|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
آصف ملحم
2022 / 3 / 14
في هذه المقالة لن أسهب طويلاً في هذه المسألة، بل سأكتفي بإعادة صياغتها وطرح ما أمكن من أسئلة حولها، على أن أعود إلى معالجة هذه القضية بالتفصيل في عمل لاحق.
في عمل سابق (انظر المرجع 1) حاولتُ صياغة نظرية معرفية، أطلقت عليه نظرية العوامل المتعالية أو نظرية الفئات المعرفية، وتناولتُ مفهومي الوجود والماهية في إطارها، لذلك سنحافظ على المصطلحات التي طرحناها هناك.
وهكذا، فإننا نفهم وجود كائن ما (آ) بأنّ هذا الكائن (آ) مُلقَى في مكان ما حولنا. وفقاً لهذا التعريف، فقولنا: إنّ ذلك الكتاب الملقى على الطاولة (موجود) يعني أنه عنصر أو شيء أو كائن من أشياء أو كائنات العالم، أي أنه ينتمي إلى العالم أو أنه عضو فيه. ولكن عندما نبدأ الحديث عن شكل الكتاب أو لونه أو عدد صفحاته و ما شابه، فهذا يعني أننا بدأنا نتحدث عن ماهيّته. لذلك، فنحن أمام حقيقتين حِيال جميع الأشياء: (وجود الشيء) و (ماهيّة الشيء). بعبارة أخرى، تظهر الماهيّة في الإجابة على السؤال: ما هو هذا الشيء؟ وهو سؤال مختلف عن السؤال حول الوجود: هل يوجد (هذا الشيء)؟
مما لا شك فيه، للحصول على جواب على السؤال (ماهو هذا الشيء؟)، لا بد من افتراض وجود (كائنات) يمكنها طرح أسئلة من هذا النوع.
تأسيساً على ما سبق، يجب التمييز بين تعريفين مختلفين للماهية:
الأول – (الشيء، الكائن ... الخ) كما هو، أو ببساطة الشيء ذاته. في هذه الحالة يتطابق الشيء مع الماهية، فهما متحدّان أو متساويان، لذلك للتبسيط سندعوها بـ (الماهيّة). بعض الفلاسفة يدعوها بالماهية الخارجية، لأنها مستقلة عن الكائنات التي تفكّر بها.
الثاني – وهو (الجواب) على السؤال (ما هو؟)، فهذا الجواب أو الأجوبة هي نتيجة دراسة ذلك الشيء، لذلك فإن (الصورة) أو(التمثل) الذهنيين اللذين يرتسمان بنتيجة هذا النوع من الدراسة سوف نسميه (الماذية) – من كلمة (ماذا)، وهي الترجمة المباشرة للكلمة الانكليزية whatness. بعض الفلاسفة يسميها الماهية الداخلية أو الماهية الذهنية، لأنها ترتسم فقط في ذهن من طرح السؤال (ماهو؟) أو من درس الشيء أو الكائن المعني.
كذلك الأمر، لـ (الوجود) تعريفان مختلفان:
الأول – (الوجود الحقيقي)، أو الوجود الخارجي، أو ببساطة الوجود.
الثاني- (الوجود الذهني)، أو الوجود الداخلي، و سنسميه (الوُذُود)، تمييزاً له عن (الوجود).
أما فيما يتعلق بالمسألة التي نحن بصددها الآن، فيختصرها السؤال التالي:
أيهما هو الأصيل، الوجود أو الماهية؟
أو
أيهما هو الأولي، الوجود أم للماهية؟
فهل الوجود ناتج عن الماهية أم العكس؟
فهل يجب، عند التحقيق، أن نثبت الماهية أولاً أم الوجود؟
يعتبر السيد محمّد باقر بن محمّد الحسيني الاسترآبادي المعروف الميرداماد (1561-1631 ميلادية) أول من طرح هذه المسألة، وهو أستاذ صدر المتألهين الشيرازي، أو الملا صدرا. الميرداماد كان يتبنى القول بأصالة الماهية، إلا أن صدر المتألهين رفض القول بأصالة الماهية وأشاد أركان نظرية أصالة الوجود التي أضحت محوراً أساسياً لإبداعاته الفلسفية.
في الحقيقة، حيال هذه المسألة هناك أربعة فرضيات، وهي:
1-يكون كلا الأمرين (الوجود والماهية) اعتباريين.
2-كلاهما أصيل.
3-الوجود أصيل والماهية اعتبارية.
4-الماهية أصيلة والوجود اعتباري.
لكل فرضية من هذه الفرضية مرجّحاتها، كما أنها تؤدي إلى نتائج معينة. إضافة إلى ذلك، فإن كل منها سيقود إلى أسئلة جديدة، تستوجب الدراسة والفحص. لذلك سنكتفي، في هذه المقالة، بهذا القدر، على أن نعود إلى هذه المسألة في مقالات لاحقة، لأن الغاية هنا تعريف المسألة وتحديد بعض جوانبها فقط.
المراجع
1-الدكتور آصف ملحم، الوجود والماهيّة في إطار التفييء المتعالي ابستمولوجياً، موقع آصف ملحم للدراسات الفكرية، 2022. الرابط:
https://www.molhemassef.net/studies-researches/essence-and-existence-in-frame-of-epistemological-transcendence/
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |