ سياسات وممارسات تشكل أعمالًا لا إنسانية كما هو محدد في القانون الدولي: إنكار الحقوق على مجموعة وطنية ، وحرمان مجموعة من الموارد ونقلها إلى أخرى ، والفصل المادي والقانوني بين المجموعتين وإنشاء نظام قانوني مختلف لكل منهما. هذه قائمة غير حصرية من الأفعال اللاإنسانية... الذريعة التي استخدمتها – ولاتزال تستخدمها- الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بأن الوضع مؤقت وليس هناك رغبة أو نية للحفاظ على الهيمنة وقمع الفلسطينيين في المنطقة أو الحفاظ على وضعهم المتدني، تنهار- هذه الذريعة- غلى أرض الواقع أمام الدليل الواضح الذي ترسخه السياسات والممارسات المنفصلة. إن ممارسات إسرائيل في الأراضي المحتلة يهدف إلى الحفاظ على الهيمنة وقمع الفلسطينيين وتوطيد هيمنة الإسرائيليين الذين هاجروا إلى المنطقة. هذا ليس كل شيء. وكما أن حكومة إسرائيل تقوم بعملية "ضم تدريجي" للضفة الغربية. من منظور إداري ، يعني الضم إلغاء الحكم العسكري في المنطقة التي تم ضمها وتوسيع نطاق السلطات الإسرائيلية في عمق الضفة الغربية. فهناك استمرار الضم القانوني الزاحف ، والضم الرسمي لأجزاء معينة من الضفة الغربية من خلال التشريعات التي من شأنها أن تطبق القانون والإدارة الإسرائيلية هناك. إن النظام الإسرائيلي بكامله هو نظام فصل عنصري و إسرائيل دولة فصل عنصري".

وفي بيان ، أعرب خبراء من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن انزعاجهم من أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون "وهي أعلى نسبة مسجلة في السنوات الأخيرة". وبينما تحذر المنظمات غير الحكومية الفلسطينية من هذا الوضع منذ زمن طويل ، فإن قلق المنظمات الإسرائيلية يجبر المجتمع الدولي ، وحتى الحكومة الإسرائيلية ، على تناول الموضوع. ويبقى أن نفهم هذه الظاهرة كما هي: ليست كـ "حوادث" معزولة ومنعزلة ، بل هي إرث "الإرهاب اليهودي" الناتج عن الاستعمار الصهيوني.

في كراس بعنوان "في الخدمة" (4) - On Duty -، جمعت منظمة "كسر جدار الصمت" (3) - Breaking the Silence - 36 شهادة من جنود وضباط كانوا في طليعة عنف المستوطنين الإسرائيليين المتكرر. تسلط المنظمة الضوء على الواقع العملي والاستراتيجي لهذه الهجمات من قبل المستوطنين الذين يسعون إلى زيادة المصادرة وضمان "استيلاء فعال" - من خلال التخويف والقوة - على أكبر قدر ممكن من الأراضي.
___________________
(3) - كسر جدار الصمت (BtS) هي منظمة إسرائيلية غير حكومية، تأسست في 2004 بفضل قدامى المحاربين في جيش الدفاع الإسرائيلي. وتهدف إلى منح الأفراد الإسرائيليين والمسرّحين والاحتياطيين فرصة وسيلة لإعادة سرد تجاربهم في الأراضي المحتلة بشكل سري. وقد تم نشر مجموعات من هذه الروايات من أجل توعية الجمهور الإسرائيلي بالأوضاع في المناطق التي عملوا بها. رئيسة "كسر جدار الصمت" - التي تسمح للجنود الإسرائيليين بالتحدث عن الأراضي المحتلة- عملت ضابطة في سلاح الجو الإسرائيلي من عام 2000 إلى عام 2005.
(4) - يقدم هذا الكراس شهادات للجنود حول أعمال العنف التي تم ارتكابها من قبل المستوطنين ، وعن تأثير المستوطنين على سلوك الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية. هذه الشهادات ، تصف واقعًا يتسم بضرر لا ينتهي والتهديد تجاه الشعب الفلسطيني وممتلكاته وأراضيه. الأفعال الموصوفة هنا تشمل أنواعًا مختلفة من الاعتداءات العنيفة ، بما في ذلك الضرب ورشق الحجارة و حرق الحقول والبساتين الزراعية. بالإضافة إلى ذلك ، وصفت بعض الشهادات اعتداءات عنيفة من قبل المستوطنين ضد جيش الدفاع الإسرائيلي (الجنود أنفسهم). تحدث هذه في أغلب الأحيان ، ردا على الحالات التي يتصرف فيها الجنود ضد رغبات المستوطنين وأهدافهم. وهكذا ، فقد وصف العديد من الشهود كيف ، في الحوادث التي سعى فيها الجيش إلى منع إيذاء الفلسطينيين أو مضايقتهم من قبل المستوطنين ، أصبحوا هم أنفسهم أهدافًا للعنف . يتراوح هذا العنف أيضًا بين الاعتداءات الجسدية على الجنود و الضباط لإلحاق الضرر بممتلكات الجيش الإسرائيلي وقواعده العسكرية. ومع ذلك ، فإن هذه الحوادث تصف زاوية واحدة فقط في العلاقة المعقدة الموجود بين المستوطنين والجنود. الشهادات الواردة في هذا الكتيب تسلط أيضًا الضوء على العلاقات الوثيقة التي تتشكل بين هذه المجموعات - علاقات مبنية على الهوية الوطنية والهوية الأيديولوجية والدينية والروابط الشخصية الوثيقة. وتم تعزيز العلاقة بشكل أكبر بسبب حقيقة وجود العديد من قواعد جيش الدفاع الإسرائيلي داخل المستوطنات أو المجاورة لها مباشرة.
______________________________


كمقدمة ينص هذا الكراس على : " يعتبر العنف الذي يمارسه المستوطنون جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية في الضفة الغربية منذ احتلالها عام 1967. ودوافع هذا العنف أيديولوجية وأهدافه استراتيجية - مصادرة الأراضي من الفلسطينيين والاستيلاء الفعلي عليها بأكبر قدر ممكن مما يعتبره العديد من المستوطنين "أرض إسرائيل". هذه الظاهرة واسعة الانتشار قد تكثفت بشكل ملحوظ أكثر في السنوات الأخيرة ، أصبحت هذه الظاهرة ممكنة بسبب عدم وجود أي ظاهرة ذات دلالة لمحاولة تطبيق القانون من قبل الهيئات الحكومية المختلفة لدولة إسرائيل ، الوزارات والهيئات ، وأبرزها الشرطة والجيش الإسرائيليين".

المتحدث السابق باسم منظمة "كسر جدار الصمت" والعضو السابق في وحدة قتالية بالجيش "نير أفيشاي كوهين" - Nir Avishai Cohen - يشير إلى النظام القانوني الإسرائيلي باعتباره العقبة الأولى أمام قمع هؤلاء المستوطنين. كمواطنين إسرائيليين ، فإنهم يخضعون للولاية القضائية المدنية ، على عكس الفلسطينيين الذين يخضعون لقضاء عسكري استثنائي. وهكذا ، أثناء الاشتباكات أو الأحداث في الضفة الغربية ، يكون الجيش هو أول من يتم حشده على الفور، ويفضل بشكل منهجي قمع الفلسطينيين بدلاً من المستوطنين الذين يعرفون ذلك، إذ في غياب الشرطة الإسرائيلية ، لا يجازف الجنود بأي اعتقال في صفوف المستوطنين مهما كانت الأعمال الصادرة عنهم.

ظلت جملة من المنظمات غير الحكومية تستنكر الدور المثير للجدل للضباط المسؤولين عن تنسيق عملية الدفاع عن المستعمرات. في كل واحدة منها ، تدفع الدولة مقابلا ماديا على الأقل لضابط واحد من المفترض أن ينظم الحماية هناك من خلال تجنيد المتطوعين ، ومن خلال الدعم اللوجستي من الجيش ، وتشجيع التواطؤ بين المستوطنين والجنود. وأفاد رقيب عمل في منطقة "يتسهار" عام 2017:

"أنت حارس المستوطنات وأنت مثل "الملاك" الذي يحرس المنطقة. من وجهة نظرك ، اليهود هم الأشخاص الذين يجلبون لك الطعام ويكونون لطفاء معك عندما تكون في دورية ، مثل "شكرًا جزيلاً لك على حمايتنا". […] فليس من السهل استخدام وسائل تفريق الشغب ضدهم في أي حال من الأحوال... تذكر أنهم منا ومن دوينا ولا ينبغي مسهم بسوء".

___________ يتبع ~ استراتيجية التحرش الدائم _________________________

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي