|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
آصف ملحم
2022 / 8 / 7
يبدو أنه قد جرى التخطيط لإشعال إقليم كاراباخ منذ أشهر، وتحديداً بعد قيام العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا. فللغرب مصلحة حقيقية بتسخين هذه المنطقة لتخفيف الضغط على أوكرانيا وتشتيت الجهود الروسية والقوة الروسية. كما أن لحلف الناتو مصلحة مباشرة بتوتير العلاقة بين روسيا و تركيا، حليفة أذربيجان، خاصةً أن تركيا تلعب دوراً إيجابياً في الصراع القائم بين روسيا والغرب؛ وعلى ما يبدو أنه يراد لتركيا أن تكون أكثر انحيازاً للغرب.
الموضوع يدور حول مجموعة من الوثائق، تناقلتها العديد من المواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام، وهذه الوثائق تُثبِت أن أذربيجان قدّمت أسلحة لأوكرانيا. مما لا شك فيه أن هذا الأمر، إن صح، سيؤدي إلى توتير العلاقة بين موسكو من جهة وباكو وأنقرة من جهة أخرى.
المثير للإهتمام أنه تم نشر هذه الوثائق في أوقات متقاربة، كما أنه تم نشرها بعد اتهام الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، بتاريخ 15 تموز 2022، وزراة الدفاع الروسية بالإخلال بالتزاماتها حول إقليم ناغورني-كاراباخ، المتنازع عليه بين أرمينيا و أذربيجان؛ إذ تعهدت وزراة الدفاع الروسية بخروج القوات الأرمينية من الإقليم في نهاية حزيران من هذا العام، تطبيقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه بين أذربيجان وأرمينيا برعاية روسية بتاريخ 10 تشرين الثاني 2020.
نشر المجموعة الأولى من الوثائق أحد المنتديات الأوكرانية، و اسمه 2ch، ويتضمن بوليصات شحن وعقود لتصدير أسلحة أذربيجانية من السودان إلى بولونيا ومن ثم أوكرانيا. تعود بوليصات الشحن إلى شركة الطيران الأوكرانية المحدودة ميريديان Meridian Ltd، وهي شركة مسجّلة كشخصية اعتبارية تحت الرقم 32549596 بتاريخ 11 تموز 2003، يملك هذه الشركة السيد ألكساندر ألكساندرفيتش بوغدانوفيتش، وهي أول شركة طيران أوكرانية خاصة. و وفقاً لما هو منشور على موقعها الرسمي فهي تتعاون بشكل وثيق مع الأمم المتحدة ومع حلف الناتو لنقل الشحنات المستعجلة، بما في ذلك العسكرية وثنائية الإستخدام. تحمل هذه الشركة الكود MEM في المنظمة الدولية للطيران المدني ICAO. في هذا السياق لا بد من الإشارة إلى وجود شركة طيران أوكرانية أخرى اسمها ميريديان Meridian أيضاً، ولكنها تحمل الكود POV في المنظمة الدولية للطيران المدني.
قامت طائرة شركة ميريديان، التي حملت الرمز MEM5002، في شهر نيسان الماضي بثماني رحلات من مطار الخرطوم في السودان إلى مطار رزيشوف-ياسنكا في بولونيا. يتضح من الوثائق أن هذه الطائرة حملت معها قنابل من نوع BK-3، من إنتاج الجمعية الصناعية العسكرية CIHAZ التابعة لوزراة الدفاع الأذربيجانية. أما المستورد فهو شركة (أوكر سبيتس إكسبورت، UKRSPETSEXPORT)، وهي تابعة لوزراة الدفاع الأوكرانية.
و هنا لا بد من الإشارة إلى أن الولايات المتحدة اتهمت سابقاً شركة (أوكر سبيتس إكسبورت) بتوريد الأسلحة إلى الإرهابيين في جنوب السودان والشرق الأوسط. كما أن هذه الشركة على تعاون وثيق مع تركيا في تطوير الطائرات بدون طيار (بيرقدار).
أما المجموعة الثانية من الوثائق فتبين أن شركة CIHAZ الأذربيجانية أيضاً، في شهر حزيران الماضي، أرسلت شحنات من الأسلحة إلى الشركة الإسبانية (ستار الهندسية للدفاع واللوجستيات) Star defense logistics engineering-SDLE، ليتم نقلها لاحقاً إلى أوكرانيا. تتضمن هذه الشحنات: قواذف صاروخية سوفيتية مضادة للدبابات من نوع أر بي جي، صواريخ سوفيتية موجهة مضادة للدبابات من نوع 9M113, 9M111M, 9M111B1, 9M111-2، وهاونات ... وغيرها.
في الواقع، من الصعب جداً التحقق من صحة هذه الوثائق، إلا أنه من الواضح أن لنشر هذه الوثائق، سواء أكانت مزورة أم صحيحة، خاصة في هذه الظروف المتوترة التي يعيشها العالم، أهداف سياسية واضحة، وهذا لا يخفى على العقلاء!
لا نعتقد أن لأوكرانيا مصلحة مباشرة أو غير مباشرة بالترويج لهذه الوثائق؛ لأنه إذا كانت هذه الوثائق صحيحة فستنعكس عملية فضح القضية سلباً على العلاقات الأذربيجانية-الأوكرانية. أما إذا كانت مزورة، فعملية التزوير هذه ستؤدي إلى إثارة الشكوك عند الطرف الأذربيجاني حول الأهداف الخفية لمثل هذه الخطوة من طرف أوكرانيا.
أما فيما يتعلق بروسيا، فمن المستبعد أيضاً أن تقوم بالترويج لمثل هذه الوثائق، فالعلاقات الروسية-الأذربيجانية كانت ولا تزال في أحسن الأحوال، كما أنه لا مصلحة لأذربيجان نفسها بالقيام ببيع أسلحة إلى أوكرانيا. فضلاً عن ذلك، تستطيع روسيا مخاطبة أذربيجان مباشرةً عبر القنوات الرسمية لمعالجة هكذا مسائل.
على هذه الخلفية، فمن المرجّح أن تقف وراء الموضوع إحدى الجهات التابعة لحلف الناتو أو للدول الغربية؛ فلحلف الناتو مصلحة مباشرة بإشعال جبهات جديدة في المناطق الموالية لروسيا، ولقد شاهدنا في الأيام الأخيرة أن بعض البلدان الغربية يحاول القيام باستفزازات ضد روسيا أو حلفاء روسيا؛ وزيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان وتسخين إقليم كوسوفو خير الأمثلة على ذلك. يهدف الغرب من وراء تسخين هذه الجبهات إلى إيجاد موطأ قدم له يمكنّه من التدخل في شؤون الدول الأخرى الموالية لروسيا؛ خاصةً بعد أن رأينا أن الجبهة المؤيدة لروسيا والصين بدأت بالاتساع لتمتد على كامل الفضاء الأوراسي والشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، وهذه المناطق جميعها عانت عقوداً من التدخلات الغربية في شؤونها الداخلية.
= = = = =
*هذه المقالة تم نشرها باللغة الفرنسية في موقع AGORA VOX، وهو وسيلة إعلامية مستقلة ومقرها مدينة بروكسل، انظر الرابط:
https://www.agoravox.fr/actualites/international/article/le-conflit-du-karabagh-de-nouveau-243104
*يمكن الحصول على الوثائق التي تحدثتُ عنها في مقالتي من google drive:
المجموعة الأولى:
https://drive.google.com/drive/folders/11LIt1OzKjMef4ieVaf9ChKGz52Tup-tJ
المجموعة الثانية:
https://drive.google.com/drive/folders/1pjJJVBp-JtmBplPQsKkvjmpPE-GkM9c7
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |