|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
خليل إبراهيم كاظم الحمداني
2020 / 11 / 14
الالتفاف على آليات الحماية الدولية لحقوق الإنسان
آلية الاستعراض الدوري الشامل نموذجا
- ان حلم احترام الكرامة الإنسانية تجاه جور السلطات وطغيان الحكومات كانت السبب الأساس لتشييد إطارات متعددة لحماية حقوق الإنسان حيث تم تأسيس – اذا صح التعبير - الانظمة الوطنية والانظمة الإقليمية والنظام الدولي لحماية حقوق الإنسان وسائل الدفاع الممكنة في عالم مرعب من امتهان الكرانة الإنسانية.. وحتى أنظمة الحماية هذه لم تسلم من حالات التفاف وافراغ لمحتواها الإنساني تارة بتسيسها او تلبيسها لونا ايدولوجيا محدد وحتى بتسليعها في دكاكين السياسة وتارة أخرى بابتكار وسائل تقييد ممارسة الحقوق ...الخ
- منذ اعتمادها عام 2007 وتنفيذها ابتداء من نيسان 2008 حضت آلية الاستعراض الدوري الشامل باهتمام عالمي واسع النطاق كونها الآلية الأكثر تطورا في النظام الدولي لحماية حقوق الإنسان ولكن للأسف من يتابع أداء البلدان في تعاملها مع هذه الآلية يرى حجم السعي لتسطيح مدخلات ومخرجات مسار العملية وهذا واضح من خلال مداخلاتها ومن خلال توصياتها الى بعضها البعض ضمن هذه الالية .. وهنا لايملك المرء سوى ان يتساءل : هل هذا ما رسمه من صمم هذه الالية بشأن مستقبلها وفاعليتها في التأثير على أوضاع حقوق الانسان في مختلف البلدان بما في ذلك الابتعاد عن التأثيرات السياسية التي غرقت بها لجنة حقوق الانسان السابقة حتى افرغت من أهدافها ..وهل ان آلية الاستعراض الدوري الشامل في الطريق الى استنساخ التجربة السابقة للجنة حقوق الانسان في التسيس والانتقائية وبروز المصلحة والهم السياسي والمجاملات الدبلوماسية اكثر من مشاغل واهتمامات الجوانب الحقوقية .
- كان لنا - مع ناشطين كثيرين - شرف متابعة واحيانا حضور الأجواء التي سادت عملية انشاء مجلس حقوق الانسان وآلياته المختلفة وكنا نواكب كل الامال التي وضعت اثناء تأسيس مجلس حقوق الانسان واعتماد آلية الاستعراض الدوري الشامل وكنا متفائلين بهذه الآلية كونها الأكثر تطورا وعلى ما يبدو في حينها الأكثر استجابة لمشاغل حقوق الانسان والابتعاد عن التسيس الذي قوض لجنة حقوق الانسان السابقة ولعل اعتماد مبدأ استعراض أوضاع حقوق الانسان في جميع الدول بلا استثناء وتحت نفس الشروط وبشكل دوري كان خطوة واسعة الى الامام ، لكن الذي حصل لم يكن حتى ضمن الحد الأدنى من الآمال المرسومة من خلال التعامل الشكلي لمختلف الدول مع هذه الآلية كما ان ضغط العامل السياسي كان واضحا جدا ..وان خلا من العامل السياسي فقد عمدت دول كثيرة على التعامل بعمومية مفرطة في توصياتها الامر الذي دفع مجلس حقوق الانسان الى الطلب من الدول اكثر من مرة بضرورة التعامل بجدية وعدم استهلاك الوقت بالمجاملات الدبلوماسية وتقديم توصيات محددة ممكن متابعتها او قياس تنفيذها .
- في الدورة السادسة والثلاثين لآلية الاستعراض الدوري الشامل (للفترة من 2 – 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2020) تم استعراض أوضاع حقوق الانسان في أربعة عشر بلد هي (أندورا، بيلاروسيا ، بلغاريا ، كرواتيا ، هندرواس ، جامايكا ، ليبريا ، ليبيا ، مالاوي ، مالديف ، جزر مارشال ، منغوليا ، بنما ، الولايات المتحدة الامريكية ) وتم فيها طرح العديد من التوصيات التي من المفترض ان تكون بمستوى التحديات الوطنية لأوضاع حقوق الإنسان وكثير من هذه التوصيات تصلح ان تكون متطلبات وطنية اكثر من ان تكون توصيات تقدم لبلدان أخرى .
- ان واحدة من اهداف الاستعراض الدوري الشامل تتعلق بجعل هذه الآية فضاءا لتبادل الخبرات والتجارب في مختلف مراحل عملية الاستعراض في الجوانب التشريعية والمؤسساتية وحتى في مجال السياسات المتعلقة بالتعامل مع مختلف تحديات حقوق الانسان على الصعيد الوطني، هذه الورقة تتحرى أداء الوفود الحكومية تجاه هذه الالية وارتأينا ان نتخذ مثالا حيا ممثلا بموقف جمهورية العراق كونه الأكثر حرصا على الاشتراك بفاعلية ضمن هذه الآلية على الأقل في هذه الدورة – وهذه تحسب له – حيث انه اشترك في تقديم التوصيات الى جميع الدول قيد الاستعراض في هذه الدورة مما يشير الى حرص واضح للانخراط في آليات الحماية الدولية لحقوق الانسان بما فيها آلية الاستعراض الدوري الشامل . حيث بلغ مجموع توصياته 37 توصية في هذه الدورة فقط ندرجها في ادناه:
الى ليبيا:
1. مواصلة الجهود المبذولة لعودة النازحين الى مناطقهم.
2. تكثيف الجهود من اجل تحقيق الحق في التنمية.
الى الولايات المتحدة:
1. مكافحة الممارسات العنصرية وخطاب الكراهية، لاسيما ضد المهاجرين وملتمسي اللجوء، وتعزيز الحماية المقدمة لهم.
2. تدريب العاملين في مؤسسات انفاذ القانون على مبادئ حقوق الانسان المتعلقة بالاعتقال والاحتجاز والتحقيق، والمعاملة اللائقة.
3. ضمان وصول الرعاية الصحية، والحصول على الادوية والعلاج لجميع الفئات.
الى أندورا:
1. التصديق على العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
2. انشاء مؤسسة وطنية مستقلة تعنى بحقوق الانسان وفق مبادئ باريس.
الى بلغاريا:
1. التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
2. مواصلة الجهود لمنع الاتجار بالبشر والقضاء عليه، ومقاضاة مرتكبيه ومعاقبتهم وتوفير الدعم والحماية للضحايا.
الى بنما:
1. تكثيف الجهود للقضاء على فجوة الاجور بين النساء والرجال في القطاعين العام والخاص.
2. مواصلة الجهود لتقديم التقارير الدورية المعنية بحقوق الانسان الى هيئات المعاهدات، من اجل الوفاء بالالتزامات الدولية في هذا الاطار.
3. اعتماد سياسات واستراتيجيات وطنية تهدف الى مكافحة التمييز ضد الاشخاص ذوي الاعاقة.
الى بيلاروس:
1. اتخاذ مزيداً من الاجراءات الهادفة الى منع التمييز بجميع اشكاله.
2. اتخاذ مزيداً من الاجراءات لمكافحة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والاطفال.
3. اعتماد استراتيجيات وطنية لمكافحة الفقر، وخاصة في المناطق الريفية.
الى جامايكا:
1. انشاء مؤسسة وطنية لحقوق الانسان وفق مبادئ باريس.
2. تعزيز المساواة بين الرجال والنساء واشراك المرأة في مناصب صنع القرار في الحياة السياسية والعامة.
3. مواصلة الجهود الرامية الى مكافحة العنصرية وكراهية الأجانب وملاحقة مرتكبيها وتقديم المساعدة للضحايا.
الى جزر المارشال:
1. التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
2. انشاء مؤسسة وطنية مستقلة لحقوق الانسان وفق مبادئ باريس.
3. اعتماد خطة وطنية شاملة لحظر جميع اشكال الرق.
الى كرواتيا:
1. التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
2. تكثيف الجهود الرامية الى زيادة مشاركة المرأة في القطاعين العام والخاص.
الى ليبيريا:
1. تعزيز عمل اللجنة الوطنية المستقلة لحقوق الانسان بما يتلاءم مع مبادئ باريس.
2. بذل المزيد من الجهود الرامية الى مكافحة التمييز بكافة اشكاله، وخاصة التمييز الموجه ضد الاشخاص المصابين بفيرس نقص المناعة البشرية، وفايروس ايبولا.
الى الملديف:
1. تكثيف الجهود لإرساء سلطة قضائية مستقلة تضمن وصول جميع المواطنين اليها.
2. تعزيز الجهود الرامية لمكافحة الاتجار بالاشخاص، لاسيما الاطفال والنساء.
3. وضع الخطط الوطنية الهادفة الى تحسين البيئة والتصدي لتغير المناخ.
الى ملاوي:
1. بذل المزيد من الجهود لوضع القوانين النافذة موضع التنفيذ الفعال.
2. اجراء حملات توعية مجتمعية لزيادة الوعي العام بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
3. تكثيف الجهود لمنع عمليات القتل أو الاعتداء أو تشوية اعضاء الاطفال المصابين بالمهق.
الى منغوليا:
1. مواصلة اتخاذ التدابير التي تضمن استقلال القضاء وحرية وشفافية عمله.
2. عقد الدورات التدريبية لموظفي انفاذ القانون المسؤولين عن مكافحة الاتجار بالاشخاص.
3. تعزيز الجهود لمكافحة العنف الموجه ضد الاطفال.
الى هندوراس:
1. تعزيز الحوار بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني لتنفيذ الخطة المتكاملة لحقوق الانسان.
2. تعزيز الجهود لضمان استقلال السلطة القضائية، وتعزيز مبدأ الفصل بين السلطات.
3. مواصلة الجهود للقضاء على التمييز ضد المرأة، ومكافحة العنف المنزلي المرتكب ضدهن.
- ومن خلال مراجعة اكثر دقة يمكن ملاحظة ما يلي:
1. ان أكثر هذه التوصيات تصلح لأن تكون موجهة الى العراق وليس الى هذه الدول.
2. تكرار الصياغات وعموميتها بحيث من الممكن جدا استنساخ بعضها او جميعها وإعادة توزيعها مرة أخرى على دول أخرى. (هناك نص تم استنساخه في هذه الدورة وكما يلي (الى أندورا والى جزر المارشال – مجرد تغيير اسم الدولة (اطلع العراق على التدابير والتشريعات الوطنية التي اتخذتها جزر المارشال، والتي من شأنها في حال الالتزام بتنفيذها ان تعمل على تحسين ظروف حقوق الانسان في مجالات عديدة.)
3. بعضها غير مفهوم تماما من قبيل (التوصية الثانية الى ليبيا (تكثيف الجهود من اجل تحقيق الحق في التنمية.) وكذلك الاشادة المقدمة الى مالاوي (ولا سيما التعديل الدستوري لرفع سن الاطفال من 16 الى 18 عاماً).. علما ان سن المسؤولية الجنائية في العراق 9 سنوات وسن العمل 15 سنة .
4. كلها تقريبا عامة ولا يمكن قياسها ومتابعتها وقد يكون رد الدين لبعض هذه الدول كونها قدمت توصيات الى العراق.
5. لم تعكس هذه التوصيات التجربة العراقية والمبادرات العراقية (على قلتها) في مجال حقوق الانسان.
6. من المفارقات الصارخة المطالبة بتشريع قانون للعنف الاسري والبلد غارق بنقاشات حول هذا القانون والخلافات بين اطراف السلطات الثلاث عليه واضحة ولم تحسم بعد (التوصية الى هندرواس والترحيب الى منغوليا) وضمن نفس الاطار هناك تثمين باعتماد خطة وطنية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 والخطة العراقية لازالت في الادراج منذ عشرة اشهر (ضمن الإشادة بجهود ليبيريا)
7. قدم اربع توصيات الى اربع دول ضرورة انشاء مؤسسة وطنية لحقوق الانسان وفق مبادئ باريس بينما المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان في العراق لاتزال غير مستوفية لمبادئ باريس منذ تأسيسها ولغاية الآن.
- هذه ملاحظات سريعة عن أداء دولة واحدة لدورة واحدة مما يؤكد الحاجة الى إعادة النظر وتقييم التعامل مع هذه الآلية المتطورة .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |