إطالة اللسان

عمر قاسم أسعد
2021 / 10 / 4

ورد في معجم المعاني عدة معاني لجملة ( إطالة اللسان ) وهي مشتقة من المصدر ( أطال ) ، فمثلا ( الاطالة في الكلام ) تعني أن الكلام لا فائدة منه ولا فائدة من كثرته ، ( إطالة القراءة ) الاستغراق والتعمق وطول الوقت في القراءة ، ( طال الزمن ) إمتد واستغرق وقتا طويلا ، وهناك الكثير من المعاني حسب موقعها في الجملة وسياق الكلام .
ما يهمنا هنا جملة ( إطالة اللسان ) أو ( أطال اللسان ) بمعناها الاعتداء اللفظي والتلفظ بسوء الكلام والشتم . وقد عالج قانون العقوبات الاردني في المادة رقم (195) والمتعلقة بإطالة اللسان على الملك ، حيث نصت المادة على ما يلي (( 1ـ يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل من أ ــ ثبتت جرأته بإطالة اللسان على جلالة الملك . ب ــ أرسل رسالة خطية أو شفوية أو الكترونية أو أي صورة أو رسم هزلي إلى جلالة الملك أو قام بوضع تلك الرسالة أو الصورة أو الرسم بشكل يؤدي إلى المس بكرامة جلالته أو يفيد بذلك وتطبق العقوبة ذاتها إذا حمل غيره على القيام بأي فعل من تلك الافعال . ج ــ أذاع بأي وسيلة كانت ما تم ذكره في البند ب من الفقرة أ من ىهذه المادة ونشره بين الناس . د ــ تقول أو افترى على جلالة الملك بقول أو فعل لم يصدر عنه أو عمل على إذاعته ونشره بين الناس 2 ــ يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة 1 من هذه المادة إذا كان ما ورد فيها موجها ضد جلالة الملكة أو ولي العهد أو أحد من أوصياء العرش أو أحد من اعضاء هيئة النيابة )) انتهى الاقتباس .
تعتبر هذه المادة مجالا خصبا لتكييفها على مقاس أي شخص وركيزة أساسية من ركائز المتصيدين لغيرهم من أبناء الوطن لتصفية الحسابات والشخصنة بغض النظر عن نوعية العبارات أو الكلام الذي قيل حتى وإن قيل بعفوية ولا يقصد به شخص الملك ، وبذلك لا يعتبر ما تفوه به الشخص يندرج تحت بند إطالة اللسان ، إن المتتبع لما ألت إليه الاوضاع السياسية والتي أدت إلى المزيد من الفقر والحاجة ، والغلاء الفاحش لأسعار معظم السلع وخاصة الاساسية والتي يعتمد عليها الفقراء ،ــ لقد وصل الأمر ببعض المواطنين للبحث عن الطعام في حاويات القمامة ــ ، وارتفاع فاتورة المحروقات بشكل مستمر ، واتساع رقعة البطالة لتشمل كل جزء في هذا الوطن وبأعداد مخيفة ، وازدياد نسبة الانتحار نتيجة الفقر والديون والوصول إلى مرحلة من اليأس من الحياة ، وما تبع ذلك من الاثار السلبية في الجانب الاجتماعي وتفسيخ نسيج المجتمع ، ناهيك عن اتباع سياسة تكميم الافواه والمزيد من الاعتقالات وناهيك عن قوانين الانتخاب والاحزاب والنقابات وقمع الحريات . إن الكم الهائل من وسائل الضغط على المواطن أدت إلى فقدان الشعور بالأمن والامان وإنسانية المواطن في وطنه والبحث عن وسائل للهجرة خارج الوطن لعل الحياة تكون أفضل .
وبعد كل ما ذكرت وغيره الكثير الكثير من الوسائل المتبعة في أفقار المواطن وقهره ،حتى ان الكثير من الأسر بات لا يمتلك ثمن رغيف الخبز ، والكثير الكثير لا يوجد لديهم ماء وكهرباء نتيجة عدم قدرتهم على دفع ثمن فاتورة واحدة ، ولا مجال هنا لذكر قصص واقعيه عن حياة البؤس والشقاء التي يعيشها معظم المواطنين .
السؤال المشروع هنا . وهل بعد هذا مطلوب من المواطن أن يلتزم الصمت ويلهج لسانه بالدعاء والشكر والثناء على كل من كان له يد في وصول المواطن لهذه الحال ؟؟؟!!!
اليس من حق المواطن أن يصرخ مطالبا ولو بالحد الأدنى من حقوقه التي كفلها الدستور وكل الشرائع السماوية والوضعيه !!! أليس من حق المواطن أن يطالب بالعدالة وإيقاف عجلة الظلم التي تنهش من لحمه كل صباح !!! ماذا سيحصل لو أن المواطن أطال اللسان على من ظلمة وكمم فمه ومنع عنه كل أسباب الحياة !!! إلا يعلم الفاسدين أن كل فقير يلعنهم ، يرفع يديه وينتظر انتقام رب السماء ، ألا يعلم الفاسدين أن السنتهم أطول من نهر النيل وأيديهم وأرجلهم أطول من نهري دجلة والفرات ، لا يهم إن كانوا يعلمون أو لا يعلمون ، فكل فقير وعلى امتداد الوطن يعلم عنهم ما لا يعلمون ، الفقير لا يشتم ولا يؤذي أحد بلسانه والفقير لا يطيل اللسان ، الفقير يطلب حقوقه ليعيش بأمن وأمان ، الفقراء يناشدون ويأملون ويتمنون .
من يطيل اللسان هم الفاسدون ، والفاسدون فقط .
ليس عند الفقراء ما يسمى ( إطالة اللسان ) بل هناك شكوى وتضرع لله وعند الله تلتقي الخصوم .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي