![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
محمد فُتوح
2021 / 12 / 29
الفلسفة الحديثة والمعاصرة
----------------------------------------------------------
إمانويل كانط ( 1734 – 1804م )
--------------------------------------
يرى كانط أن الجمال هو أمر إستطيقى ، أى أمر جمالى ، له وجوده الموضوعى . فالجميل هو ما نعتبره موضوعاً لرضا ضرورى دون الاستناد إلى أى مفهوم عقلى . بمعنى أننى عندما أصدر حكماً على شىء بأنه جمسل ، ليس هناك هوى يجعلنى أكذب ، أو أخدع نفسى فى الحكم ، بمعنى أننى أجد نفسى مدفوعاً بالضرورة إلى اعتبار ما هو جمالى جميلاً بالفعل .
إن الجميل فى ذاته وبذاته ، لا يستند فى جماله إلا على طريقة تكوينه . الكتاب الذى يبسط فيه " كانط " فلسفته الجمالية ، هو كتاب " نقد الحكم " ، الذى يقول عنه هو يسمان أنه أحسن مقدمة ، إن لم يكن المقدمة الوحيدة لعلم الجمال ، ونظراً لصعوبته فقد فسّره إجمالياً ، وفيه يقول : " إن الحكم الذوقى حسى ، لا منطقى ، أى أنه ليس جزءً من المعرفة العقلية التى تُساق عليها الحجج والبراهين ، بحيث تتسلسل النتائج من مقدماتها ، ذلك أن المعرفة العقلية ، قوامها تصورات تتصل بما هو واقع بالفعل فى الحقيقة الخارجية من كائنات وأشياء ، وأما إذا كانت أفكارنا لا صلة لها إلا بمشاعرنا نحن من لذة أو ألم ، فعندئذ لا يكون ثمة تقابل بين مضمون الفكرة من جهة ، وحقيقة الشىء الخارجى من جهة أخرى".
إن الجمال عند كانط ارتياح منزه عن كل غرض ، فالجمال متعة كلية ، خالية من كل غرض ، وهذا الجمال يستشعره الكل ، فالجميل جميل للجميع ، والجميل جميل بسبب صورته ، بمعنى أنه يريد أن يحقق غاية ، ثم عندما ندقق لا نجد غاية بعينها ، لا نجد سوى الاية فى حد ذاتها .
إن إدراك الجمال فى الأشياء ، يعتبر إدراكاً مباشراً مستقلاً عن تصورنا
لما هو " جميل " ، وكذلك فنحن لا حاجة بنا إلى برهان للتدليل على جمال الأشياء ، وإنما تتبدى فى الشى سمة الجمال ، التى ندركها فيه دون حاجة إلى تصور نموذج أو مثال للجمال ، نقيس بمقتضاه جمال الأشياء . ولا يختلف الحكم الجمالى عن الحكم الأخلاقى فى تبرئه كل منهما وابتعاده عن إشباع لذة أو تحقيق متعه ، وتحررهما من ضغط الرغبات أو الميول والأغراض . فالجمال يبعث فى نفوسنا السرور والارتياح والنشوة الخاصة المبهجة الغامرة ، دون التقيد بتحقيق أى غاية مغايرة لهذا الشعور.
ووفقاً لكانط هناك نوعان من " الجمال " ، " الجمال الحر " ، و " الجمال التابع " . الجمال الحر هو الجمال الذى لا يفترض مسبقاً فكرة عن الشىء موضوع الحكم .
بينما " الجمال التابع " دائماً يعتبر كذلك " أى جميل " من خلال مفهوم معين . أى أن " الجمال التابع " مشروط بهذا المفهوم ، وبالتالى يتم الحكم عليه باعتباره مرتبطاً بمفهوم له غاية معينة أو هدف معين .
وقد أدى تمييز كانط بين " جمال حر " و " جمال تابع " ، إلى أن يقول بوجود تذوق جمالى خالص . " فالجمال الحر " كما يرى كانط ، هو الجمال المكتفى بذاته ، والذى يضطرنا لتقدير هذا الجمال كقيمة فى حد ذاته ، فإذا لم تكن هناك أحكاماً للتذوق كقيمة خالصة ، تسقط بالتالى معها فكرة التمييز بين " جمال حر " ، و " جمال تابع "
هيجل : ( 1770 – 1831 م) :
---------------------------------------
يقول هيجل فى مؤلفه " محاضرات فى علم الجمال " ، " أننا تستثنى من مادتنا الجميل فى الطبيعة ". فهو يرفض منذ البداية الجمال فى الطبيعة ، لأنه يرى أنه لا جمال سوى الجمال العقلى ، وهو الجمال الموجود فى الفن ، لأنه نتاج العقل مع الإحساس . " إن الجمال الفنى أرقى من الطبيعة ، لأن جمال الفن هو الجمال المتولد من العقل ، وبهذا لما كان العقل ومنتجاته أسمى من الطبيعة ومظاهرها ، فإن جمال الفن أرقى من جمال الطبيعة " . ويبرر هيجل هذا بقوله : " إن العقل ، والعقل وحده ، قادر على الحقيقة ويستوعبها فى ذاته ، حتى أن ما يكون جميلاً لا يكون جميلاً حقاً وحقيقياً ، إلا بالمشاركة فى هذا العنصر الأرقى وكشىء مخلوق ، و بهذا المعنى إذا كان هناك جمال فى الطبيعة فإنه لا يكشف نفسه إلا على أنه انعكاس للجمال الذى يمت إلى العقل " .
إن الجمال عند هيجل هو المظهر الحسى للفكرة . أو بمعنى آخر هو تجلى الفكرة بطريقة حسية ، وموضوع الاستطيقا ، لا يتناول الجمال الطبيعى ، وإنما يتعلق بالجمال الفنى ، لأن الجمال فى الفن أرفع مكانة من الجمال الطبيعى ، لأنه إبداع الروح وخلق الوعى ونتاج الحرية ، وماهو من إنتاج الروح ، يحمل طابعها ويكون أسمى من الطبيعة .
إن الجمال بالمعنى الحقيقى ، لا يوجد إلا فى الإنسان ، لأن الجمال تعبير عن الصورة العقلية ، وهى لا توجد إلا فى عقل الإنسان . أما الجمال فى المناظر الطبيعية ، فلا يعد جمالاً بالمعنى الحقيقى ، لأن المنظر الطبيعى جماد خال من العقل . وكذلك الجمال فى الحيوان الأعجم . إنما هو مرتبة دنيا من الجمال ، ولا يتجلى إلا فى حركاته ووحدة أعضائه ، فى أداء وظائفها . ولهذا كان أبرز ما فى الحيوان ذى الحركة السريعة ، وكان القُبح من نصيب الحيوان الهامد القليل الحركة . هكذا يفسر عبد الرحمن بدوى .
جورج سانتيانا ( 1863 – 1952 م)
------------------------------------------
يرى جورج سانتيانا ، أن الجمال هو قيمة إيجابية ، نابعة من طبيعة الشىء . الجمال هو لذة نعتبرها صفة فى الشىء ذاته .
والمقصود بهذا التعريف :
أولاً : أن الجمال قيمة ، أى أنه ليس إدراكاً لحقيقة واقعة أو لعلاقة ، وإنما هو انفعال ، انفعال لطبيعتنا الإرادية التذوقية ، فلا يكون الموضوع جميلاً ، إذا لم يولد اللذة فى نفس واحدة ، والجمال الذى لا يهتم به أحد مطلقاً ، إنما هو تناقض فى الألفاظ .
ثانياً : أن هذه القيمة إيجابية ، أى أنها إحساس بوجود شىء حسن ، أو بانعدام شىء حسن ( فى حالة القُبح ) . ويرى سانتيانا أنه لا ينبغى للذة الجمالية أن تكون نتيجة للمنفعة التى يجلبها الموضوع أو الحدث . وبعبارة أخرى أن الجمال خير مُطلق أى أنه يرضى وظيفة طبيعية أو حاجة ، أو ملكة جوهرية فى العقل البشرى . الجمال إذن هو قيمة إيجابية ذاتية ( بمعنى أن قيمته فى ذاته ) ، فهو لذة من اللذات . وهذان الشرطان هما اللذان يفصلان مجال الجمال عن مجال الأخلاق الفصل الكافى . فالقيمة الأخلاقية عادة سلبية ، وهى دائماً غير مباشرة ، لأن وظيفة الأخلاق ، تتعلق بتجنب الشر والسعى وراء الخير . بينما تتعلق وظيفة الجمال بالمتعة .
وأخيراً تتميز لذات الحس عن إدراك الجمال ، كما يتميز الإحساس عادة من الإدراك الحسى ، فى كون العناصر التى يتألف منها إدراك الجمال تتحول إلى موضوعات ذات وجود خارجى ، بحيث تبدو صفات فى الأشياء ، أكثر مما تبدو صفات فى الوعى . والانتقال من الإحساس إلى الإدراك الحسى التدريجى . وهذه هى الحال فى الجمال ، وفى غيره من لذات الحس ، فليس هناك حد فاصل واضح بينهما . يقول سانتيانا أنه عند قولى ، " إن الشىء يسرنى " أو " إن الشىء جميل " ، فهذا يعنى درجة تحويل أساسى إلى موضوع . وإذا كنت واعياً بذاتى متوخياً الدقة وروح النقد ، فإننى قد أستعمل إحدى هاتين العبارتين دون الأخرى. إن الجمال هو لذة أصبحت موضوعاً .
إن الجميل عند جورج سانتيانا هو فى حقيقة أمره نوع من التقدير الموضوعى للذة أو السرور .
من كتاب " التلوث البصرى والتذوق الجمالى " 2008
-------------------------------------------------------------------
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |