|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
علي حسين يوسف
2020 / 4 / 17
نعلم أن أنجع الحلول لمعالجة الوضع العراقي الراهن ، هو معالجته كما هو وليس كما نرغب لكن كيف لنا أن نتخلص من رغباتنا ؛ كيف التخلص من وطأة هذا الواقع وضغطه على تصوراتنا ؟ وهل هناك قراءة موضوعية متجردة من الميول تماما ؟ وهنا نجد أنفسنا أمام اشكالية حقيقية ، فكيف لنا ان نتجرد من الضغوطات الراهنية لننظر بعين الموضوعية والحيادية لوضع هو أصلا مشتبك جدا ومرتبك وقد بتنا جزءا منه ؛ نعيش لحظاته منغمسين بها حتى النخاع ؟
هل لنا ان نواجه الواقع بتفاصيله متناسين انه لا خلاص من معضلة التفاصيل المعقدة ؟ هل نركع أمام عواصف الجدل الطائفي والسياسي العقيم ؟ هل نعلن انهزامنا ونتخلى عن مسؤوليتنا بوصفنا كائنات مفكرة ؟
حين التأمل بغية توصيف الراهن العراقي يبدو لنا الوضع في البلد خلطة غرائبية فهو مزيج من مشاكل حزبية وأقليمية وعرقية وطائفية وحتى اجتماعية واقتصادية وحضارية .
ولا يتصور البعض أن تلك المشاكل مشاكل مستحدثة أو طارئة بل أن اكثرها مشاكل مترسخة وكامنة حتى بات بعضها على حافة شيخوخته كالمشكلة الطائفية مثلا وهذا من حسن حظنا لكن والحق يقال أن طرق التعامل مع تلك المشاكل من قبل الأنظمة السياسية المتعاقبة هو الذي يبعث الروح فيها من جديد في كل مرة حتى لتبدو وكأنها مشاكل مستحدثة ووليدة عصرنا مما يزيد من تعقد المشهد ، وبما أن أغلب مشاكلنا نحن العراقيين قد أصابها الهرم من فرط تعاقب الأزمان عليها لذا بات من السهولة القضاء عليها وعلى رواسبها بصورة جذرية ، ولنا أن نتصور هنا هل يعقل أننا ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين نشغل أنفسنا بالمشكلة الطائفية ؟ وهل يعقل ونحن في بلد غني مثل العراق أن نعيش كما تعيش البلدان الفقيرة ؟ وهل يعقل انتا نملك كل هذه الثروات التي تكفي لأضعاف عدد سكان العراق ويوجد بيننا سراق يكنزون الأموال ؟
والمتأمل في كل ما تقدم يلحظ بأن الجامع في تلك المشاكل كلها هو غياب العدالة ، فبتحقيق العدالة يمكن للشيعي والسني ان يستشعرا بأن الإيمان بالوطن فوق اختلافهم العقائدي ، وبتحقيق العدالة يمكن أن يصبح العراقيون كلهم أغنياء إذا أخذنا بنظر الاعتبار حجم الثروات الهائلة التي نملكها ، وبتحقيق العدالة يمكن للعراقيين جميعا أن يعيشوا بأمن وسلام .
والعدالة – بحسب أرسطو – تعني المساواة وهي ذاتها الإنصاف ، وهي نوعان : توزيعية تتجسد في توزيع الخيرات والثروات بحسب طاقات الأفراد وأعمالهم ، وتعويضية وتتجسد في تنظيم المجتمع على وفق الأعراف والقوانين بغية تصحيح السلوك اللاقانوني عند المجرمين وتعويض الضحايا .
والعدالة لا تعني إلغاء التفاوتات الفكرية والدينية والاجتماعية والاقتصادية تسعى إلى مراعاة الاختلافات والتمايزات بين الناس بحسب طباعهم وقدراتهم واستعداداتهم ومؤهلاتهم فهذه كلها مؤشرات ايجابية وبخلاف ذلك قد تتحول العدالة إلى ظلم بحق شرائح كاملة كالنساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة فالعدالة الحقة هي التي تبني مفهوم التمييز الإيجابي بين الناس كما ذكرنا .
علاجنا إذا تحقيق العدالة .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |