![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
منى حلمي
2022 / 5 / 7
واجب على كل البلاد أن تحتفل بالعمل ، وبالعمال ، على مدار العام كله ، وليس فقط ، فى يوم واحد . أليس العمل ، هو الذى أوجد الحياة ، وصنع الحضارات ، وأبقى على النماء ، واخترع الأدوات ، فى كل مجال ، فى كل زمان ، ومكان ؟. أليس العمل ، هو الذى جعل من ماء البحر المالحة ، قطرات ماء عذبة ، تروينا ؟. وهو الذى أدار محركات السفن ،
والطائرات ، والسيارات ، لتنقلنا حيث نريد ؟.
العمل ، صنع أوتار العود ، والكمان ، لتعزف لنا عزاءها فى الأحزان ، ومشاركتها فى الفرح . كما صنع أوتار النول اليدوى ، لتغزل النسيج ، وصنع أرغفة الخبز ، لتبقينا على قيد الحياة . وعندما يفتك بنا الألم الشرس ، أليس العمل ، هو وراء الأقراص الأقراص المسكنة ، التى
تعيد سكينة الجسد ، وراحة النفس ؟.
وهى مهمة مضنية ، محكوم عليها بالفشل ، مسبقا ، أن يحاول أى انسان ، الاحاطة بمنجزات العمل ، وثمرات الكد ، والكفاح ، التى
قدمتها الطبقة العاملة ، منذ اشراقات الجنس البشرى . لنقل بكل بساطة ،
حتى نكون أمناء ، ومحقين ، وقارئين للتاريخ ، أن " العمل هو كل شئ ..
و أن كل شئ هو العمل ".
وعندما كنا نردد : " العمل حق واجب شرف حياة " ، لم يكن هذا
الترديد ، اعتباطا ، أو نوعا من الشعارات الجوفاء ، والضحك على عقول
العمال ، وتطييب خاطرهم . بل كان يعكس وعيا انسانيا راقيا ، بقيمة العمل ، ومكانة العامل والعاملة . " العمل حق واجب شرف حياة " ، كانت مقولة نرددها ، بزهو ، بصوت عال ، فى طوابير الصباح فى المارس ، ونكتبها على أغلفة الكتب والكراسات ، وعلى جدران المبانى ، وعلى زجاج الأتوبيسات ، وعلى حوائط الشوارع ، لنثبت قدر العمل فى المجتمع ، وبين الناس . كلمات قليلة بسيطة ، كانت كافية ، لأن يشعر
كل عامل ، وكل عاملة ، أنه فى وطن يشعر له بالامتنان ، وأن ما يفعله ،
لن يذهب عبثا ، أو هدرا . بل ان ما يفعله ، هو " ضرورة " ، للنهوض
الاقتصادى ، والاجتماعى ، والفكاك من التبعية ، والعلاقات التجارية العالمية ، غير المتكافئة ، التى تفرضها الدول الصناعية الكبرى ، على
الدول البادئة فى النهضة .
وفى مجتمع مثل مصر ، حيث الكثافة السكانية ، التى تعززها الثقافة الدينية التقليدية ، والأعراف الاجتماعية البالية ، يصبح العمل ،
والتوسع فيه ، وخلق مجالات متزايدة ، هو الحل الوحيد الأمثل ، لامتصاص الزيادة السكانية ، وتوجيهها نحو المسار الوطنى المفيد ،
للأفراد ، وللمجتمع على حد سواء .
ان الأفراد الذين يلدهم المجتمع ، ويكبرون ، ولا يجدون " عملا " ،
يتناسب مع تعليمهم ، ومهاراتهم ، وخبراتهم ، وأحلامهم ، وأمنيات أبائهم ، وامهاتهم ، وينتهى بهم الحال ، للتسول ، أو الجلوس على المقاهى ، يتحرشون بالفتيات ، والنساء ، هم " خطر " داهم .
على أنفسهم ، هم " خطر" ، حيث يقتلهم الاحباط ، والشعور بعدم
القيمة ، واللاجدوى ، وعدم البهجة فى الحياة . فى أغلب الأحيان ، تصيبهم أمراض نفسية ، وعضوية خطيرة ، حيث أجمل الطاقات
الايجابية معطلة ، باطلة عن التحقق . وكذلك ، يمتد الأمر الى الأسرة
التى قامت بتضحيات كثيرة ، من أجل تعليمهم ، وتربيتهم .
وهم أيضا ، " خطر " على مجتمعهم . فالبطالة ، أسرع طريق الى
الحقد ، والغضب ، والاستفزاز ، وتوليد الرغبة فى الانتقام ، بأشكال ،
ودرجات مختلفة . هم لا ينتقمون فقط لأنفسهم . ولكن أيضا ، لأم أنكرت راحتها ، وسعادتها ، وكرامتها ، لكى يدخلون المدارس والجامعات . وكذلك ، لأب ، كان يحرم نفسه من اللقمة ، والهدمة ، ليوفر لهم
حياة أفضل .
اذن فالعلاقة وثيقة ، وعضوية ، وحميمة ، وعميقة ، أكثر مما
نتصور ، بين " العمل " ، و بين " النهضة " ، و" السعادة " ،
و " الصحة النفسية " ، و" الصحة الجسمية " ، و " الأمان " ،
و" الاستقلال " ، و " الحرية " ، للفرد ، والمجتمع ، على حد سواء .
ان بلدا مثل الصين ، حيث يصل سكانها الى ما يقرب من 2 مليار نسمة ، عرفت كيف تستفيد من هذا الكم الضخم ، وكيف تحوله الى سلاح للتقدم ، ينبهر به العالم كله . بالعمل ليلا ، ونهارا ، أعلنت الصين
مؤخرا ، أن العام الماضى 2021 ، هو عام خلو البلاد من مواطن واحد فقير .
واليوم نستمر فى قراءة الأخبار التى تفيد أن مصر ، سوف تعمم
الادارات الالكترونية ، والميكنة ، والشباك الواحد ، لخدمة الشعب المصرى ، ولتقليل فرص الفساد .
كلام جميل . ولكن ماذا سنفعل مع الانفجار السكانى الهائل ؟.
ماذا سنفعل ، وكل عشرين ثانية ، يولد طفل ؟.
ثانيا ، هل خدمة الشعب المصرى ، تكون بالتوسع فى الميكنة ، والاستغناء عن أبنائه ، وبناته ، فى " العمل " ؟. أم بخلق فرص
جديدة ، ومتزايدة ، للعمل ؟.
ثالثا ، ان القضاء على الفساد ، الذى ينبع من العنصر البشرى ،
ليس بالغاء العنصر البشرى . ولكن بتوفير فرص عمل أفضل ، وتحسين
الأحوال المادية ، والمعيشية ، والبيئية ، والتشريعية ، للعنصر البشرى ،
حتى لا يضطر الى أخذ رشاوى ، أو عقد صفقات للتحايل على القوانين .
ان القضاء على المرض ، لا يكون بالقضاء على المريض . ولكن
بالتشخيص السليم للمرض ، والعلاج الآمن غير الجشع .
لنأخذ بعض مزايا " الميكنة " ، فى حدودها التى تفيدنا ،
و تحررنا ، وتتناسب مع موارد بشرية ضخمة ، نحولها من " نقمة " ،
الى " نعمة "
حوار مع المفكر اليساري عدنان الصباح حول دور واوضاع اليسار في المنطقة العربية عموما وفلسطين بشكل خاص | د. اشراقة مصطفى حامد الكاتبة والناشطة السودانية في حوار حول المراة في المهجر والاوضاع في السودان |
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |