ملاحظات واستنتاجات حول الغارة الإسرائيلية

محمود جديد
2021 / 12 / 31

===========================

استكمالاً للمقال الذي نشرته سابقاً في موقع الحوار المتمدن ، أضيف الملاحظات والاستنتاجات التالية :

1 - هل يُعقل أن يقدم العدو على قصف هدف على مسافة 15كم من قاعدة الحميميم بدون علم مسبق للروس؟ فما من موضوعي يقتنع بذلك ، وخاصة بعد حادثة إسقاط طائرة الاستطلاع الروسية المجهّزة بأحدث التقنيات لمراقبة تحركات وتصرفات الفصائل المسلحة في شمال شرق محافظة اللاذقية ، ومحافظة إدلب ، وذلك بصاروخ سوري أثناء ملاحقة طائرة إسرائيلية معتدية كانت تتخفّى خلفها ، ويومها كان الاستنكار الروسي شديداً .

2 - رواية الروس ، هي أن الطائرات الإسرائيلية قصفت من وراء طائرة شحن روسية قادمة إلى حميميم ، ولذلك لم تستطع قوات الدفاع الجوي السورية من التصدّي للغارة ... وإذا سلّمنا جدلاً بصحة الرواية الروسية ، فأين ردّ الفعل الروسي، أليس التلطّي الإسرائيلي خلف طائرة شحن ممنوعاً ، ومخالفاً للملاحة الجوية ؟ وتكراراً لحادثة سابقة ؟ ولماذا الصمت هذه المرّة ؟ .

3 - وهل يتصوّر المرء أنّ قيادة عسكرية يتعرّض عتادها العسكري للقصف قبل أيام ، ثم تعود وتضع عتاداً آخر في المكان نفسه ؟

4- المعروف ، والبديهي أنّ الأسلحة والذخائر تُفرّغ من الباخرة مباشرة إلى شاحنات وقاطرات عسكرية تنتظرها بالقرب من الرصيف ، وثمّ تُنقل إلى القواعد والمعسكرات العسكرية . ولا يُعقل تخزينها في منطقة تجميع الحاويات التجارية ، وفي أهم مرفأ تجاري في سورية .

5 - هل يتصوّر عاقل أنّ أسلحة وذخائر توضع في مساحة تجارية بدون حراسة عسكرية ، ولوكانت موجودة فلن يكون مصيرها سوى الموت نتيجة شدة القصف ومباشرته ، ولم نسمع بسقوط ضحايا بشرية ، لا بل تمّ نفيها رسمياً ؟ ولو كانت الحاويات تخزّن أسلحة وذخائر ، لكانت الانفجارات قد تتالت بعد انفجار الصواريخ ، وفقاً لوصول الحريق إليها ، ولما بقي من أثر لهياكل الحاويات التي تمّ إطفاؤها لاحقاً ، والصور الصحفية الملتقطة مباشرة بعد الإطفاء على شاشات التلفزيونات ، عرضت الحقيقة .

6- أليس النقل الجوي أسرع وأضمن لإيران لنقل العتاد إلى القوات المحسوبة عليها ، والمتواجدة في سوريّة ؟ وخاصة أنّها ليست بحاجة لعتاد ثقيل ، وتقوم بدور الداعم للجيش السوري ، ومصانع سورية تغطي الحاجة من الذخائر اللازمة .. كما أنّ " حزب الله " أصبح يصنّع صواريخه الدقيقة داخل لبنان ، وقد أشار القادة الإسرائيليون إلى ذلك أكثر من مرّة ، وحتى المقاومة الفلسطينية المحاصرة في غزة تصنّع صواريخها هناك ، والأمر ينسحب أيضاً على الجيش واللجان الشعبية الحوثية في اليمن ..

7- وإذا كان استيراد الأسلحة لصالح الجيش السوري ، فمن المعروف أنّ مصدر أسلحته هي روسيا ، وفي هذه الحالة ، فإنّ مرفأ طرطوس هو الأفضل والأقرب إلى الداخل السوري ، وعادة تقوم القوات الروسية بحماية قافلة شحنها حتى وصولها إلى قواعدها العسكرية في الداخل السوري .

وإزاء ماتقدّم عرضه ، فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو : ماهي الأهداف الإسرائيلية من شنّ تلك الغارة ؟
وحسب رأينا ، وكما نتوقّعه هو أحد أو أكثر من الاحتمالات التالية :
- المزيد من الضغط على النظام السوري ، وإبراز عجزه عن الردّ ، لإضعاف الروح المعنوية بين صفوف جيشه ، ومؤيديه ، وإرباك حلفائه وإحراجهم .
- كشف أسلحة الدفاع الجوّي ، ونوعها ، وفعاليتها .
- تدريب الطيارين الإسرائيليين على استخدام أسلحة طائراتهم على أهداف حقيقية معادية ، وهذا النوع أفضل وأعلى أنواع التدريب .
- التكامل مع قانون قيصر ، لتحقيق الخنق الاقتصادي ، عن طريق تدمير مستوردات الحكومة السورية التي استطاعت جلبها لسد النقص الحاصل منها في السوق الداخلية .
وأخيراً ، نستطيع القول : لقد تركت هذه الغارة أثراً سلبياً في نفوس معظم السوريين تجاه التراخي في الموقف الروسي تجاه ( إسرائيل ) ، وخاصة في منطقة اللاذقية ، وهي البيئة التي يتنفّس منها جنود قاعدة حميميم في أوقات راحتهم . ولكنّ الذي يحزّ في النفس هو وجود بعض السوريين المعارضين فرحين بالغارة ، وبالتالي عاجزين عن اصطفاء الموقف الصحيح عندما يكون العدو هو ( إسرائيل ) ، والصراع معه ، فلا يجوز لوطني حقاً أن يتردد في الإدانة، ولا أجد عبارة أرحم في جعبتي الآن ، ولكن ربّما قريباً سأجد .

في : 31 / 12 / 2021

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي