![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
محمد فُتوح
2021 / 12 / 4
-------------
النيولوك للإخوان المسلمين
----------------------------------------
الجهاد على أنغام الموسيقى الشرعية
-----------------------------------------------------
لا أدرى بالتحديد ، لماذا يصيبنى الغثيان ، وأنا أتابع على صفحات الجرائد ، كيف لا يتوقف البعض من الكتاب والاعلاميين والسياسيين ، عن مغازلة الإخوان المسلمين .
فى الحقيقة ، تنتابنى الحيرة . أعرف أن البعض ، ربما يسمى السياسة " فن إثارة الحيرة " ، أو " فن إثارة الغثيان " ، حيث لكل إنسان مبدأ ، أو لنقل لا مبدأ ، لا يحيد عنه .
مازال البعض ، رغم التاريخ المشبوه الانتهازى الدموى للاخوان ، يبرر لهم أفعالهم ، ويروجون أنهم كانوا منذ نشأتهم ، " الضحية " البريئة المستهدفة من النظام السياسى ، التى من حقها التعويض عن سنوات الاضطهاد .
مازال البعض ، يسعى الى تحسين صورة " أخونة " المجتمع ، بالضبط كما يفعل البعض لتحسين صورة " الأسلمة " .
ما هذه النفعية السياسية سواء عن عمد ، أو عن جهل ؟؟.
ان الإخوان المسلمين ، منذ إنشائها على يد حسن البنا عام 1928 ، جماعة " محظورة " دستورياً وسياسياً . ولولا الأزمات الاقتصادية والاجتماعية ، لما كان لهم أنصار.
أن الإخوان جماعة ، تحترف الكذب والتقية ، وافتعال الأدوار . أن الإخوان ، لا كلمة لهم .. لا وعود لهم .. هم فى كل مكان ، انتشروا فى العالم ، بفضل فلوسهم ، وحرصهم على التنظيم ، لا يتورعون عن تغيير أساليبهم التقليدية ،وتصريحاتهم المعلنة ، ووعودهم التى تلبس ألف وجه ، إذا كان هذا ، سيقربهم من كرسى الحكم ولو متراً واحداً . هم يغيرون جلدهم ، حسب الطقس السياسي ، والمناخ المرصد من خلال أجهزتهم ، وجواسيسهم وتوقعاتهم ، واستفادتهم من دروس الماضى.
لقد اخترقنا الفكر الإخوانجى ، العقل المصرى ، والوجدان الشعبى ، وتمكنت الأوكار الدينية المتطرفة المتعصبة ، خاصة فى العشوائيات والمناطق الريفية ، من الدعاية الدينية ، التى تردد " الإسلام هو الحل ".
وصلت مغازلة البعض للاخوان المسلمين ، الى اعتبار أن تطبيق
" الشريعة الاسلامية " ، ليس أمرا يبعث على الخوف والارتياب . فهى ستمهد أولا ، للمناخ العام الذى يمكنه يتقبل الحدود الشرعية ، وخصوصية المجتمع ،وأحواله الاقتصادية . كما أن الاخوان المسلمين ، لهم رؤية
" عصرية " ، وكثير من أعضاء الجماعة ، تعلموا بالخارج ، ونالوا أعلى الشهادات ، ومطلعون على مظاهر المدنية الحديثة .
من ناحية أخرى ، ومن متابعتى للأنشطة الإخوانية ، وتصريحاتهم التى تدل على تغير فى العمل من أجل الحكم ، ومعها أيضاً تتغير التيارات الإسلامية المتناثرة فى العالم ، والجماعات الإسلامية فى أمريكا والغرب ،
من ملاحظاتى للتحركات الأخوانية ، " العصرية " ، أنهم يركزون الآن على " الفن " من مسرحيات ، وأغنيات ، وأفلام . لقد أدركوا أن الطرق الجهادية التقليدية ، لم تعد تجدى كثيراً وتفقدهم الناس ، بدلاً من أن يكسبوهم ، وأن الطرق القديمة فى الجهاد ، أصبحت مكشوفة ، من تكرارها ، ومباشرة فتاويها ، وبدء وجود " يقظة " بين الناس – حتى ولو كانت بطيئة وغير مكتملة الأبعاد – بحقيقة أغراض هذه الجماعة ، وارتباطها بأشكال ودرجات متفاوتة ، بخلق مناخ العمف والتعصب الدينى ، والتطرف الإسلامى ، وعولمة الإرهاب الذى يقتل فى كل مكان باسم الدين وباسم الإسلام.
وبالتالى ، فقد أخذت بؤرهم وأوكارهم ، وفروعهم فى مختلف أنحاء العالم ، إلى استخدام" الفن " كوسيلة بديلة " عصرية " .. " مطاطة " ، لنشر الجهاد الإخوانجى.
وسوف أشير فقط هنا ، إلى مثلين .. فى زيورخ ( سويسرا ) ، يوجد مركز ثقافى اسمه المركز الثقافى العربى السويسرى. لاحظوا أن اسم المركز ليس فيه كلمة " إسلامى " ، وذلك غالباً ليحصل على موافقة لإنشائه ، والقيام بأنشطته " الإسلامية " ، تحت اسم " الثقافة" .
لقد مول هذا المركز ، مسرحية تعرض فى مسرح القاعة الزرقاء فى زيورخ ، وهى مسرحية " إسلامية " هدفها غرس الثقافة الإسلامية .. وهى الثقافة التى تعكس فكر وأهداف ومصالح الخمسة مؤلفين للمسرحية ، وهم : كاتبة سعودية ، وكاتبة سويسرية اعتنقت الإسلام ، وكاتب فلسطينى متأسلم ، وكاتبتين من إيران . تصوروا .. ( سويسرا ) ، التى طوال تاريخها كانت رمزاً للحياد والاستقرار ، والتجانس الاجتماعى ، يُعرض فى أكبر مدنها زيورخ ،
" مسرحية إسلامية ".
المثل الثانى ، يقدمه لنا محامى الجماعات الإسلامية ، مختار نوح ، الذى يصدر قريباً ألبومه الغنائى الأول ، واسمه " زار الدكتور مؤتمن " من ِشعر أحمد مطر ، ولحن مزدوج بينه وبين ابنه " يامن نوح " ، ويستعين بفرقة من المحمودية . جدير بالذكر أن المحمودية ، هى مسقط رأس حسن البنا ، مؤسس الإخوان المسلمين . ولا يتحرج محامى الجماعات الإسلامية ، فى اعترافه ، أنهم أخطأوا فى تحريم الفن والغناء والموسيقى .. كلنا بالطبع يذكر ، كيف أن تحريمهم للفن ، قد أشعل النيران فى حفلات الجامعات ، أو بعض الحفلات الخارجية ، ونتج عنها الهجوم والاعتداء والضرب ، وتكسير الأدوات الموسيقية ، والعنف ، خاصة مع الفتيات.
هذه الأمور تثبت انتهازية فكرهم ، وتغير جلدهم حسب الطقس ، وبالطبع فان الموارد المالية الضخمة التى بحوزتهم ، تسهل عليهم تحولاتهم التكتيكية.
يقولون أنهم فى الفترة القادمة ، سوف " يستخدمون " الفن بجميع أشكاله ، لتكملة الجهاد وخلق الدولة الدينية ، ولكن على أنغام الموسيقى ، أو على حد قول محامى الجماعات الإسلامية : " إن الغناء إحدى الأدوات التى سوف نستثمرها للترويج لأفكارنا الدينية ".
ورغم هذا التصريح ، والتبدل العصرى ، لا حباً فى الفن ، ولكن لتجنيده لغرس الفكر الإخوانجى الدينى ، ( وهذا أخطر من الأساليب القديمة ) ، مازال البعض كما أوضحت سابقا ، يغازلهم ، ويستهين يقدراتهم المتلونة ، ويقلل من الخطر الذى يمثلونه .
من كتاب " الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الدينى " 2002
---------------------------------------------------