نحو دعم نظام الحماية الوطني لحقوق الانسان في العراق

خليل إبراهيم كاظم الحمداني
2019 / 3 / 26

نحو دعم نظام الحماية الوطني لحقوق الانسان في العراق
خليل إبراهيم كاظم
باحث في مجال حقوق الانسان
ما ان سقط النظام الدكتاتوري ربيع عام 2003 حتى برزت مهمة تصفية ارث انتهاكات حقوق الانسان كاولوية قصوى واشتمل العمل على محاولات لتاسيس منظومة وطنية لحماية لحقوق الانسان ولتواضع تجربة من مسك السلطة في الحكم والتكيف الى حد تداخل الاولويات وللفوضى التي اعقبت سقوط النظام ضاعت بوصلة البناء الرزن لهذه المنظومة ، فاختلطت مهام العدالة الانتقالية بمهام البناء التاسيسي لهذه المنظومة ويبدو ان هناك في السلطة من لايفرق بين مرحلة التاسيس من الصفر او استئناف الخراب وبين المهام المرحلية والطارئة ومتطلبات العدالة الانتقالية اضافة لوجود عامل يضغط بقوة غلى مسيرة العمل وهو البناء الديمقراطي التوافقي والذي ارتكز على البعد المحاصصاتي في جميع الادوار -–بمعنى اغتيال الديمقراطية البطئ وبمسميات حكومة الوحدة الوطنية والتوافق السياسي الذي قد يقفز على الدستور احيانا - ..وقد تعلق الامر بحقوق الانسان فقد تم في البدء وضع الاطار القانوني لمنظومة حقوق الانسان من خلال دستور حاول ما امكن توافقيا ان يستجيب لضرورات البناء الديمقراطي وقضايا حقوق الانسان ، وتم انشاء وزارة لحقوق الانسان ثم مفوضية عليا لحقوق الانسان كمؤسسة وطنية ، وتمت المباشرة بتنقية المنظومة القانونية من القوانين او المواد التي تنهتك حقوق الانسان او تيسر لذلك ..اي انها اختارت هنا ان تكمل البناء على منظومة قانونية قديمة لا تستجيب لحاجات وظروف متجددة ( اغلب القوانين الرئيسية -–الاحوال الشخصية والعقوبات واصول المحاكمات الجزائية ...الخ - يرجع تاريخها لأكثر من اربعين سنة ) وعلى صعيد الاجهزة الحكومية والتعليمات والاوامر وتقاليد العمل الحكومي التي نمت وتكونت واستنشقت اجواء الانظمة السياسية ما قبل عام 2003 ، ويمكن هنا الاشارة الى بعض الظواهر كنماذج اعاقة لأي تطور على صعيد حقوق الانسان:
- لطالما كانت العقلية الشرقية والمفهوم الكلاسيكي للسيادة النهج المهيمن على تفكير اصحاب القرار التقليديين ولعل فكرة التقاضي وتقديم الشكاوى المتعلقة بحقوق الانسان – الفردية منها والجماعية - الى اجهزة الامم المتحدة من قبل المواطنين ستكون معيبة و لا تليق بالحاكم ، عليه لا تحضى هذه الفكرة بمقبولية لدى صانعي القرار – والذين كان اغلبهم يستخدم هذه الاليات سنوات المعارضة – فتجنبوا الانضمام الى البروتوكولات الملحقة بالاتفاقيات الاساسية لحقوق الانسان والتي تعترف بصلاحية لجان المعاهدات بتلقي الشكاوى الفردية ( العهدين الدوليين للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق المدنية والسياسية واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة واتفاقية حقوق الطفل واتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة ) او تقديم اعلانات بقبول صلاحيات هذه اللجان في هذا المجال بالنسبة لأتفاقية القضاء على التمييزالعنصري واتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية حماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري..وجدير بالذكر ان هذه الاليات تشترط لقبول هذه الشكاوى استنفاذ الاليات الوطنية للشكاوى بمعنى انها لا تقفز على الحالة الوطنية ، علما ان هناك آليات اخرى يمكن للأفراد استخدامها للشكاوى لا علاقة لها بنظام المعاهدات ومنها استخدام الاجراء السري 1035 والاجراء 1235 للشكاوى والتي غالبا ما يكون تاثيرهما اقوى .
- فهم محدود لطبيعة مهام العدالة الانتقالية والتي تحاول جهات عديدة لمختلف الاسباب مطمطة آلياتها المختلفة لتبقى جزء من مؤسسات الدولة الى ما لانهاية ومنها مؤسستي الشهداء والسجناء السياسيين وهيئة نزاعات الملكية العقارية والهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة وكلها مؤسسات مضى على تاسيسها اكثر من خمسة عشر عاما ولم تنجز كامل مهامها ولعل ملف المقابر الجماعية وملف المفقودين شاهد على التفكير بنهج سرمدية هذه المؤسسات.
- القصور الفكري والحيرة التي تراود اصحاب القرار والتي يمكن تلخيصها بالسؤال الخالد (ماذا بعد ؟) فحدود التفكير والعمل تتوقف عند حالة المصادقة او الانضمام لمعاهدة ما .. حيث تسجل الانجازات بعدد المصادقات او الانضمامات الى الاتفاقيات ولا يعنيها ما بعد ذلك الذي هو في حقيقة الامر سبب اعتماد الاتفاقية اصلا .. اقصد قصور العمل في الجوانب المؤسسية وجانب السياسات وجوانب الموائمة التشريعية والامثلة كثيرة بهذا الاتجاه ويكفي ان تنظر الى تاريخ المصادقة او الانضمام واحصاء التغييرات التشريعية والمؤسسية ذات الصلة ما بعد هذا التاريخ .
- الابتعاد الكلي عن اعتماد نهج لحقوق الانسان عند وضع السياسات المختلفة التي غالبا ما تكون ردود افعال اكثر من ان تكون فعل تأسيسي ولك ان تتصور الموضوع عند الحديث عن وضع الموازنة مثلا او المباشرة بسياسات مكافحة الفقر او السياسة التشغيلية او السكانية .. الموضوع يتحدد بأفق محدود للغاية .
ما تقدم امثلة عن كوابح لتاسيس منظومة لحقوق الانسان التي رغم كل هذا حاولت ان تجد لها موقعا في الدولة ...هذه الكوابح وغيرها ساهمت وبدرجة كبيرة في تشوه صورة منظومة حقوق الانسان من جهة ومن جهة اخرى ساهمت في تحديدها او بالاحرى محدودية تاثيرها .. ولئن برزت هنا وهناك محاولات للقفز على هذه الاوضاع الأ انها تبقى محاولات فردية .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي