|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
جواد كاظم غلوم
2021 / 8 / 19
لا ادري ما الذي يدعو دولتنا " الموقرة جدا " الى الإبقاء على وزارة الكهرباء بكل موظفيها وكادرها الهائل ومحطاتها الواهنة وتمويلها بكل هذه المبالغ الضخمة والأرصدة والتخصيصات المالية الفلكية رغم ان هذه الوزارة فشلت فشلا ذريعا في الإيفاء بالتزاماتها وعطّلت الكثير من المشاريع التنموية في الزراعة والصناعة وشلّت القطاع الخاص وأظلمت بيوتنا على مدى اكثر من ثماني عشرة سنة عجاف لم نر فيها النور إلاّ لماما ونزراً يسيراً .
كثرت وُعودها العرقوبية وآمالها الخائبة حتى خُيّل لهم بتخيّلات طوباوية من قبل مسؤوليها وساستنا الخردة بان العراق سيقوم لاحقا بتصدير الفائض من الطاقة الكهربائية الى دول الجوار .
هل يعقل ان تخصيصات هذه الوزارة السقيمة وصلت الى ما يفوق الأربعين مليارا من الدولارات خلال السنوات السابقة وهذا المبلغ الخرافيّ يعدل ميزانية دول متوسطية دون ادنى تغيير ملحوظ او حتى تحسّن نسـبيّ في إنارة مستدامة او محطات تشغيل متواصلة في عملها.
نتساءل مرارا حتى نهك لساننا وبُحّت حناجرنا ؛ متى يتم تحريك اقتصادنا وتدوير صناعتنا الوطنية وتنمية قطاعنا الزراعي والصناعي التنموي وهذه كلها تعتمد اعتمادا كليا على الطاقة الكهربائية وعلى الوقود المتوفر لدينا بكثرة كاثرة والحمد لله ؟؟! وكم سنة اخرى ننتظر لاجل تحقيق الرفاهية لهذا الشعب المسكين المبتلي بالحروب والنزاعات الطائفية والعِرقيّة وكل ما يبعث الأسى والشجى في تلك الحياة المتعثرة المليئة بالعثرات والمطبّات ؟
هل نسيَ مسؤولونا ان الكهرباء لم تعد ترفاً بل اصبحت عصب الحياة ومعيارا للتحضّر والوعي والنماء فلماذا يسحقون عصب مجتمعنا العراقيّ ويقطعون دابره بدلا ان يوصلوه مع ماكنة الحضارة والرقيّ حاله حال بقية الدول المتطلعة للنهوض والارتقاء ؟! ماضرّ لو قامت دولتنا بخصخصة هذا القطاع الحيوي وإلغاء وزارة الكهربــاء بكل مرافقها ومحـــطاتها ان لم تستطع الإيفاء بالتزاماتها الى شركات وتكنوقراط قادر على تمويلها وإدارتها على الوجه الأكمل مثلما تفـعل العديد من الدول الناهضة لتخفــيف العبء على الدولة اولاً وتطــوير القطاع الخاص ثانيــا مادامت العائلة العراقية تستنزف ما يقرب من ثلث دخلها على مولّدات الأحياء المنتشرة بكل مناطق العراق لخدمة كهربائية متواضعة جدا ولعدد محدود من الامبيرات التي لاتسدّ الحاجة ناهيك عن الاستخدام السيئ للمولدات البيتية الصغيرة التي أخذت هي الأخرى تمتصّ أموال جيوب العائلة العراقية لاستهلاكها المفرط بالوقود والأعطال التي تلازمها في الكثير من الاحيان .
هذا اذا اغفلنا المطالبات التي كثيرا ما تطالبنا وزارة الكهرباء لتسديد قوائم صرف الطاقة الكهربائية للمدد القليلة التي تزودنا بالتيار الكهربائي المتعثر أصلاً. ومادامــت دولتنا عاجزة عجزا تاماً عن إيجاد حلول ناجعة ؛ فما الداعي الى التمــسّك بوزارة مشلولة منخورة بالفساد والمفسدين بدءا من وزارئها الاوائل الذين عبّأوا أرصدتهم وجيوبهم من السحت الحرام ما لايـعدّ حتى هجَروها وهاجروا متخمين بالمال وجعلوها مهلهلة الاثواب كلما رتقنا ثقبا يخرق ثقب اخر وما على الدولة – لو حرصت على شعبها -- سوى خصخصتها وبيعها لإعادة استثمارها لشركات قطاع خاص تعرف كيف تدير محطاتها وتزويدها بالطاقة اللازمة .
ألا تريدوننا ان نشاهد ما يجري في ارضنا الموجوعة بالأسى والعنف والظلمة الكالحة عبر قنواتنا الفضائية ؟
رحمك الله شاعرنا الكبير نزار قباني كأنك بيننا مسحوقٌ في مطحنة الحرب تترقب عبر الشاشة مسلسل الرعب فقد صدم أنظارنا بمشاهده العنيفة المهولة في وطن يظلمه أهلوه وساسته وأنت تقول شعراً مخاطبا هذا الوطن المعنّى :
أيا وطني
جعلوك مسلسل رعبٍ
نتابع أحداثهُ في المساء
فكيف نراك إذا قطعوا الكهرباء ؟
جواد غلوم
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |