قصدٌ وقصائد..

سعيد أولاد الصغير
2021 / 1 / 5

في حضرة البهاء الأزرق، وبرفقـة ليْل كاشف، لبستْ شاعرة لامعة قصائدها الشّفّـافـة، أطلّتْ من نافذتها السّحرية، وبدأتْ تحـذّقُ في الأفـق البعـيد، لعلّها تجدَ مداراً يليـق بنجمها السّاطع... تدثّـرَ نّاقـد مُبحر بثوب رائد الفضاء البارع. دار مع الدّوران، تسلّل إلى فَلكها الخاص، أشاح لها بيده الفارغة، و ارتجلَ عبارة قصيرة تفي بسلامة القَصد: « سمعـتُ أنّ مجموعتك لَم تعـدْ منشورة في شتات الكون... ». انتبهتْ الشّاعرة اللامعة إلى طيرانه المُطلق السّراح، باغتها إحساس غامض ومستفـزّ... تذكّرت أنّها سليلة حِبـر طاهـر البوح، فقـرّرتْ وضع خطّ الأمان لمركبتها... ثبّتـتْ أقواس العبارة في مكانها، ثم ردّتْ بلطف: « تقصد مجموعتي الشعرية بعـنوان ( لَم تعدْ )، هي منشورة في مجلّة (شتات الكون)...!؟. أنتَ مُحقّ طبعاً... إنّما ولعـلمك أيضاً... ( أنتَ وحـدكَ ) هِـبة من السّماء... و( إليـكَ ) حملتْ نبض قـلبـي... و( معـك ) احتضنـتْ كلّ هـمّـي... أمّا ( طيفُ سحرك ) فتـاج قصائـدي... فقـط، ( مِن أجلكَ )، لم أطلعْ عليها أحداً. لِمَا... !؟ أنا أيضاً لستُ أدري... فأرجوك لا تفـتينـي في أمري... ! ». أتـى على الرّجل حينٌ من الضّياع... أحـسّ أنّه ذاهـبٌ إلى ما وراء المَدى... حاول أن يرمِّم المعـنى قبل فـوات الأوان، فسارع ليُبيـّن للشاعرة قصده و بدأ يكتبْ: « عفواً، بصراحة... ». وبسرعة الضّوء، و قبل أن يُكملَ النّاقد مداره بثبات، انطلقـتْ في الرّد: « أمّا هذه القصائد (عفـواً ) و( بصراحة ) و حتّى ( لا تنخدع )... هذه ليست من قصائدي أبداً، ولم أكتبها قطعـاً... وإن كنت مغرمة بحبّها طبعاً... آه سيّدي، يبدُو لي أنّك لم تـذقْ قَـطّ رحيق قصيد معـتّـق... لا عليك، قُـلْ لي بربّك: هل أنت عربيّ...؟ هل أنت شاعـر بطبعـك...!؟، أم منجّم مفـلـسٌ و متصعـلك... !؟ ». أدرك الرّجل أنّه غَـوى نجماً فهـوى. جَمْجَـمَ للشّاعرة جميع قصائدها منذهلاً، علّه يُخفّـف من وضعـه شيئاً، ثبّـتَ مِسباره في أفـق استـوى، انتـشـلَ قصده من قصائدها، أعـدّ كبسولة النّـزول... وأنهـى الرّحلة... هناك في أرجاء الفضاء الأزرق، ظلّـتْ تُسمع ضحكات تكسّـرُ ضلوع السّماء، ساخرة وصداها مُجَلجِل: « لا، بلْ هو من الغـاوين سيّدتـي، احترقـتْ بخـور ظنِّه في المباخـر، فلم يعُـدْ يرى لبحُـور الشّعـر لا أوّل ولا آخِـر. ».

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي