قبل أنْ تغادر الدنيا!

محمد عبد المجيد
2022 / 3 / 3

كيف ستغادر الدنيا وأنت لا تعرف شيئا عن الحياة، المعرفة، فحوىَ آلاف الكُتــُـب، الصداقة مع إنسان ليس من أتباع دينك، التسامح مع الآخرين، الحب من طرف واحد مرة واثنتين ومئة مرة و.. آلاف المرات؟
كيف ستغادر الحياة وتقابل خالقك وأنت لم تناضل ضد طاغية، ولم تعاكس ديكتاتورًا، ولم تناهض مستبدًا؟
كيف ستغادر الدنيا وتقول لرب العزّة بأنًّ روحَ اللهِ فيك تحولتْ إلى روحِ أرنب، وإرثَ أسلافــِــك على مدىَ التاريخ انكمشتْ في فأرٍ يختبيء مع أول صيحة من رجل أمن، ومخبر، وسجّان.. ورئيسِك في العمل.
كيف ستغادر الدنيا وتلتقي عظيمَ السماوات والأرض؛ حيث آلاف من أهل بلدك وشبابها يصرخون ويتألمون في زنزانات عطبة تفوح منها رائحة العفن لسنوات لا نهائية، وهم ينتظرون لسانــَــك الذي سبّح يوما برب الكون أنْ ينطق بحرف واحد لعل سجــّــانيهم، ومعذبيهم يتأكدون أنك تنتمي إليهم.
كيف ستغادر الدنيا وما تملك من حياتك غير الصغائر والتفاهات وقد هجرتَ عالم المعرفة؟
كيف ستغادر الدنيا وقد خلقك اللهُ في زمن قائمٍ على الاكتشافات، والعلوم، والثقافة، والتقدم؛ فإذا بك تُقدّم حسابــَـك يوم القيامة بقُدرتك على استبدال حياة غيرك السلفية بحياة عصرك المتقدمة، فهجرتَ نعمة الله واعتنقت حكايات ماضوية من غير زمنك تتحاور حولها، وتحارب من أجلها، وتـــَـقتـُـل أو تُقتَل لاثبات عبقرية ما لم تعشه، أو تَحْضره أو.. تتنفس حتى من هوائها؟
كيف ستقف يوم القيامة أمام الله وقد أعطيتَ دنياك لأسخف، وأتفه، وأسطـَـح، وأحطّ الناس لظنك الموهوم أنهم سياسيون، أو محتالو عقائد؛ وسارقو جهل؟
كيف ستقول لربك أنه، عزّ وجل، لم يقنعك أن تكون فارسا؛ فانتميت لعالم الحِمْلان، واستبدلتَ بروح الله رعشةَ ضفدع خشية أن يغتصب عقـْـلـَـك قائدٌ أو ديكتاتور أو حكاواتي جاهلٌ نــَـقّبَ في أوراق قديمة متهتكة و.. بالية؟
كيف ستصل إلى السماء يوم القيامة وأنت لا تمتطي صهوة جواد لفارس؛ إنما تحمل عشرات الأعوام من حياة حملان تتوهم أن الذئب يطاردك ولو كنت بمفردك معزولا في غرفة بركنٍ قصيّ في أقصى الأرض؟
من ليس فارسا ولو كان مخلوقا أميبيا، أو حشرة، أو نملة، أو فيروسًـا.. فلا يتمنّىَ لقاءَ الله!

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي