هانس جوناس Hans Jonas والبيوتكنولوجيا

محمد أحدو
2020 / 5 / 16

هانس جوناس Hans Jonas والبيوتكنولوجيا

أحدو محمد
كاتب من المغرب


ما الذي يدفع الفيلسوف الألماني هانس جوناس Hans Jonas بالاهتمام بالمسألة البيوتكنولوجية؟ ما الذي تعنيه لديه؟.
من المؤكد أن جوناس لا يستعجل تقديم تعريف حرفي للتكنولوجيا الحيوية من خلال تحليله ، حيث يركز على إبراز الفرق بين التقنيات التقليدية ، والتقنيات الناشئة الجديدة التي تجعل من الإنسان الكائن المباشر. إن جوهر التكنولوجيا الحيوية لديه ، هو أولا وقبل كل شيء ، تعديل الهياكل المقدمة ، على عكس التكنولوجيات القديمة التي هي بمعناها المقبول: >، وعندما تكون التقنية بشكل عام ، على غرار التصنيع المشترك مدفوعة بمهمة نفعية ، بعبارة أخرى ، فإن بناء المواد المخصصة لخدمة البشر ، والتقنيات الحيوية على وجه الخصوص تقترح السعي نحو تعديل مسار ما هو موجود بالفعل لدى الإنسان من خصائص عضوية وإحيائية طبيعية ، وعادة ما تتميز > بعيدا عن إنتاج أو إختراع الجديد ، إن هذا هو أول جوهر أو سمة للتكنولوجيا الحيوية، حيث يشارك النظام البيولوجي إلى حد كبير في تحليل الحياة المرغوبة ، وعلاوة على ذلك ، في بعض الحالات البحثية التي يتم فيها طرح نموذج التجريب ، أي النموذج الذي بموجبه يقتنع العالم ويتعاون مع النظام الطبيعي ، حيث يمتلك هامشا من المناورة في الحدود التي عليه فيها الأخد بعين الاعتبار آليات التفاعل ، وخصوصية كل الجسم البيولوجي مع الخصائص الذاتية والوظيفية التي يمتلكها. إضافة إلى أن مشكلة قابلية التنبؤ للتكنولوجيا الحيوية تضل محدودة جدا ، حيث عدد ما هو مجهول مهم جدا، من هنا مكمن الخطورة لتجاربها ومشاريعها البحثية حول المجال الإحيائي البشري ، فإذا كانت التقنية التقليدية تتطلب القدرة على التنبؤ ، فإنها وفي المقابل تقارب الصفر في الأبحاث والتجارب البيوتكنولوجية .
في الواقع إلى جانب افتراض الموضوعية ، يتم وضع العلم والتكنولوجيا الكلاسيكية على أساس التجريب ، هذه التجارب التي يمكن تعديلها ، مراجعتها وتصحيحها قبل الموافقة عليها أو دحضها كنماذج غير ملزمة. في المقابل يكاد يكون هذا الإجراء مستحيلا في التقنيات الحيوية الجديدة بشكل عام ، خاصة تلك المتعلقة بالبشر ، حيث يتم إجراء التجربة ، والاستنتاج ، و النمذجة على البشر، ففي هذه الحالة تعد<<التجربة هي الفعل الحقيقي ، والفعل الحقيقي هو التجربة.>> .
فلا يمكن للتكنولوجيا الحيوية المطالبة بتصحيح أخطائها مثل التقنيات التقليدية ، التي بإمكانها تصحيح أخطائها بما يتجاوز التصميم إلى المنتجات النهائية ، بينما لا يمكن لعلوم الحياة أن تصلح الإنسان ، حيث يمكن للعلوم الميكانيكية أن تفعل ذلك بسهولة ، وذلك بأن تعمل على إعادة المركبة إلى المصنع لتصحيح الأخطاء والإعطاب بها .
سمة أخرى أكد عليها هانس جوناس Hans Jonas مميزة لمنطق التكنولوجيا الحيوية التي يجب التأكيد عليها ، وتكمن في قوة الهيمنة وإعادة التوطين ، فيبدوا أنه على الرغم من الاختلافات التي لوحظت حتى ألآن بين التكنولوجيا الكلاسيكية ، والتقنيات الحيوية الجديدة المعنية. إلا أنها تستجيب هنا لنفس المعيار المتمثل في قدرتها على السيطرة وإعادة التأهيل. إن منطق التكنولوجية الحيوية قد تجاوز أساس التكنولوجيا الكلاسيكية التي أسست على العمليات الطبيعية للوصول إلى عتبة السيطرة على الطبيعة ، فما تقدمه الهندسة الوراثية أحدث تحولا كبيرا في الوجود الإنساني . إن هذا الانتصار – إن عد كذلك - والذي كان مفيدا في المقام الأول ، يتألف في الواقع من شكل جديد من الاغتراب ، واستعباد الإنسان الذي أصبح بلا حماية وتحت رحمة مخططي اليوم ، وهو الأمر الذي يدعونا لطرح مشكلة الهدف الذي يوجه منطق التكنولوجيا الحيوية.
إن هته التكنولوجية حسب هانس جوناس ، أي التكنولوجيا الحيوية ، لا تتظاهر بخلق الإنسان ، لأنه موجود بالفعل ، لكنها تأمل في خلق إنسان أفضل وأكثر مثالية وجاذبية ، هذا الجوهر النهائي للتكنولوجية الحيوية يدعونا لطرح مشكلة صورة الإنسان ، وهذا هو بوجه عام الطريقة التي تميزها على التقنيات التقليدية. فطريقة عملها متاحة أو مستقبلية وفقا لنهايتها. من هنا فانطلاقا من هذه التوصيفات المختلفة ، يمكن القول مع جوناس ، فإن التكنولوجيا الحيوية هي من ثلاث أنواع فيما يتعلق بأهدافها النهائية:
منها القائمة على الأوامر الوقائية protecteur. ومنها المؤسسة على العمليات التطويرية .amélioriste، ومنها المؤسسة على أهداف إبداعية creative، أو مستقبلية futuriste.

الهامش
انظر Hans Jonas ‘’ Essais philosophiques , Du Credo ancien a l homme technologique``. Paris.Vrin.2013

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي