صاحب البوق الالماني يعزف المزمار الليبي

عبد السلام الزغيبي
2021 / 3 / 14

عندما قرأت خبر صدور رواية بوق للكاتب الليبي محمد الاصفر، توقعت ان الدهشة ستكون بأنتظاري بمجرد تصفح الرواية، وهو ما حدث بمجرد قراءة السطور الأولى منها، لم يخيب الاصفر ظني، مثلما حدث معي في روايته" تمر وقعمول " حيث قام بالربط ما بين بلدين مختلفين" ليبيا والمانيا" وتابعت معه قصة اليهودي الليبي، وحنينه للعودة الى المدينة التي عاش فيها اجمل الايام" بنغازي" وهو الذي رحل عنها مرغما إلى فلسطين ثم هجرته مرة أخرى إلى ألمانيا،وعودته ووفاته في بنغازي المدينة التي احبها.

في روايته الأخيرة “بوق” يروي الكاتب حكاية الجندي كارل عازف البوق في الفرقة العسكريّة الألمانية، الذي فر من المعركة ليسقط عند البئر وتبدأ حياته الجديدة في ليبيا.


يا باتي يا باتي نصراني دايخ يالا البير، نصراني دايخ يالا البير.

– معاه بندقة؟

– لا يا باتي، معاه زمّارة سمعت زعيقها قبل ما نوصل البير.

– إن شاء الله خير يا خويرة، جيبي الحصان وخلّي خوتك يلحقوني.

كان الشّابّ في حالة حرجة، أنفاسه متقطّعة، وتكسو أطرافه جروح وتقرّحات، أسعفه الحاجّ مفتاح بابتسامة ونظرة حنان، وبلّل فمه بقطرات ماء، وظلّ يهدّئ من روعه بكلمات مليئة بمعانٍ مألوفة مثل: سلامات عليك

وإن شاء الله لا بأس وكن بخير ومرحبا، شرحت قلب الألمانيّ، وبثّت فيه الطّمأنينة.

عرف الحاج مفتاح من إشارات الفتى أنّه تابع للجيش الألمانيّ، وأنّه ليس بمقاتل، وإنّما هو عضو في الفرقة الموسيقيّة المصاحبة للجيش، تلك الّتي تعزف موسيقاها عند تشييع القتلى أو حين يتقدّم الجنود.

من الحوار الاول بين خويرة ووالدها، يعرفنا الراوي بمهية النصراني الدايخ عند البير،ونعرف أنه عازف بوق الماني تابع للفرقة الموسيقية للجيش تلك الّتي تعزف موسيقاها عند تشييع القتلى أو حين يتقدّم الجنود.

ونتابع معه في سرد شيق جميل، وصول أبناء الحاج مفتاح، و حمل الجنديّ إلى النّجع والاهتمام به وعلاجه وتقديم الطّعام اللّذيذ الئي اشعره بأنّه ليس شريدًا في حرب داخل أراضٍ غريبة عنه، وإنّما في زردة ربيعيّة على ضفاف نهر الرّاين في بون، حيث ولد وعاش وتفنّن في الموسيقى بمعهد بتهوفن،

ونواصل من خلال سرد الحكاية الى وصول الالمانية كلارا حبيبة كارل الى طبرق بحجة مهمة انسانية لكنها في الحقيقة ارادت تتبع اثر حبيبها، ربما تعثر عليه على على شكل جثة هامدة وتبكي عليه، ووتبني له قبر

يأويه.

ويصف لنا الرواي محمد الاصفر، بدقة حياة عازف البوق الالماني"كارل" في الكهف وقد أصبح مع الايام" نصراني عيت الحاج مفتاح" وأنه في حماه، ومع الايام تعلم الالماني اللهجة الليبية واستطاع التعرف عليهم اكثر وتعلم الشعر الشعبي وتعلق بحب البنت التي انقذته يوم وقوعه في البير لكنها كانت محجوزة" محجرة" لابن عمها وقد تزوجته وانجبت منه اطفالا.

ويمضي بنا الراوي محمد الاصفر، في حكاية الالماني وغرامه مع الراعية ومجلسه في السوق الشعبية، واللقاء مع التاجر المتجول الذي قام باهدائه المزمار الليبي لكي يتعلم عليه العزف.

وتأتي مفاجأة الرواية في صفحة 79 من صفحات الرواية الـ 173، والتي تعلن عن لقاء الالمانية كلارا بحبيبها عازف البوق، حينما كانت تبحث عن مترجم يتعاون معها في عمليات البحث عن جثث واشلاء الجنود

الالمان، والعناق بينهما بعد طول غياب وغيرة البدوية الراعية،وعرض الالمانية أن يعمل معهم كارل وموافقته ومساهمته في بناء المقبرة الألمانية لرفاقه ضحايا الحرب تكفيرا عن ذبنه لمساهمته في قتل الجنود

الالمان عبر نفيره في البوق اثناء الكر والفر في المعارك...

لا أريد أن استرسل الكثير من حكاوي وحوادث الرواية، حتى لا أحرم القاريء متعة القراءة ومعرفة تفاصيل الرواية المشوقة لتي كتبها الرواي الليبي محمد الاصفر، بتدفق وسلاسة وحرفية... أترككم معها...

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي