|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
ازهر عبدالله طوالبه
2021 / 9 / 12
بكُلّ مرارةٍ وقَهر، يُتابِع العربيّ، الضّاربةُ جذوره في أعمقِ الأصول العربيّة، كُلّ ما يحدُث على أراضي "الجمهوريّة السورية العربيّة" بدقّة، ويسعى إلى قراءة المشهدِ هُناك بعقليّةٍ سياسيّةٍ صافية، خالية مِن شوائبِ ما عُلِّق بها مِن الأنظِمة السياسيّة العربيّة، التي لا تبّحَث إلّا عن مصالحها، وتزعُّمها للبلاد تحتَ أيّ ثمنٍ كان . فهذه الأنظِمة ليسَ لها ما يُشغِلها، وليسَ هناكَ من يُمارِس الضّغط السياسيّ عليها، ليجّعلها تقدِّم كُلّ ما هو ثمين في سبيلِ نقلِ الدّول التي تحكُمها ليسَ إلى مصافِ الدّول المُتقدِّمة، وإنّما إلى تلكَ الدّول التي يُحترَم بها الإنسان، ويكون فيهًا مواطنًا لهُ حريّته وكرامته، ولا يقبَل بأيّ اعتداءٍ عليهِ، ولو كان الثّمن في ذلك ؛ روحه.
هُناك، أي في سوريا، ثمّةَ نظام يتّفِق معهُ مَن يتَّفق من الشّعب العربيّ، ويختَلِف معهُ مَن يختَلِف مِن الشّعب العربيّ، واتّفاقِ الشّعوبِ أو اختلافها مع هذا النّظام، ليسَ قائمًا مع مصالحِ الشّعوبِ بذاتِها، وإنَّما هُناكَ مَن يتّفِق معهُ -أي النظام- ؛ لأنّهُ يرى بهِ آخر أمَل للحفاظِ على ما تبقّى من الحُكمِ القوميّ، وهُناكَ مَن يختَلِف معهُ ؛ لأنَّه يراهُ نظامًا دكتاتوريًّا مُجرِمًا، مُتجبِّر ويدعِّم وجوده بالطُغيانِ والاستبداد . وللحقيقة، أنا في هذا المقال، لستُ بصددِ أن أتوقَّف عندَ مَن يتَّفِق مع النِظام السوريّ أو مَن يُعارضهُ مِن الشعبِ العربيّ، وهذا ليسَ تقليلًا مِن منزِلَة أيّ مِن أبناء العرَب على اختلافِ الأقطار التي يسكنونها، وإنَّما تجسيدًا للحقيقة التي توصّلتُ لها بعد الأحداث التي عُرفت ب "الربيعِ العربيّ"، والتي كانَت في مُعظمها خريفًا على الأوطان العربيّة لا ربيعًا، وإنَّ ما أنا بصددهِ هو أن أبيِّن مِن أنَّ الأنظِمة السياسيّة العربيّة، والتي تُدار برسالةٍ مِن واشنطُن، هي التي بقراراتها وتحالُفاتها تؤثّر على سوريا، وعلى ماهية الوجود الجُغرافيّ لسوريا، وذلكَ مِن خلالِ اتّفافقها أو اختلافها مع النّظام السوريّ، وليسَ هُناك ما هو أدلّ على ذلكَ مِن تلكَ التصريحات التي تخرُج مِن القصور الرئاسية والملكيّة تُجاه نظام الأسَد، والمُتعلِّقة ببقاء نظام الأسَد على سُدَّة الحُكمِ في سوريا، ومُحاولة توفيرِ الظروف المُناسبة لذلك، وكُلّ هذا مِن أجلِ أن تسّقُطَ خارِطة البلاد العربيّة القديمة في بالوعَة التّأريخ.
إنَّ كثافَة الأحاديث السياسية حول الأحداث في سوريا، وكُثرَة اللقاءات بينَ " صبيانِ أميركا " في المنطقة، ومُحاولات تقرُّب الكثير مِن الأنظمة الساسيّة العربيّة مِن النظام السّوري، ومشاريع الغاز والطّاقة، وانقلاب بعض الدّول النفطيّة/ البتروليّة على نفسها، والاتفاقيّات التجاريّة لدوَل المنطقة مع النِظام السوريّ .. كُلّ هذا وأكثَر، يشي بأنَّ هُناك تحرُّكات سياسيّة، تهدُف لإعادة تمركز النظام السوري.
وصحيح أنَّ هُناك مؤتمرات وقِمَم تُعقَد في كافّة العواصِم العربيّة، يُظهِرها الإعلام على أنّها قِمم ومؤتمرات سياسيّة، لَم ولا تتناوَل في مضامينها إلّا الحديث عن القضيّة الفلسطينيّة . لكن، في حقيقةِ الأمِر، اهتمامها بالقضيّة الفلسطينيّة هو ليسَ أولى أولويّاتها، حتى وإن كانَ الإعلام يُسلِّط الضوء على تحرّكاتِ هذه الأنظِمة، وأحاديثها التي لا تكُف عن اعتبار أنَّ القضيّة الفلسطينيّة، هي قضيَّتها، وإنّما أولى أولويّاتها هو الاهتمام بالخارِطة الجديدة للمنطقة ؛ وذلك مِن حيث أنّ الدّول المُتصارِعة على سُدَّة الحُكم، وصانعة الرأي العالميّ العام، هي كُلّها دوَل تتقاتَل على الأراضي السوريّة، وكُلّ دولةٍ مِن هذه الدّول، تُريد أن تُحقِّق ما تطمَح لهُ مِن خلالِ وجودها على الأراضي السورية، وخاصةً أنّها تُدرِك جيدًا قيمة سوريا إقليميًا، وتعي ما تلعبهُ الجُغرافيا السياسيّة لسوريا، في المنطقة .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |