:اللجنة الملكيّة، وتقبُّل الإختلاف في البلاد-

ازهر عبدالله طوالبه
2021 / 8 / 1

لَم ولَن أتّفِق مع اللجنة الملكيّة، التي يُقال عنّها، أنّها لجنة جاءت لوضعِ الخطط الإصلاحيّة، التي ستُنقِذ البلاد ممّا أُسقِطت به . وعلى الرّغم مِن عدم الاتفاق هذا، إلّا أنّهُ لا يمنعني مِن القول بأنّ هُناك فئة تُريد أن تُسحب المآزق والمُنزلقات الوطنيّة إلى هذه اللجنة، وكأنّها هي المسؤولة الوحيدة عن كُلّ الأمراض التي أصابت البلاد .

وكواحِدٍ لا يعتَرف باللجنة ولا بمُخرجاتها -رغمًا من وجود علاقة شخصيّة تجمعني ببعض أعضائها- أرى بأنّه مِن العجَز المتشبّع بنا أن نُساق وراء هذه الفئة، وألّا ننظُر للأُمور بعينِ العقلِ والمنطِق، وألّا نُحيطها بالتّوازُن والموضوعيّة .

فهذه الفئة ومَن يسير معها في طريقٍ واحد، لا يهدفان إلّا للانتصار في معارِك صراع القوى المُشتعِلة، إذ أنّ هذا الصراع والانتصار به لا يكون إلّا على حسابنا، نحنُ الذين نُشعِل الحُروب على مواقِع "الانفصال الاجتماعي"، دونَ أن نعُدّ العُدّة لمثلِ هذه الحُروب، ودونما أن نعي ما هي العواقِب التي ستُخلِّفها هذه الحُروب علينا، ودونما أن نضَع تقديرًا نسبيًّا لهزيمتنا أو لانتصارنا، أو لمدى تأثيرنا على هذه المعارِك.

لَم يعُد فهِم حال هذه البلاد عصيًّا على أحد، فها نحنُ ومع تقدُّم الأيّام بنا، يتّضح لنا بأنّهُ يُحرَم على كُلّ واحدٍ منّا، تحريمًا بشريًّا، أن يقتَرِب مِن أيّ قضيّةٍ شكوكيّة، لَم ترسِّخ أركان الطُمأنينة لها في حياته سواء أكانَت تلكَ القضيّة (دينيّة أو سياسيّة أو اجتماعية أو حتى اقتصاديّة) . فأنتَ المقذوفُ مِن الرحمِ السرطانيّ لهذه البلاد، ما عليكَ إلّا أن تكونَ مُحافظًا على كُلّ تلكَ الخُطوط الحمراء، التي لا تعلَم مِن أين أتَت، ولا تعلَم عَن الأُسس التي فرضتّها، وأيّ مُحاولةٍ تتجاوز بها هذه الخُطوط لكي تفّهمها، تكون بذلكَ قد وضعتَ عُنقكَ في يدِ كُلّ جزارٍ لئيم، ويا للأسف، فإنّ أكثر ما تشتَهر بهِ هذه البلاد، هو احتضانها لأعدادٍ هائلة مِن الجزارين .

وعليه، فلا حياةَ لكَ هُنا إلّا بتقديمِ الطّاعة لكُلّ مَن صُنِع لهُ هالة قُدسيّة وهو لا يستحقّها، ويجعل عقلكَ طعامًا شهيًّا لقططِ حيّكَ المُشرّدة، ولربّما أستطيع أن أعبِّر عن حال التّجميد العقليّ والفكريّ الذي وصلنا لهُ في هذه بالبلاد، بما قالهُ الماغوط.. حيث يقول أديبنا العظيم :
"لَم يعُد لنا سوى أحذيتنا تدُب على الأرض "

إنّ ما قالتهُ "د.الخضرا" في تصريحها ثاني أيّام العيد، يستَحق الرَّد، الرّد الذي لا يكون إلّا بفكرَة مُقابل فكرَة، وحُجّة مُقابل حُجّة، أما أن يكون بهذه الطريقة الإقصائية والإزدرائية والتّهميشيّة، أي طريقة المطالبة بالإقالة، والتّهميشِ والتّقليل مِن شأنها العلميّ والفكريّ، فهذا ولعُمري بأنّه تسخيف لكُلّ عقولنا، بل وللبلاد بمُجلها.
وحقيقةً، فإنّني أتعجّب مِن المُطالبة بإقالة أي عضو من أعضاء اللجنة، ونحن دائما ما نقول بأنّنا لا نعتَرف بها.

إنّ الردّ على د.الخضرا قَد تجاوزَ كُل تلكَ الخُطوط الحمراء، التي أثارَت غضبَ الكثيرين ممّن تصدّوا لما جاءت به د.الخضرا، وقَد تمثّل هذا بتربّعهم على عرشِ المهزلَة الفكريّة القائمة في البلاد . فها هُم بعض مَن هاجموا د.الخضرا، هجومًا حادًّا، سيطرَ عليهِ الغضَب والحقِد، يُطالبونَ بإقامَة حدّ الردّة عليها، على الرّغم مِن أنّ ما قالتهُ لا يوجِب قيام حدّ الردّة عليها، هذا إن كُنّا نتّفِق على أنّ هُناك حدّ للردّة في الإسلام.

‏ليس هُناك مَن يحتَضِن عقلًا وازنًا ومُتوازنًا، يقبَل بما يجّري في البلاد، ويغضّ النظَر عن كُل الأورام الخبيثَة، التي أصابَت كُلّ أعضاء البلاد، وكانَت سببًا كافيًا لبترِ الكثيرِ مِن الأعضاء المُهمّة، وجعلَت البلاد مرميّة على قارِعة الطُرقات (السياسيّة، والفكريّة، والدينيّة).

‏وإنَّني مِن خلال الهجمات التي بدأتُ ألاحظها، مؤخرًا، أصبحَتُ أرى بأنَّ هُناكَ ثمّة أنياب عدائية وكُره للأشخاص وليس لأفكارهم، ولربّما السّبب في هذا ؛ هو وجود هؤلاء الأشخاص في مناصبٍ يرفُض أن يعترف بها الشّعب، ويراها تعلو عليه. إذ تتمثَّل أمواج هذه الكُره، مستقبلًا، بالقتِل وسفكِ الدّماء.
‏وبناءً على ذلك، فعلى العُقلاء وأهل الحكمة، أن يتدخّلوا، وأن يؤسِّسوا لحياة سعيدة في هذه البلاد، تحتوي وتحتَضن كُل الإختلافات، وتجعَل البلادَ كحديقية تزيّنها الورود المتنوّعة مِن حيث رائحتها ولونها.
وتجنُّبًا لإعادَة ما حدثَ مع الراحل "ناهض حتّر"، فعلينا أن نسعى إلى أن نوجِد خطابًا مُتزنًا وموضوعيًّا، تكون فيه كُل الفئات على قدمٍ وساق مِن بعضها .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي