|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
عثمان بوتات
2022 / 2 / 22
من منطلق غائي يطرح السؤال الأنطولوجي نفسه على شكل؛ ما الغاية الوجودية للإنسان؟
كمنطلق لمحاولة الإجابة عن هذا السؤال يمكننا صياغة سؤال آخر؛ ما الذي يميزنا كإنسانية عن باقي الأشياء والكائنات؟
بعد تأملٍ بهذه الأشياء والكائنات، يمكننا الإختلاف حول؛ هل لها غاية غير جوهرية، أي غاية يفرضها استعمالنا لها ( كما نفرض على الكرسي غايته التي هي الجلوس عليه )؟ أم لها غاية جوهرية منفصلة عن استعمالنا لها؟ أم غاية نسبية؟
في المقابل يمكننا الالتقاء في كون لهذه الأشياء-الكائنات غاية. ومنه فنحن نحسم أنّ ماهيتها ( غايتها ) سابقة على وجودها. كيف ذلك؟ قبل أن يصنع النجار الكرسي الذي نجلس عليه فقد رسم سابقاً بذهنه ماهيته-غايته؛ وهي الجلوس عليه. وبه فهوية هذا الكرسي سابقة على وجوده. وهذه الغاية -التي في المثال- مايمكن اعتبارها غاية غير جوهرية؛ عكس، مثلاً، غاية الحيوانات في الطبيعة، أو بذرة ستصبح شجرة في الطبيعة.. التي تكون غايتها جوهرية في الغالب، وليست كذلك أحياناً؛ لأنه من الممكن للإنسان أن يجعل من غايتها غير جوهرية. لكن عامةً، ومن أجل أن موضوع؛ غاية الأشياء بالطبيعة؟ ليس موضوعنا، أو ما يقلقنا الآن، سنقف عند هذا الحد. وننطلق من معطى أن لها غاية فحسب. ومن تم نربط أن كوننا بشر، فنحن جزء لا يمكن تجزئته عن هذه الكائنات-الأشياء، ونستخلص أن هويتنا كبشر يتم تكوينها سابقاً، خارج إرادتنا. فنحن لا نختار نوعية الأجساد التي نولد بها، ولا متى نولد، ولا أين نولد، ولا كيف نولد! فمتى إذن ننفصل عن بشريتنا ونصير إنسانية؟ متى يوجد الإنسان؟
يمكننا الإجابة عن هذا من خلال الكوجيطو الديكارتي " أنا أفكر إذن أنا موجود "؛ أذن إنه التفكير، ما يحيلنا على أنه العقل، أو الوعي بأننا ذات مفكرة. إذن فالإنسان يوجد حين يكون ذات مفكرة، واعية، وحرة، لا ذات خاضعة -بشرية-.
وبهذا سنعود لسياقنا الأنطولوجي الذي طرحنا فيه سابقاً سؤال؛ ما الذي يميزنا كإنسانية عن باقي الأشياء والكائنات؟ ونجد أنه سؤال يحتوي بحد ذاته على الجواب: أننا إنسانية. كيف ذلك؟
إن كون الفرد إنسان يثبت في الوقت ذاته أنه يفكر بحرية، وواعي بذاته، وكل ما يتم التفكير فيه بغاية بشرية، وتخدم الجسد، واللاشعور؛ فهي لا تُعَد مع نوعية الفكر الذي نتحدث عنه.
بعد هذه الحالة الشاذة عن الطبيعة، ومعها بالذات، يمكننا التساؤل؛ هل لا تزال الهوية سابقة على الوجود؟ يجيب ج. ب. سارتر عن هذا؛ بقطعاً لا.
إنّ الإنسان هو الحالة الوحيدة التي يجد فيها نفسه موضوعاً في هذا الوجود، ووجوده سابق على ماهيته. وذلك بكون الإنسان هو ذات حرّة، ومحكومٌ عليه بهذه الحرية، أي أنه مفروض عليه بحرية تشكيل هويته بنفسه وما سيكون عليه.
وبهذا نوجز، إلى أن السؤال الذي طرحنا من قبل؛ ما الغاية الوجودية للإنسان؟ هو سؤال مغلوط. وما يجب التساؤل عنه حقاً هو؛ كيف نصنع هذه الغاية؟
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |