|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
فالح الحمراني
2022 / 9 / 19
في الوقت الذي أصبحت فيه أوكرانيا "حقل أحلام" لليمين المتطرف في الغرب*، فإنها ووفقا للتحقيق الصحفي الذي أجرته صحيفة زابورونا البولندية، كانت أيضًا "ملاذا آمنا" لجهاديي داعش بعد هزيمتها في 2018-2019. وفي أي حال يساهم هذا في تكوين مزيج خطير من أيديولوجية متجهة لممارسة العنف، والتدريب القتالي، والخبرة القتالية، علاوة على قدرته للحصول على الأسلحة، والاتصال بممثلي اليمين المتطرف، أو الأيديولوجية "الإسلاموية" المتطرفة المتطرفة من دول أخرى. ومن الإنصاف القول إن الجمع بين الدافع والحرفية، يمكن أن يكون له تأثير خطير في تشكيل وحدة قتالية مؤهلة تأهيلا عاليا، من حشد متنوع من المقاتلين الأجانب. ويُظهر تاريخ النزاعات الحديثة أن "جبهة النصرة" و"الدولة الإسلامية" (المحظورة في روسيا)، وكذلك "آزوف" الاوكرانية الحديثة، تشكلت في البداية، إلى حد كبير، من المتطوعين. وفي الوقت نفسه، وعلى خلفية تكثيف الغرب تزويد أوكرانيا بالأسلحة المختلفة، أصبح المتطرفين، سواء كانوا مرتزقة أجانب، أم متطوعين أم مقاتلين، ليس فقط وقودا لمختلف أشكال الحرب المختلطة، ولكن أيضا أداتها، لأنهم مناسبون تماما لتطوير واستخدام أنظمة الأسلحة المعقدة
إن وجود رعايا أجانب على جانب واحد أو آخر من أي طرف من أطراف النزاع، هو دائما من القضايا الملحة ولا سيما في النزاعات التي تتجه لها أنظار العالم. بعد بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، أصبح موضوع مشاركة الأجانب، في الأعمال القتالية إلى جانب القوات المسلحة لأوكرانية أحد أهم الموضوعات التي تجذب الأنظار.
أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو البعد الجديد نوعيا وكميا لمشاركة الأجانب من غير مواطني أوكرانيا في التشكيلات المسلحة لهذا البلد منذ نهاية فبراير 2022. وإذا استخدم الأجانب في 2014-2015 الاتصالات الشخصية، والاتصالات غير الرسمية، للانضمام إلى التشكيلات الأوكرانية، ففي 27 فبراير 2022، اكتسب تجنيد المواطنين الأجانب على وضع رسمي علني، إذ أعلن الرئيس فولوديمير زيلينسكي عن إنشاء الفيلق الدولي للدفاع الإقليمي عن أوكرانيا ،ثم قدّرَ الجانب الأوكراني عدد المجندين في"الفيلق" بنحو 20 ألف شخص من 52 دولة في العالم. ومع الأخذ في الاعتبار عامل حرب المعلومات، فبتقسيمنا هذا العدد على ثلاثة، يمكننا الحصول على رقم يصل إلى عدة آلاف من الأشخاص، وهو على أي حال أكبر من عدد الأجانب في الوحدات العسكرية الأوكرانية في 2014-2015.
بالإضافة إلى الفيلق الدولي المشار له، هناك تشكيلات أخرى من غير مواطني أوكرانيا الذين يطلقون على أنفسهم جزءا من الفيلق الدولي، ولكن في نفس الوقت يتم إبرازهم الصفة العرقية: فوج البيلاروسية Kastus Kalinovsky ومفرزة باهونيا، والفيلق الجورجي، والكتائب العرقية الشيشانية، وما يسمى باللواء النورماندي للجنود الكنديين المتقاعدين وما إلى ذلك. وهناك أيضا تقارير حول مشاركة أجانب في تشكيلات مختلفة للدفاع عن الأراضي الأوكرانية، بغض النظر عن التشكيلات العرقية.
يبدو المشهد العام للمقاتلين الأجانب على الجانب الأوكراني متعدد الألوان. لذلك، تتفق تقييمات الخبراء الغربيين حول تعريف لهذا لتكوينة الفيلق الدولي على انه نوع من المحور الإداري ـ اللوجستي للأجانب. وفي الوقت نفسه، أبلغ منسق حملة التجنيد في الفيلق عن وجود مشاكل خطيرة تتعلق بعمل التشكيلة: "السبب الرئيسي هو عدم وجود هيكل واحد. على سبيل المثال، في فرنسا، أن الفيلق الأجنبي الفرنسي ليس مجرد فكرة جميلة، ولكنه هيكل قائم بذاته، منفصل وله قواعده الخاصة، وتمويل لميزانية، وما إلى ذلك. وبالنسبة لأوكرانيا، هذا مشروع لا زال في بدايته مثل طفل "يتعلم المشي". وهناك مشكلة كبيرة مع البيروقراطية وعدم وجود نظام ". وعلى الرغم من هذه المشاكل، فإن الفيلق الدولي الأوكراني، إلى جانب التنظيم الإداري المذكور أعلاه، يؤدي أيضا وظيفة مهمة في مجال حرب المعلومات في الفضاء الإعلامي، وقد حققت التشكيلة نجاحا أكبر بكثير مما كان عليه في ساحة المعركة. وأصبح "المحاربون" بشكل منتظم أبطال لتقارير وسائل الإعلام الغربية، وقد تم الترويج للفيلق منذ إنشائه على أنه مثال إظهار إجماع العالم بأسره في تقديم المساعدة لإوكرانيا ودعمها. وصفت صحيفة الغارديان المجندين الأجانب بالفيلق بأنهم أهم لواء دولي منذ الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939).
وجاء معظم المسلحين من بولندا: 701 شخصا، تليهم رومانيا - 207 أشخاص، بينما جاءت كندا والمملكة المتحدة في المركزين الثالث والرابع - 190 و 160 على التوالي. واللافت أن الخبراء الغربيين الموثوقين في هذا الموضوع يقدرون العدد الحقيقي للأجانب "بما لا يزيد عن بضعة آلاف من الناس". ويختلف هذا بشكل ملحوظ عن 20 ألف متطوع الذين أعلنتهم أوكرانيا في مارس.
وتسترعي الانتباه على وجه الخصوص التقارير التي تشير الى وجود مشاركين من مواطني دول آسيا الوسطى والقوقاز والشرق الأوسط في الأعمال القتالية على الجانب الأوكراني. وأعطت جورجيا أكبر عدد هنا إذ وصل عدة مئات من الأشخاص من هناك إلى أوكرانيا بعد 22/2/22 (وفقًا للإدارة العسكرية الروسية). وفي الوقت نفسه، شارك الجورجيون بنشاط إلى الجانب الأوكراني في الأعمال القتالية منذ عام 2014 كجزء مما يسمى الفيلق الجورجي الذي تم تشكيله في نفس الوقت. ومن المعروف أيضا أنه تم تشكيل مفرزة جورجية منفصلة كجزء من كتيبة الكاربات سيتش. ويشارك مواطنو أذربيجان بدور نشط في الأعمال القتالية على الجانب الأوكراني. وهناك أمثلة على كل من المقاتلين الأذربيجانيين في آزوف (المعترف بها كمنظمة إرهابية في الاتحاد الروسي)، وقصص المشاركين الذين لديهم خبرة قتالية في الحرب في كاراباخ في عام 2020. وفقًا لراديو أوزودي (المعترف به في الاتحاد الروسي كوكيل إعلام أجنبي)، ويقاتل أشخاص من طاجيكستان أيضا في القوات المسلحة الأوكرانية. على مدى السنوات الست الماضية، وحصل أكثر من 500 طاجيك على الجنسية الأوكرانية، ووفقًا للقانون الأوكراني، فإن هذا يجعلهم عرضة للخدمة العسكرية. أما بالنسبة لأوزبكستان، فقد حذرت وكالة هجرة العمالة الخارجية في هذه الدولة مواطنيها من المسؤولية الجنائية للمشاركة في الأعمال القتالية على أراضي دولة أخرى. ولوحظ أيضا مشاركة ممثلي أفغانستان في النزاع الأوكراني. ويستخلص هذا من الأنباء التي نشرت عن المواطن الأفغاني جلال نوري ، الذي انضم طواعية إلى القوات المسلحة لأوكرانيا ، ومعلومات حول القوات الخاصة الأفغانية السابقة التي انضمت إلى القوات الأوكرانية. وتجدر الإشارة أيضا إلى اعتقال مساعد المارشال دوستم، محمد رايس، في إيران ، في مارس الماضي ، بتهمة تجنيد لاجئين أفغان لصالح الجانب الأوكراني.
وفي هذا الصدد، تتسم كلمات الرئيس السابق لأفغانستان حميد كرزاي، بشأن مشاركة الأجانب في الحرب لجانب أوكرانيا، بأهمية خاصة، إذ قال: " لو كنت أوكرانيا، وكنت من أصحاب القرار في أوكرانيا، فسأوقف بالتأكيد وصول المرتزقة الأجانب إلى بلدي، وبهذا الصدد أعيد للأذهان التجربة المأساوية لأفغانستان " ولفت كرزاي الأنظار إلى العواقب المأساوية التي نجمت عن وصول المقاتلين والمنظمات الأجنبية إلى أفغانستان في الثمانينيات، والتي أدت إلى ظهور تنظيم القاعدة (المحظور في روسيا الاتحادية). وقال كرزاي "من الأفضل للأوكرانيين استخلاص النتائج من أخطاء الآخرين، والخروج من هذه اللعبة البالغة الخطورة التي يمكن للأجانب إطلاقها على أرضهم".
وتحدث المتخصصون في مركز صوفان عن مثل هذا الخطر في عام 2020: "تماما كما استخدم الجهاديون النزاعات في أفغانستان والبلقان وسوريا، يستخدم أنصار تفوق العنصر الأبيض، النزاع في أوكرانيا كمختبر وميدان معركة"، بينما يصنفون أوكرانيا على أنها ميدان أحلام لأنواع مختلفة لشبكة واسعة من التطرف اليميني المتطرف عبر الوطني، الذي جذب انتباه النازيين الجدد من جميع أنحاء العالم. كما كشفت الدراسات عن أن النازيين الجدد اقتبسوا من جهاديي داعش (المحظور في روسيا الاتحادية) والقاعدة الكثير سواء في مجال التكتيكات أو في مجال إيصال أيديولوجيتهم. في الوقت نفسه، أطلقت العديد من الجماعات اليمينية المتطرفة بشكل مباشر على أفعالها ب «الجهاد الأبيض" لتأسيس "الشريعة البيضاء".
وفي الوقت الذي أصبحت فيه أوكرانيا "حقل أحلام" لليمين المتطرف، فإنها ووفقا للتحقيق الصحفي الذي أجرته صحيفة زابورونا البولندية، كانت أيضًا "ملاذا آمنا" لجهاديي داعش بعد هزيمتها في 2018-2019. وفي أي حال يساهم هذا في تكوين مزيج خطير من أيديولوجية متجهة لممارسة العنف، والتدريب القتالي، والخبرة القتالية، علاوة على قدرته للحصول على الأسلحة، والاتصال بممثلي اليمين المتطرف، أو الأيديولوجية "الإسلاموية" المتطرفة المتطرفة من دول أخرى. ومن الإنصاف القول إن الجمع بين الدافع والحرفية، يمكن أن يكون له تأثير خطير في تشكيل وحدة قتالية مؤهلة تأهيلا عاليا، من حشد متنوع من المقاتلين الأجانب. ويُظهر تاريخ النزاعات الحديثة أن "جبهة النصرة" و"الدولة الإسلامية" (المحظورة في روسيا)، وكذلك "آزوف" الاوكرانية الحديثة، تشكلت في البداية، إلى حد كبير، من المتطوعين. وفي الوقت نفسه، وعلى خلفية تكثيف الغرب تزويد أوكرانيا بالأسلحة المختلفة، أصبح المتطرفين، سواء كانوا مرتزقة أجانب، أم متطوعين أم مقاتلين، ليس فقط وقودا لمختلف أشكال الحرب المختلطة، ولكن أيضا أداتها، لأنهم مناسبون تماما لتطوير واستخدام أنظمة الأسلحة المعقدة .
• المادة تعتبر عرض لدراسة نشرتها صحيفة نيزافيسيمايا الصادرة في موسكو
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |