العرَب، والقيمة المعنويّة لهُم

ازهر عبدالله طوالبه
2021 / 9 / 7

دائمًا ما ما أقول، بأنَّهُ يجِب على الحُكام أن يُدرِكوا، بأنَّ هُناك ثمةَ قيمة معنويّة للشّعوبِ التي يتربّعونَ على عرشِ حُكمِها، وأنَّ عليهِم أن يصونوا هذه القيمة مهما كان البؤس والفُقر في بلادِهم، ومهما كانَ الهوان التّاريخي المؤقَّت لبلادِهم.
وأنَّ ما مِن حاكٍم أدركَ هذه القيمة، إلّا وحلَّق ببلادهِ وبشَعبِها فوق السحاب، وبلغَ بهما ما لَم يبّلغهُ أيًّا مِن تلكَ الشّعوب، التي سلَّمَت نفسها للحُكام، وقبِلَت بمَن يحكُمها دونَما أيّ عقدٍ يُحدِّد لهُ طبيعةِ العلاقة بينَ الحاكمِ والحكوم.

لكن، ما كُنتُ أخشى أن أصِل بهِ إلى إيمانٍ، ولو ضعيف، فها أنا اليوم قد وصلتُ لهُ . حيث أنّني آمنتُ بأنَّ ما أقولهُ دائمًا لا يُسقَط على بلادنا العربية ؛ وذلكَ مِن حيث أنّها بلاد لا ترفُض بها الشُّعوب قيمتها تلك، التي يجِب أن تكونَ كعبةً يطوف حولها أيّ حاكمٍ لأيّ بلدٍ عربيّ . فثمّةَ روحٌ وجوديّة للشعبِ، متجذِّرة في أعمقِ أعماقِ الأرض . لكن، العرب ذاتهم يرفضونَ هذه الجُذور، ويسّعونَ لأن يتجرَّدوا منها بأيّ طريقةٍ كانت .

وعليه، فإنَّهُ ما مِن شيءٍ في البلادِ العربيّة يبَّعث الأمَل في داخلِ أبنائها العرب، وليسَ هناكَ ما يجعَل ينابيع التّفاؤل بغدٍ مُشرِق، مُنير، تتدفَّق مِن دواخلِ المواطنينَ العرَب الذين وعلى مدى عُقودٍ طويلة كانوا، وما زالوا، يُعانونَ مِن الجفاف مِن وفي كُلّ شيء.

العَرب، اليوم، ما عادوا قادرينَ على أن يحتَمِلوا أكثَر، كُلّ هذه الأوضاع التي تقضّ مضاجِعهُم، والتي لا تكفّ عن إلتهامِ عقولهم وقُلوبهم، وتجّعلهُم عُراةً مِن كُلّ شيء يُشعِرهُم بالحياة..فنحنُ أُناس ضِعاف، وليسَ كما قرأنا عن أنفُسنا بكُتبِ التّاريخ، التي أرَّخت فترة زمنيّة مُحدَّدة عن العرَب، إذ أنَّ تلكَ الفترة الزمنيّة كانَ لها ظروفها، وكانَ لها حيثيّاتها الخاصّة، التي لا يُمكِن سحبها إلى عالمنا اليوم . وبفضلِ حُكّامنا وأنظِمتنا السياسيّة، وبفضلِ صناعة هالَة قُدسيّة لها، وإلباسها لابسًا كهنوتيًّا ؛ أصبحنا نجُرّ خيباتنا جرّا، بل وأصبحَت ظُهورنا تحفَظ سياطَ الفُقر والعازَة، بسببِ ما جُلِدَت بها، كما أنّنا أصبحنا لا نجّرؤ على الخُروجِ مِن تحتِ وطأة التخلُّف التي كانَ السّبَب بها ؛ أنّنا أقوام تعشَق الخُضوع، وتجِد ذاتها بالإذلال، وتُبّدِع وتبّرُع في وضعِ أعناقها على حبالِ الإعدامِ، إن كانَ هذا يرضي الحاكِم الذي حكمها دونما أيّ دورٍ لها في اختياره.

فكيفَ لنا أن نتخيَّل الأملَ في هذه البلاد، وأن ننظُر للمُستقبَل المُشرِق لكُلّ أبنائها ؛ وكُلّ مَن يقبَع في مراكزِ صُنعِ القرار، لا يتوانونَ عن تقديمِها -أي البلاد- كفريسيةٍ سهلَة لأنيابِ أربابِ الخيانة في عالمنا، ولمخالِب شياطينِ الإنس المُقيمين في واشنطُن.

‏كيفَ لنا أن نرى أنّنا نعيش في أوطانٍ، قيلَ عنها، بأنّها أوطان تكّفَل حريّتنا، ونحنُ نخاف على أنفُسنا مِن القتلِ والإقصاء، لمُجرَّد تصريحٍ بقناعةٍ نقتَنِع بها..؟!
‏ألهذا الحدّ سُخِّفَت فكرَة الوطن في هذه البلاد، حتى باتَت لا تقبَل إلّا بأن نكونَ كُلّنا نفس الفكرِ الذي لا يقبَل بغيرِ الطاعة المُطلَقة، والبقاء تحَت رحمَة ثلّة مُعيّنة، لَم تقدّم شيئًا للبلادِ، على الإطلاق ..!!

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي