الحق في الحياة مع آخر تحديث للجنة المعنية بحقوق الانسان هل من جديد

خليل إبراهيم كاظم الحمداني
2018 / 11 / 15

الحق في الحياة مع آخر تحديث للجنة المعنية بحقوق الانسان
هل من جديد
خليل إبراهيم كاظم الحمداني
باحث في مجال حقوق الانسان

تحرير هذه الورقة جاء بمناسبة التصويت على التعليق العام – الذي يحمل الرقم 36 - الذي أصدرته اللجنة المعنية بحقوق الانسان (المكلفة بمتابعة تنفيذ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية) حول الحق في الحياة الوارد في المادة السادسة من العهد وتم الإعلان عن هذا التصويت واعتماد نتيجته مطلع الشهر الحالي (1)
جدير بالذكر ان التعليقات العامة التي تصدرها اللجان المكلفة بمتابعة تنفيذ اتفاقيات حقوق الانسان الأساسية تشكل إضافة الى طبيعتها التفسيرية لمواد الاتفاقية تشكل دليلا استرشاديا وخارطة عمل للتعامل مع مختلف مشاغل حقوق الانسان على الصعيد الوطني. تتكون اللجنة المعنية بحقوق الانسان من 18 خبيرا ثلاثة منهم حاليا من الدول العربية وهم كل من (السيد كويتا باماريام / موريتانيا والسيد عياض بن عاشور/ تونس والسيد أحمد أمين فتح الله / مصر) (2)
أهمية هذا التعليق تتركز حول موضوعه المثير للجدل سياسيا وثقافيا واجتماعيا رغم انه خضع لنقاش مستفيض دام لأكثر من ثلاث سنوات حسب تعبير السيد رئيس اللجنة حيث طرح لأول مرة عام 2015 خلال الدورة 114 للجنة وتحديدا منتصف يوليو /2014. ولا يفوتنا ان نشير هنا الى ان هذا التعليق قد حل محل تعليقين سابقين حول ذات المادة الأول التعليق رقم 6 في 30/نيسان 1982 (3) والتعليق الثاني رقم 14 في 1 كانون الثاني 1985 (4)
في هذا التعليق لا تزال المحاور الأربعة الرئيسة لهذا الحق كما هي (الحرمان التعسفي من الحياة والوضع الصحي والبيئي وحالات الإعدام والاختفاء القسري) وغني عن البيان فان لكل حالة من هذه الحالات قد أصابها من التحديث ما أصابها.. فالانتهاكات تنوعت واتخذت اشكالا جديدة لم تكن معروفة عند اعتماد التعليقين 6و14 آنفا. كما ان التطورات السياسية الدولية والإقليمية والمحلية خلقت ظروفا جديدة تتطلب تعاملا جديدا يتماشى مع كل حالة علاوة على ان القاعدة الاساسية بتكامل الحقوق وارتباطها مع بعض وتطور مختلف ممارسات وانتهاكات هذه الحقوق اوجبت هذا التحديث.
بودنا الإشارة الى حجم المشاركات في ابداء الآراء اثناء النقاشات حول هذا التعليق وغياب شبه كامل للدول العربية بدءا من منتصف عام 2014 ولغاية اعتماد التعليق.. لقد قدمت الدول التالية ارائها حول هذه المادة من الاجتماع الذي دعت له اللجنة (5) والنقاشات التي جرت في تموز 2017 والدول هي (استراليا والنمسا والبرازيل وكندا والدانمارك ومصر وفنلندا وفرنسا وألمانيا واليابان ومالطا ونامبيا ونيوزلندا والنرويج وبولندا والبرتغال وروسيا الاتحادية والسويد وسويسرا وهولندا وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة) ، فقط مصر من قامت بإبداء الراي وتواصلت مع اللجنة عبر كتاب بعثة مصر في جنيف 227384415 في 5/10/2017 متضمنة أيضا رد النيابة العامة حول الموضوع ، وكما متوقع فان الراي كان يركز على موضوع الإعدام وضمانات المحاكمة العادلة والتبريرات المتعلقة بضرورة الحكم بالاعدام للجرائم (الأشد خطورة) طبعا ، وشارك أيضا ممثلين عن منظمات الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة والخبراء كل من (اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD)و آلية الخبراء المعنية بحقوق الشعوب الأصلية والخبير المستقل المعني بتمتع الأشخاص المصابين بالمهق بحقوق الإنسان و فرع سيادة القانون والمساواة وعدم التمييز ، مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان المقرر الخاص المعني بالحق في السكن اللائق وصندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) الفريق العامل المعني بمسألة التمييز ضد المرأة في القانون والممارسة ) إضافة الى مشاركة ممثلين عن 33 مؤسسة اكاديمية وممثلين عن ثلاث مؤسسات وطنية لحقوق الانسان إضافة الى اكثر من مئة منظمة غير حكومية من مختلف انحاء العالم .
يهمنا ان نعرض هنا اهم محاور هذا التعليق وكما يلي :
- أولا -ملاحظات عامة
- ثانيا - حظر الحرمان التعسفي من الحياة
- ثالثا - الالتزام بحماية الحياة
- رابعا - عقوبة الإعدام
- خامسا - علاقة المادة 6 مع مواد اخرى من العهد والنظم القانونية الاخرى
ولدى تحرير هذا التعليق فقد اعتمدت اللجنة على مصادر عديدة في عرض اجتهاداتها بما في ذلك مجموعة الملاحظات الختامية التي تم اعتمادها عند مناقشة تقارير دول عديدة منها الملاحظات الختامية لـ (ايرلندا/ 2014 ، الأرجنتين / 2010، جامايكا/ 2011 ، مدغشقر/2007 ، غينيا الاستوائية2004/ ، زامبيا/ (2007 ، كولومبيا (2016) المغرب (2016 ، الكاميرون (2017) ، بنما (2008) جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة (2015) ،بولندا (2016) ، شيلى (2014) ، كازاخستان (2011) ، رومانيا (2017), ، سرى لانكا (2014) ، سان مارينو (2015) ، الارجنتين (2016), ، بولندا (2010), ، جمهورية الكونغو الديمقراطية (2017) ، باكستان (2017), ، بوركينا فاسو (2016) ، ناميبيا (2016), ،ملاوى (2014) ، باكستان (2017) ، نيبال (2014), ، ليختنشتاين (2004), ، كينيا (2012), جمهورية افريقيا الوسطى (2006), ،الولايات المتحدة الامريكية (2014): الولايات المتحدة الامريكية (2006), المملكة المتحدة (2006), ، مدغشقر (2007), ، تركيا (2012) ، موزامبيق (2013), غواتيمالا (2012), ، اندونيسيا (2013) ، روسيا (2009), ، البانيا (2013), إضافة الى مجموعة اجتهادات وردت في كأراء للجنة في البلاغات الموجهة لها من افراد نتيجة انضمام بعض الدول الى الى البروتوكول الملحق والمتعلق بقبول صلاحية اللجنة المعنية بحقوق الانسان بقبول الشكاوى الفردية وكذلك تعليقات واجتهادات بعض لجات المعاهدات الأخرى . ( 6 )
ختاما تعتبر اللجنة هذا التعليق مهم جدا ليس لعملها وانما لكل العالم بما فيها لجان المعاهدات الأخرى حسب تعبير احد أعضاء اللجنة ( 7 )
عودتنا اغلب الحكومات العربية على النأي بنفسها عن الاشتراك بمثل هذه الفعاليات والفرق مفتوحة العضوية التي يتم تشكيلها لمناقشة شواغل حقوق الانسان المختلفة لتضمين الثقافات المحلية في الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الانسان بما فيها التعليقات العامة التي تعتمدها لجان المعاهدات باعتبارها أدوات تفسيرية واسترشادية لفهم وتطبيق مواد الاتفاقية على الأرض ومن البديهي جدا ان تقوم هذه البلدان بابداء التحفظات على الكثير من مواد الاتفاقيات ( 8 ) او توجيه الاتهامات الى منظومة حقوق الانسان بكونها نتاج حصري للحضارة الغربية عليه واستنتاجهم المباشر في محاولة لتغييب وعي الشعوب بان هذه المنظومة نتاج غربي لايعني الانسان الشرقي بما فيه الانسان العربي (هذا ما يعتقده بل ويصرح به الكثير من قيادات هذه البلدان ) عليه لم يبق سوى ان يكون هناك حضور قوي وفاعل للمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان باعتبارهما من أصحاب المصلحة المعنيين مباشرة بممارسات حقوق الانسان وبهذه المناسبة فان اللجنة تستعد لتحرير تعليق عام جديد حول المادة 21 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمتعلقة بالحق في التجمع السلمي ، وهو عمل سيبدأ في الدورة القادمة للجنة ابتداء من 4 مارس 2019 ، نأمل من المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان شرح تجاربها على الأقل في التعامل مع مواضيع حقوق الانسان المختلفة ومنها قضايا التجمع السلمي .
ان التعليق رقم 36 المتعلق بالحق في الحياة متاح في الوثيقة (( CCPR/C/GC/36 )) .


الهوامش
1) https://www.ohchr.org/AR/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=23809&LangID=E
2) https://www.ohchr.org/AR/HRBodies/CCPR/Pages/Membership.aspx
3) متوفر على الرابط https://tbinternet.ohchr.org/_layouts/treatybodyexternal/Download.aspx?symbolno=INT%2fCCPR%2fGEC%2f6630&Lang=ar
4) متوفر على الرابط https://tbinternet.ohchr.org/_layouts/treatybodyexternal/Download.aspx?symbolno=INT%2fCCPR%2fGEC%2f4723&Lang=ar
5) https://www.ohchr.org/EN/HRBodies/CCPR/Pages/GC36-Article6Righttolife.aspx
6) ينظر الوثيقة CCPR/C/GC/36
7) http://ccprcentre.org/ccprpages/conclusion-of-first-reading-of-the-draft-general-comment-on-the-right-to-life
8) اغلب اتفاقيات حقوق الانسان الأساسية تأخذ وقتا طويلا لأعتمادها من خلال اشباعها نقاشا ومراجعات مستمرة لفرق عمل مفتوحة العضوية ولسنوات فالعهدين الدوليين استغرق اعدادهما اكثر من عشر سنوات منذ المقترحات الأولى منتصف خمسينات القرن الماضي وحتى اعتمادهما عام 1966 واتفاقية حقوق الطفل استغرقت عشر سنوات منذ اول اقتراح لبولندا عام 1979 وكذلك اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي ولحين اعتمادها عام 2006 ... وهكذا لباقي المعاهدات ....ان المشاركة والحضور اثناء الاعداد سيجنبنا الكثير من التحفظات.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي