|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
محمد أحدو
2020 / 1 / 18
بشأن الاختزالية البيولوجية للإنسان
إن المحاولات الرامية إلى اختزال الإنسانية في الحيوانية ، لا تعود إلى الأمس فقط ، فالفلاسفة والعلماء لطالما تسألوا عن التشابهات المورفولوجية والوظيفية بين الإنسان والحيوان. وتعود أول صياغة منهجية لهذه المقارنات مع كارل فون لينيي Carl von Linne(1)، في كتابه نظام الطبيعة systema Naturaeحيث رسم في هذا الكتاب قائمة جرد فيها الأنواع الحية الكاملة المعروفة آنذاك بدءا من التقليد الذي يعود إلى أرسطو، وهكذا يضع لينني Carl von Linneالإنسان على مقاس علم الحيوان الذي استخلصت من الانثروبولوجيا والعقيدة المسيحية، بوصفها للإنسان كصورة للإلهHomo Imago Dei . كأبرز مثال على ذلك مجموعة من الرئيسيات ، فقد جعلت نظرية التطور هذا التوطين شائعا، تأكيدا لفكرة الألفة بين الإنسان والحيوان، بسبب عقدة الأنساب.
وتكشف الكيمياء الحيوية اليوم، عن وجود التشابه الوراثي المدهش بين مختلف الكائنات الحية، وخاصة بين الإنسان والقردة العليا ن الذين لديهم أكثر من 95في المائة من إرثهم الوراثي. من هنا فإن علم السلوك l’ethologieبدوره يكشف عن التشابهات الملاحظة بين الحيوان والإنسان على مستوى السلوك، كما يسعى علم الوراثة المقارن La genetique comparee، إلى تسليط الضوء على الآليات التي تستند إليها هذه المقارنات إنطلاقا من الأوليات التي تحتويها ، وهو ما يسميه إدعار موران Edgar Morin، ب الكشف السلوكي La revelation ethologique . فعلى عكس ما كان يعتقده المرء حتى الآن، يمكننا أن نجد لدى بعض الأنواع الحيوانية مجموعة كاملة من القدرات والسلوكيات والاستعدادات التي تم تخصيصها للإنسان ولقرون، كالتواصل، والحياة الإجتماعية التراتبية، والسلوكيات الرمزية والطقوسية ، والإبداعات التقنية، والميل إلى اللعب....
ومن ثم تعزى خاصيتان ارتبطتا بشكل خاص بأنواع معينة من الرئيسيات، مثل فصيلة القردة الشامبانزي، من قبيل استخدام وبناء الأدوات، والقدرة اللغوية، فهذا التحرر ضد الغريزة في اختراع وصنع الأدوات هو ما يؤكد على الدور الذي لعبه التعلم، سواء كان فرديا أو جماعيا. أما بالنسبة للقدرة اللغوية، فإن تجارب Premackبريماك وغادنرGadnerعلى الشامبانزي الإناث، فقد زرعت اضطرابا ملحوظا تمثلت في قدرة وانشو washoe، على استخدام علامات الصم والبكم في امريكا.أما بالنسبة ل سارة sarah،فقد تم استخدام بطاقات بألوان وأشكال مختلفة تمثل الكلمات والمفاهيم التي استخدمها الشامبنزي على سطح مستو، حسث اعطت الطريقتان المطبقتان على وانشو washoeوسارة sarahنتائج مماثلة: فقد استوعبت القردة من 120إلى150من الكلمات وبناء الجمل الأساسية، علاوة على ذلك، تمكنت واشو من التعرف على صورتها التي تعكسها المرآة. فكل هذه النتائج أدت إلى أن يقوم Premackبريماك وغادنرGadner، بإعطاء الحيوانات قدرة تواصلية مفاهيمية، تصل غلى مستوى التجريد. فبعد تعليقه على قصة واشو washoe، خلص إدعار موران Edgar Morinإلى ذروة النشوة المتغايرة من السلوكيات من خلال رؤية نسخة من سميكة من الكوجيطو الديكارتي un comble de l’euphorie ethologique (2). فالكشف الباطني لعلم السلوك وعلم دراسة النماذج القرابية للإنسان Primatologie، سيؤدي إلى كسر الانقسام التقليدي بين الإنسان والحيوان،حيث يعتبر الإنسان تتويجا للخلق، تحقق بذلك من الناحية الإبيستيمولوجية تقاربا بين الأنثروبولوجيا وعلم الحيوان، بين الطبيعة والثقافة بعدهذا الكسر بين الإنسانية والحركة.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
1- كال فون لينني، عالم نبات سويسري ، هو رائد علم التصنيف الحديث ويعتبر احد أعلام علم التنبؤ، ألف كتاب نظام الطبيعة والذي وضع فيه أسس التصنيف العلمي الحديث، فهو أول من وضع نظام التسمية الثنائية: أي اسم الجنس واسم النوع..
Edgar Morin ‘’ la nature de la nature ou la vie de la vie’’. Paris.seuil.1977-1982- 2- .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |