الإستعمار العربي البشع لشمال إفريقيا

حاتم بن رجيبة
2021 / 4 / 5

هناك شكلان من انتقال البشر إما بالهجرة أو بالإستعمار. فكلما كان حلول شعب ما عند شعب آخر بالقوة وبلغة السلاح سمي ذلك استعمارا.

فالشكل الأول من اختلاط البشر إيجابي ومرحب به لأنه سلمي ويقع ضمن التفاهم ويفضي في الغالب إلى الإثراء والإزدهار. وهو ما يمكننا مشاهدته في التاريخ المعاصر مما يقدمه المهاجرون من الجنوب من خدمات للشعوب الشمالية.

لكننا لا نزال للأسف نعيش ، في العديد من بقاع العالم ، العديد من أشكال الإستعمار : في تركيا والعراق وفلسطين وشمال إفريقيا وإسبانيا وكورسيكا وايرلاندا وغيرها...

مازالت الشعوب الأمازيغية تعاني من المستعمرين العرب ولولا الدين الإسلامي الذي يجمع أغلبيتهم لكانت حرب تحرر ضروس مشتعلة من مصر حتى موريطانيا. فكما سكت الأمازيغ عن استعمار الأتراك لأن هؤلاء اشتركوا معهم في الدين والعادات والثقافة من أكل ولباس وأعياد...مازالوا ساكتين عن الإستعمار العربي لنفس الأسباب.

لكن هذا الهدوء وهذا السلام خداع والحرب ساكنة وخامدة لكنها مؤجلة فقط . الهوية الأمازيغية مازالت قوية في المغرب والجزائر وبدأت تستفيق في تونس وليبيا. والزلزال الذي أحدثه الربيع العربي أفاق الكثير من الأمازيغ في شمال إفريقيا من سباتهم الطويل.

ذلك أن المستعمر العربي قام بغسل ممنهج للأدمغة ناشرا في أدمغة الأمازيغ الهوية العربية وذلك بأداة بسيطة وحيلة خبيثة لكنها كانت ناجعة.

أداة التخدير كانت الدين ثم لغة ذلك الدين العربية . فبنشر الدين الإسلامي بوسائل الترهيب والترغيب أرغم الأمازيغ على تعلم العربية، لغة المستعمر ولغة القرآن.

في خضم مئات السنين من الإستعمار الثقافي نسي الأمازيغ كيف قدم العرب ولماذا استقروا بينهم. أكثر من ذلك نسوا أنهم أمازيغ وظنوا أنهم عرب!!

نسوا كيف قدم العرب بجيوشهم لاستعمارهم . سميت غاراتهم فتوحات. سمي نهبهم احتطابا وغنيمة. سمي الإرغام الديني هداية. أخذوا مثل كل المستعمرين أخصب أراضيهم وجندوا أقوى أبنائهم في جيوشهم ليواصلوا استعمار أبناء عمهم وغيرهم من الشعوب. بعد الجيوش هجمت القبائل العربية بتحريض من الفاطميين بعد أن انتفض الأمازيغ الصنهاجيون واستولوا على الحكم أثناء غيابهم. زحفت قبائل بني هلال وبني سليم وغيرهم كالجراد على ليبيا وتونس والجزائر و المغرب. عاثوا في شعوب المنطقة ذبحا واغتصابا و تنكيلا فاختلطوا بهم غصبا وبحد السيف كما أبادوا قسما مهما منهم. انتشروا كالنمل في كل شبر وخاصة في البوادي والفيافي لأنهم لم يكونوا جيوشا منظمة بل بدوا رحلا ، لكن عنيفون ومتعودون على الغزو والنهب. مما كان له الأثر المدمر على الهوية الأمازيغية ، ذلك أن هذا الزحف الشامل تسبب في تراجع كارثي للغات الأمازيغية لصالح لغة القبائل العربية .

الوجود العربي في شمال إفريقيا كان منذ اليوم الأول دمويا وعنيفا . بقي العرب السادة وعلية القوم أما الأمازيغ فشردوا إلى الصحاري والجبال والأراضي القاحلة والقاسية أو أصبحوا عبيدا و خدما. لم يختلف العرب عن أي مستعمر: الفينيقيون والرومان والأتراك والفرنسيون والإيطاليون...لكن على عكس الآخرين مازال العرب قابعين أسيادا وأعيانا محتقرين لأصحاب الأرض ، للأمازيغ. من يطالب بتعلم اللغة الأمازيغية يقمع ويضطهد . من يطالب بإعادة توزيع الثروة في إطار العدالة الإجتماعية لأن الكثير من الأثرياء هم سليلو المستعمرين العرب والأتراك يقمع وينكل به. من يطالب بهويته كأمازيغي يعنف ويضطهد.

لكن آن لهذا الإستعمار أن يقاوم، للظلم أن ينجلي وللظلام أن ينقشع!!

ما أطمح إليه كأمازيغي هو أن تسمى الأشياء بأسمائها: أن تسمى الغارات العربية غارات ولا كفتوحات وأن تسجل مجازر قبائل بني هلال كمجازر والهيمنة العربية كاستعمار. أطمح كذلك أن تدرس اللغة الأمازيغية إلى جانب العربية منذ ألسنة الدراسية الأولى. أطمح أن يدرس تاريخنا واضطهاد كل المستعمرين لنا، أن يتوقف الزحف العربي الممنهج للهوية العربية إلا يومنا هذا على الهوية الأمازيغية، أن تتوقف الدمغجة وغسيل الأدمغة والمغالطة: لسنا عربا ولم نكن أبدا عربا، فالقبائل العربية لم تكن إلا بضعة آلاف أمام الملايين من الأمازيغ. أنا لا أكن للعرب العداء فلنا نفس الثقافة مثل الأتراك والأكراد والأفغان...كما لا أكن الكراهية لأي إنسان آخر بدعوى أن أجداده كانوا يوما ما مستعمرين. فلا يحاسب المرء إلا على أفعاله هو ولا أفعال أجداده أو أقاربه.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي