|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
رائف أمير اسماعيل
2018 / 3 / 19
أعاب اغلب العراقيين على صدام عندما قال مرة بما معناه (ان القانون عندنا مثل المطاط) .. ولأن الأغلب هذا وأنا منهم كنا نعلم ان مطاطية صدام كانت تعني انه فوق القانون، وانه يتلاعب به وقتما شاء واينما شاء و(مال مايشاء) من أجل اغراضه الشخصية مع بعض الاستثناءات المزاجية للصالح العام، وليس المقصود بهذا القول تعديل القوانين بشكل فاعل ومؤثر وسريع كي يكون باكبر مساحة عادلة، وبما يتوافق مع حالات الطواريء والمستجدات التي يحتاجها المجتمع العراقي.
لكن في الحقيقة، هل كان صدام نموذجا شاذا في مطاطيته، أم هو قد مثل بتطرفه المطاطي حالة اجتماعية متوارثة أو على الأقل موجودة في شخصية الفرد العراقي؟.. بل هي ممارسة بالفعل في المسميات و(القدوات) وحتى المؤسسات الحكومية منذ زمن بعيد وبقيت تمارس لحد الان؟
بل حتى في القوانين، أوتطبيقاتها من قبل الهيئة العدلية.
ففي الكثير من قوانيننا ترى البصمات الشخصية والفئوية والسياسية المطاطية واضحة.
الكثير من المحققين عندنا يمط بقدر وباتجاه الرشا المقدمة له ..
الكثير من المحامين يحرضون ويحثون المتهمين في ان يكذبوا كي يدافعوا عن انفسهم .. وبكل مطاطية.
الكثير من القضاة يتمعنون الى ماهو خلف المتهم وماهو خلف المادة القانونية ،أين تكمن مكامن القوة والضعف، وكيف يمط كي يخرج قرار الحكم مقبولا عندي القوي، حتى لو انه يعرف انه بداخله قد ظلم بقراره، ناهيك عن الكثير الكثير من حالات الرشا ..
كثير منهم قنن لنفسه: أن الاوراق التحقيقية شيء، والضمير شيئا آخر، وليس شرطا ان يتطابقا في الحكم.
الكثير منا يتذكر (رجل الدين) (المطاط) عبد الغفار العباسي عندما كان يقدم برنامج (ديني) يرد فيه على استفسارات الناس.. مرة سألته امرأة: زوجي يأمرني ان اقدم له (المزة) مع الخمر ويهددني بالطلاق اذا لا افعل ذلك فما رأي الدين، فيردها ضاحكا: شكو بيها اذا تثرمين اله شوية خيار وطماطة .. احسن ماتطلكين.(في الحقيقة انا سمعت هذا من الناس وقتها ولم اشاهد تلك الحلقة).
لكن، قارنوا مطاطية هذا الرجل بالقياس لمطاطية الكثير من) رجال الدين) اليوم..تلك المطاطية التي على الأقل جعلتهم يخالفون الحديث الشريف( الساكت عن الحق شيطان اخرس).. بل منهم هو من افسد بأكثر من عبد الغفار ذاك.
والمتدينون عندنا بشكل كبير يفهمون الدين انه مطاط لصالحم، وغير مطاط لصالح غيرهم..الكثير منهم في الحقيقة سفسطائي الحكمة، برغماتي التأويل والتفسير لاحكام الدين .. يحلل لنفسه مايحرم لغيره. وهو من الممكن ان يكون رجل دين ورجل سياسة وشيخ عشيرة وقائد عسكري ورجل أعمال وحرامي ومغتصب لفتاة في التاسعة من عمرها كما شاء وشاء له الهوى.
ورجل السياسة عندنا مطاط أصلي.. هو.. (هيفيا برازيلنس) ألبرازيلية التي تعد أفضل انواع المطاط في العالم. فهو يمد يده للسلم والحرب في آن واحد.. للاشتراكية والرأسمالية في آن واحد.. للطائفية والمدنية في آن واحد .. يد ترفع للويل من الفساد، ويد تسرق في آن واحد.
والدستور عندنا مطاط.. مطاط مع الوان الطيف العراقي.. مطاط في ان يتسع قلبه لكل من تسول له نفسه لتخريب العراق دون حساب.
منصب رئيس الوزراء عندنا ولدورات ديمقراطية توافقية مطاطية، مطاط في كل الاتجاهات .. مع الكل وضد الكل ... مع جزء ضد جزء .. لانه تمطمط من مجموعة احزاب مطاطة في شخصياتها وبرامجها.
مجالس المحافظات مطاطة، فهي حزبية وطائفية وقومية وعشائرية وشخصية ، وعصابات مال في آن واحد.
اقليم كردستان مطاط، فهو فيدرالية . وكونفيدرالية .. ودولة مستقلة .. ودولة قومية عابرة للحدود العراقية كيفما شاء.
ومن الشعراء عندنا ماهو مطاط.. مطاط في شعره .. مطاط في المعنى بقلبه.. فلا مفراس ولاغيره يستطيع تخمين معناه لو صور قلبه.
والكثير الكثير من الفن التشكيلي مطاط في تشكيله.. تشكل انت معناه عندما تمط في تفكيرك .. هذا ان فهمته طبعا.
وهكذا .... أينما وليت وجهك ترى المطاط والمطاطية، حتى لنا الحق ان نقول وبكل مطاطية اننا جمهورية المطاط،لا جمهورية العراق.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |