التخبط والعشوائية في ادارة ملفات حقوق الانسان في العراق – ملف الحقوق الانسانية للمراة نموذجا

خليل إبراهيم كاظم الحمداني
2020 / 7 / 29

- كانت لحظة سقوط النظام الدكتاتوري ربيع 2003 نقطة التحول الكبرى في العراق لرسم عالم جديد آخر غير الذي كان وعلى جميع الاصعدة ، ليس بسبب الطبيعة الايدولوجية والسياسية لمن جاء واستلم مقاليد السلطة والنفوذ فقط ولكن وبدرجة كبيرة لانهيار منظومة القيم والتقاليد المؤسسية الحكومية بدرجة كبيرة – ذات النكهة المختلطة بين دولة ذات عمق مؤسسي واهواء النظام التسلطي -.. ومع مرور الوقت تهشم حلم بناء المنظومة الجديدة الى الحد الذي ضاعت فيه بوصلة سؤال الوجود الاساسي ( ماذا نريد ؟) هل نمتلك رؤية واضحة للمستقبل ؟ وكان من الصعب الجزم بالاجابة على اسئلة مثل هذه في وقتها ، ولكن سبعة عشر عاما من الانتظار والتغيرات الدرامية كانت كفيلة بالاجابة بالتاكيد على غياب الرؤية وعلى عشوائية المبادرات وعلى سياسة رد الفعل المحملة بكل ما يمكن تصوره من اهواء متضاربة وتوجهات غالبا ما تكون براغماتية تحت راية المحاصصة احيانا وتحت راية التناقضات بين الاطراف المتصارعة احيانا اخرى وايضا تحت راية الفساد الاداري والمالي الصغير والكبير معا.. باختصار لم يكن هناك توجه واضح المعالم في التعامل مع قضايا حقوق الانسان في العراق على الاصعدة التشريعية وعلى الاصعدة المؤسسية وعلى صعيد السياسات تجاه حقوق الانسان .وبكل الاحوال فان الضحية هنا هو الانسان العراقي بطبيعة الحال والحيرة كانت ديدن مراقبي الاوضاع والمهتمين بشان حقوق الانسان في الداخل والخارج بدرجة كبيرة.
- على الصعيد المعياري والتشريعي كان لأعتماد دستور جديد للبلاد عام 2005 اضافة على الطريق الصحيح – رغم كل المآخذ – على هذا الدستور ولكنه كان الوثيقة التأسيسية التي من الممكن البناء عليها والتي تبشر بالخير او هكذا تصورنا ، فبابه الثاني وكم الحقوق المكفولة فيه كانت نقطة مضيئة في هذا المسار ولكن بشرط احترام هذه الكفالة على صعيد السياسات وللأسف لم يكن هناك احترام لهذه الضمانات وما عليك الا ملاحظة حجم الانتهاكات التي تمارس ضد من يجروء على ممارسة حقوقه الدستورية بما في ذلك القمع الممنهج ورفع القدسية عن حقوق كثيرة بما فيها الحق في الحياة والحق في الصحة والحق في التظاهر ..الخ ، وسياسة المراوحة او بالاحرى سياسة التراجع الممنهج على طريقة خطوتان الى الوراء مقابل خطوة الى الامام ومن امثلة ذلك ندرة اي اجراء تشريعي لضمانات ممارسات حقوق الانسان بما في ذلك القوانين المؤسسة للنظام الديمقراطي باعتبارها الحاضنة الوحيدة الممكنة لهذه الممارسات ..كقوانين تنظيم حرية التجمع السلمي والتنظيم في ممارسة حق الوصول الى المعلومات وقوانين الاحزاب – قانون الاحزاب لازالت اغلب مواده معطلة- وقانون الانتخابات الذي يتغير مع كل دورة انتخابية .
- ناقوس الخطر في ما يتعلق بالحقوق الانسانية للمراة بدأ مع القرار 137 لعام 2003 الذي حاول مجلس الحكم آنذاك تمريره ولكنه فشل بسبب الضغط الشعبي الذي جابهه من خلال حراك الناشطات ضده ( الغي القرار في 27/2/2004 ). وتوالت المحاولات التراجعية بما في ذلك ترسيم الحقوق الانسانية للمراة مع الدستور والمادة 41 و الصفنة التاريخية ازاء المواد التي تنتهك الحقوق الانسانية للنساء في قانون العقوبات وقانون اصول المحاكمات الجزائية وعدم تشريع قانون للعنف الاسري لغاية الآن وانتهاءا بمحاولات تمرير ما يعرف بالقانون الجعفري الذي اقترحه وزير العدل اول مرة في اكتوبر 2013 وفشل في تمريره بسبب الضغط الداخلي والخارجي ( بما في ذلك لجنة السيداو ) باعتباره خطوة الى الوراء ثم اعيد اثارته عام 2018 . هذه الصفنة ان صح التعبير جزء من صفنة اكبر تتعلق بالوقوف على التل طيلة سنين طويلة لأجراء تغييرات باتجاه الموائمة على الاقل في نطاق الاتفاقيات التي اصبح العراق طرفا فيها بعد سقوط النظام الدكتاتوري كاتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية حماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري واتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة.
- هذا التراجع التشريعي بطريقة الخطوة الى الامام وخطوتين الى الوراء صاحبه بعض الاشراقات هنا وهناك كتشريع قانون مكافحة الاتجار بالبشر وقانون لمحو الامية ورفع التحفظ على المادة 9 من اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة واعتماد نظام الكوتا في البرلمان والمصادقة على اول خطة وطنية لتنفيذ قرار مجلس الامن 1325 عام 2014 وخطة الطوارئ لقرار مجلس الامن عام 2016 واستيزار بعض العناصر النسائية في الكابينة الحكومية ( في 2004 شهد العراق تأسيس أول وزارة دولة لشؤون المرأة. وشغلت منصبها نرمين عثمان، تلتها أزهار الشيخلي 2005، وفاتن عبد الرحمن محمود 2006، ومجدداً نرمين عثمان 2007، ثم نوال مجيد السامرائي 2008، وخلود عزارة آل معجون 2009، وابتهال كاصد الزيدي 2011، وبيان نوري عام 2015.) اضافة الى وزيرات للبلديات و– رغم التذبذب العددي مع كل حكومة - وهذه عناصر ايجابية - رغم بعض التحفظات هنا وهناك - كان ينبغي البناء عليها وليس الوقوف عندها ، وادناه كشف حساب بالوزيرات العراقيات بعد عام 2003 :
1. حكومة مجلس الحكم الانتقالي المعلنة في تموز/يوليو 2003
وزيرة الاشغال العامة: نسرين برواري.
2. الحكومة المؤقتة برئاسة اياد علاوي حزيران/يونيو 2004- 2005
شهدت أفضل تمثيل للنساء اللائي حصلن على 6 حقائب وزارية على النحو التالي:
--- وزيرة الزراعة: سوسن علي الشريفي
--- وزيرة المغتربين والمهاجرين: باسكال إيشو وردة
--- وزيرة البيئة: مشكاة مؤمن
--- وزيرة الاشغال العامة: نسرين برواري
--- وزيرة العمل والشؤون الاجتماعية: ليلى عبد اللطيف
--- وزيرة الدولة لشؤون المرأة: نرمين عثمان
3. حكومة إبراهيم الجعفري 2005- 2006
حافظ التمثيل النسوي فيها على حضوره تقريبا بخمس حقائب وزارية على النحو التالي:
--- وزيرة الاتصالات: جوان فؤاد معصوم
--- وزيرة العلوم والتكنولوجيا: باسمة بطرس
--- وزيرة حقوق الإنسان: نرمين عثمان.
--- وزيرة البلديات والأشغال: نسرين برواري.
--- وزيرة الدولة لشؤون المرأة: أزهار عبد الكريم الشيخلي
4. حكومة المالكي الأولى: 2006-2010
- وزيرة البيئة: نرمين عثمان
- وزيرة حقوق الإنسان: وجدان ميخائيل
- وزير الاعمار والإسكان: بيان ده زئي
5. حكومة المالكي الثانية 2010-2014
- وزارة شؤون المرأة: ابتهال الزيدي
- وزيرة للدولة بدون حقيبة: بشرى حسين صالح
6. حكومة حيدر العبادي 2014-2018
- وزيرة الدولة لشؤون المرأة (ألغيت لاحقاً): بيان نوري توفيق
- وزيرة الصحة والبيئة: عديلة حمود العبودي
7. التعديل الوزاري لحكومة العبادي عامي 2016 و 2017
- وزيرة البلديات والإسكان: آن نافع أوسي
8. حكومة عادل عبد المهدي : 14 وزيراً من أصل 22 لم تكن هناك أمراة بينهم ، لكن في ايامها الاخيرة اختيرت وزيرة واحدة لشغل وزارة التربية
9. حكومة مصطفى الكاظمي : لم تضم سوى وزيرة واحدة للهجرة والمهجرين
- ان التخبط والعشوائية كنتاج لعدم الوضوح برز بشكل صارخ في المحور المؤسسي المتعلق بتنظيم ومتابعة تنفيذ الحقوق الانسانية للمراة ابتدأت من وزارة دولة يتيمة للمراة الغيت بموجب نهج الاصلاحات التي قادها رئيس الوزراء د.حيدر العبادي عام 2015 الى عدة جهات موجودة حاليا كدائرة تمكين المراة واللجنة الدائمة للنهوض بالمراة والمجلس الوطني للمراة ولجنة المراة والاسرة والطفولة في البرلمان ...الخ ، بحيث ضاع القرار ومتابعي القرار وتداخلت الصلاحيات والمؤسسات ...نرى وتطبيقا للمبادئ الدستورية والالتزامات الناشئة جراء كوننا اعضاء في العديد من الاتفاقيات الدولية بما فيها اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة والتزاما بمبادء اعلان بكين والاهداف الانمائية للألفية وتوصيات الاستعراض الدوري الشامل وحتى لا تضيع البوصلة تماما نرى بان تتم المبادرة لتشكيل مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة تعنى بالمراة وغير تابعة للسلطة التنفيذية .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي