أزمة المقررات الدراسية

محمد الورداشي
2018 / 9 / 24

عرف العالم، في الآونة الأخيرة، مجموعةً من الأزمات، والتي يمكن ذكرها في: الحروب بشتى أنواعها، وفي مختلف المجالات العسكرية، والاقتصادية والاجتماعية، والثقافية الحضارية.

يمثل قطاع التربية والتعليم القلب النابض للمجتمعات البشرية، به نعرف مستوى الوعي والرقي داخل مجتمع ما، ونعرف مدى مستوى المجتمع، سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا، وثقافيا وحضاريا، ومن ثمة تأتي هذه الورقة المعنونة ب" أزمة المقرر الدراسي".
للرقي بالمجتمع في مستوياته كافة، يجب أن أن نبدأ بإصلاح منظومتنا التربوية إصلاحا جذريا وشاملا يضم مختلف المجالات، ابتداء من المنظومة التربوية، مرورا بالمناهج التربوية ووصولا إلى المقرر الدراسي، باعتباره حلقة وصل بين التلاميذ والمدرس، ومن ثم، نسهم في إنتاج فرد اجتماعي إنساني، يحمل أفكارا حول مجتمعه وثقافته، ويسعى إلى صون هويته والتشبع بروح المواطنة. إلا إننا في هذه الأيام، نشاهد حملات في مواقع التواصل الاجتماعي، تتداول مجموعة من الصور المقتطفة من مقررات دراسية في المستوى الابتدائي، والتي تشعل نار الحسرة والتأسف في نفوس هيئة التدريس، والتي تمثل انحطاطا لمنظومتنا التربوية، كما أن هذه الصور التي تتداول، تبين لنا أن ثمة بونا شاسعا بين الشعارات التي تتبناها مدرستنا المغربية في ظل الإصلاحات الأخيرة، والمخرجات التي تسعى المنظومة التربوية إلى تحصيلها في الأخير.
على أن ثمة أمرا يجب توضيحه، وهو أن وضع مقررات دراسية مبتذلة، بدعوى الحفاظ على الهوية الثقافية والحضارية، يعد كلاما هراء، بل أيضا، كلام مجانين؛ لأن من العبث أن نسعى إلى الرقي بمنظومتنا التربوية في غياب اهتمام شامل ومتكامل بمناهجنا ومقرراتنا الدراسية.
بناء عليه، يبدو أن ثمة أسبابا متعددة لهذه الأزمة التي نلاحظها في المقررات الدراسية، والتي سنحاول ذكر بعضها فقط:
- تراجع الاهتمام بالهوية الثقافية والحضارية، في مقابل تزايد في تشبثنا بحضارة الآخر من جهة، وبثقافته ومناهجه من جهة أخرى.
- للمقرر الدراسي أشخاص محددون، يعملونا على وضع المقرر الدراسي. إلا أن الإشكالية الكبرى، هي وجود هدف بركماتي في توجهات هؤلاء العاملين على وضع المقرر، فكثيرا ما نجد أن ثمة أشخاصا لهم أهداف ربح فقط، ولا يهمهم مستوى المعرفة الرديء الذي يقدمون في المقرر، باعتباره كتابا للتلميذ، يسهم في بناء تعلماته.
- غياب المراقبة والمعاقبة الحاسمتين لكل ما يوضع في المقررات الدراسية.
- العمل على تقديم معارف مجحفة ويسيرة للتلميذ، والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، خصوصا إذا ما نحن استحضرنا التحديات التي تواجهنا في الحاضر والمستقبل. فهشاشة المقرر الدراسي لا تصمد كثيرا أمام التحديات والإكراهات المستقبلية، ولا يمكن أن نتخذها جسرا للرقي بالتلميذ نحو ذلك الفرد الواعي بواقعه، وبتحدياته الراهنة والمستقبلية، المفكر في ظروفه ومستقبله.
- غياب رؤية واضحة في المقرر الدراسي، ونحن نعلم أهمية الرؤية في مسايرتنا للحاضر والمستقبل، ومعرفتنا العميقة بالماضي. لذلك، فإن غياب رؤية واضحة، وهدف محدد لمنظومتنا التربوية، ينم عن مدى ضعف نسبة الوعي في مجتمعنا، وضعفنا وتخلفنا، اقتصاديا واجتماعيا، وسياسيا، وثقافيا وحضاريا.
كانت هذه الأسباب التي أشرنا إليها أعلاه، نقطة من بحر لجي عميق ومظلم، ومن ثم، فإن ما هو جدير بالاهتمام هو إعادة النظر في المقررات الدراسية، ومحاولة وضع تصور مستقبلي، أي رؤية وهدف مستقبليين واضحين، لمحاولة الرقي بمنظومتنا أولا، وبتلاميذتنا ثانيا. وهذه رسالة موجهة إلى كلّ المسؤولين على قطاع التربية والتعليم، بداية بالوزارة المعنية إلى هيئة التدريس، فنحن جميعا، مسؤولون عن هذا التردي، وجديرون بالنهوض والاهتمام بمنظومتنا، وواعون بالتحديات الراهنة والمستقبلية التي نواجهها، وسنظل نواجهها إلى أن يرث الله أرضه ومن عليها.



حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي