مرتزقة تركيا ... أرقام على قوائم الموت!

آصف ملحم
2021 / 7 / 9

تكرر تركيا-أردوغان نفس أخطاء جيرانها، بل تكرر الأخطاء، التي ارتكبتها بنفسها في الأمس القريب، في تعاطيها مع القضايا الإقليمية والدولية؛ و يبدو أن أردوغان لم يتعلم من أخطاء الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، الذي استغلته الولايات المتحدة لمواجهة إيران؛ كما أنه لا يريد التعلم من أخطائه أيضاً، عندما انخرط مع الغرب في مواجهة سورية، ليتبين فيما بعد أنه كان مجرد مطية لتمرير المشاريع الأمريكية الهادفة إلى تمزيق المنطقة وإضعافها.
يدور الموضوع حول توارد الأنباء عن نية تركيا إرسال مجموعات من الإرهابيين الذين تحتضنهم على الأراضي السورية إلى أوكرانيا وتحديداً إلى منطقة الدونباس لمواجهة القوت الروسية هناك. وهذه الأنباء إن تأكدت ستضع العلاقات التركية الروسية أمام خيارات وتحديات صعبة؛ إذ كيف يمكن لتركيا تحقيق هذ التوازن الصعب بين تأييد روسيا في سورية ومواجهتها في أوكرانيا. والسؤال الأهم: ما هي مصلحة تركيا في دخول المستنقع الأوكراني؛ حيث تتصارع إرادات ومصالح دول عظمى؟
لم تخفِ تركيا معارضتها للاستفتاء الذي جرى في شبه جزيرة القرم، وقد عبر عن ذلك الرئيس أردوغان نفسه في أكثر من مناسبة. كما أن تركيا أدانت ضم روسيا للقرم و تدعم الرئيس زيلينسكي في موقفه من انفصال محافظتي لوغانسك ودانيتس في الدونباس.
إذا كان بالإمكان فهم الموقف التركي بإرسال قوات تركية إلى إقليم ناغورني-كاراباخ، المتنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا، فإنه من الصعوبة بمكان فهم ماهية الموقف التركي في أوكرانيا! فبعض الباحثين عزا الأمر إلى عدم تأييد التتر للاستفتاء، إلا إن التتر لا يشكلون سوى 0.55% من مجموع السكان، بل إن جميع القوميات ذات الأصول التركية لا تشكل أكثر من 1%.
قدّم أردوغان نفسه، في سورية، كمدافع عن المسلمين السنة، لذلك كانت معظم الجماعات المسلحة التي حاربت في سورية تميل في ولائها لتركيا؛ فكيف يمكن أن يقدم نفسه في أوكرانيا؟
فإذا كانت القضية مرتبطة بالأحقاد التاريخية التي تعود إلى الحقبة العثمانية؛ فهل بمقدور تركيا تحمل تبعات المواجهعة مع روسيا؟!
تشير العديد من المصادر إلى أن الاتراك لا يعتبرون شبه جزيرة القرم روسية أو أوكرانية، بل تركية، حجتهم في ذلك هي أنها كانت تقع تحت سيطرة الأتراك حتى نهاية القرن الثامن عشر في فترة الحكم العثماني. كما أن أردوغان نفسه يعتبر أن روسيا انتزعت القرم بشكل ظالم من الامبراطورية العثمانية في عام 1783.
ولكن هل إرسال بعض المقاتلين إلى هناك سيساعد تركيا على استعادة شبه جزيرة القرم؟ الجواب بالتأكيد لا، وسيلقى هؤلاء المقاتلون المصير تفسه الذي لقيه سابقوهم في سورية!
بالطبع، قد تعول القيادة التركية على العامل القومي، باستثمار علاقاتها بالقوميات القفقازية، التي لا تخفي ولاءها لتركيا، فمنطقة القفقاز قريبة جداً من الدونباس، إلا أن هذا السيناريو سيكون خطيراً جداً. علاوة على ذلك فإن هذه الإثنيات متعايشة مع بعضها البعض بسلام منذ مئات السنين، فمن الصعب جرها إلى هذا النوع من الحروب.
نعتقد أن الغرب، كعادته، سيستغل تركيا في حروب جانبية مع روسيا بهدف إضعاف روسيا. لذلك على القيادة التركية مناقشة الموضوع مباشرة مع روسيا، أو بإشراك أطراف ثالثة، إذا كانت تعتقد بأن لها حقوق تاريخية في أوكرانيا أو روسيا؛ إذ أن زعزعة الاستقرار في منطقة حوض البحر الأسود ستؤدي إلى إدخال المنطقة إلى حروب طويلة الأجل، الخاسر الوحيد فيها هي شعوب تلك المنطقة.
بناءً على ما تقدم، فإننا نعتقد أن إرسال تركيا مقاتلين إلى أوكرانيا سيكون خطأ استراتيجياً فادحاً. لذلك يجدر بالإدارة التركية إعادة النظر في حساباتها السياسية، كما أننا ندعوها إلى تصحيح سياستها الخارجية والحفاظ على علاقات ودية مع جيرانها، فهو الطريق الوحيد لضمان أمنها.
ختاماً ... نتمنى للشعب التركي الصديق ولجميع شعوب المنطقة والعالم السلام والخير، فالحروب والصراعات لن تجر سوى إلى هدر المزيد من دماء الأبرياء، وليبيا وسورية واليمن هي شواهد حية على ما نقول.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي