|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
فلورنس غزلان
2018 / 3 / 8
أي عمل يحتاج لمجهود ، لاشك أن المجهود الفردي يمكنه أن يثمر ويؤثر ، لكن النضال الاجتماعي الذي يحتاج لتغيير وقلب لتربة الموروث من العادات المغرقة في العتمة، أوالقوانين التي لاتساوي بين إنسان وآخر...سواء في حق العمل أو الحقوق المدنية أو حق الوجود بشكل عام ، وهي الحقوق التي تحتاجها المرأة كي تقلب وتغير موازين التاريخ ، الذي أبقاها في أسفل درجات السلم الاجتماعي ، ومنحها حق الظل والخفاء أو عدم الظهور والفعل ...وكل ماوصلت إليه في بلدان العالم الذي نسميه متحضراً ...لازال ينكر عليها الكثير من حقها في المساواة و العمل والتعامل...ظلت الأنثى المخصصة لسرير الرجل وإمتاعه وما هذه الصيحات التي خرجت للعلن وشقت سحاب الإعلام وصرخت في وجه أنظمة تعمل على التدليس للذكورة وتسمح لها بابتزاز المرأة الضحية ...وعلى سبيل المثال حركة
))Me Too(
، التي خرجت من عباءة المستور والمتسترين عليه لتقول للعالم أنكم لاتزالون تٌسَّخِرون وعيكم من أجل غرائزكم وفحولتكم ، ونحن هنا لانحاول أن نصرخ فقط على رغم تضامننا مع هذه الحركة، لكن المرأة في مجتمعاتنا لازالت تعيش عبودية مغرقة في الظلام ...وعلينا كشف الحُجب عن عذاباتها والبحث في أساليب استلابها ..سلباً أم إيجابا...فإذا كان التحرش الجنسي لازال وسيلة في العمل والشارع عند المحتمعات الغربية رغم حماية القوانين للمرأة، لكن معظم الضحايا تظل صامتة خوفاً من نظرة المجتمع!، الآن كبرت مساحة الجرأة واتسعت الحركة لتصبح عالمية لدرجة أنك تسمع أثناء ركوبك مترو الأنفاق الباريسي، صوت امرأة في المكبر يحث المرأة، التي تتعرض للتحرش أن تسارع للإبلاغ عنه على رقم هاتف محدد!
فأين نحن من هذا والمراة المصرية تتعرض لأسوأ أنواع التحرش ومثلها المرأة السورية واللبنانية وال وحين تشكو للشرطة ، تتحول من ضحية لمحرضة ومسببة .!! سواء ارتدت الحجاب أو البنطال.
المرأة والرجل معاً يشكلان عمودا الحياة ، وبؤبؤ عين المجتمع ، يشكلان مركز دائرة التطور والتوازن، وأي خلل في هذا التوازن يأتي في كفة المرأة ويثقل كاهلها في حجم وهول العراقيل القانونية والاجتماعية والدينية التي تؤدي بالتالي لإبقائها خلف الرجل وفي أسفل درجات سلم الحضارة والتقدم البشري، وينتج عن هذا الخلل تلكؤ ثم احطاط وتردي يجعل المجتمع عاجزاً عن السير بقدم واحدة ، ويشكل هوة سحيقة بين نور الحياة وعتمة الكهوف التي تضع المرأة حبيسة تعيش عصور ماقبل التاريخ، وتؤدي لتشظي المجتمع وتجعل منه مجتمعاً يعاني الموات البطيء ويسمح في انهيار كيانات ودول ...كما تمس هوية الانسان وانتماءه الوطني...
ولا يكفي المرأة كل هذه الإعاقات حتى تأتيها حروب تشل حركتها وحركة التطور ، بل وتجعل منها النقطة الأضعف في ميزان احتراق المجتمعات وحرق كل الطرق، التي يمكنها أن تُمَّكن المرأة من الصعود ومن التحرر فتستغل كأنثى لإضعاف المقاومة وإضعاف اللعبة السياسية ودورها فيها ..كما تجعلها وسيلة لإخضاع الخصم وتطويعه أو شل حركته وإذلاله ...لأن المرأة كجسد في مجتمعاتنا مازالت مركز " الشرف" وأي هتك لهذا الشرف يعني الذل والعار...ولا يقع الذل والعار على من استغل جسدها ليضعف طرفها المقاوم، بل يقع على طرفها هي.. يلحق العار والذل بها ــ رغم كونها ضحية ــ ويلحق بأسرتها ثم بما تشكله من ضمير ومن جهة محاربة ، لهذا تصبح أداة اغتصاب ووسيلة استلاب وتطويع وتركيع، ووسيلة ابتزاز حتى في لقمة عيشها ...في مخيمات التهجير وفي بلاد الاستضافة وحين تبحث عن عمل، ويلها لوكانت جميلة أو صبية...فهي سلعة للمساومة وسلعة للإتجار بها ...وماسطرته يوميات النساء السوريات في مخيمات لبنان والأردن وتركيا، وماكشف في سجون الأسد يكفي ليشغل ويشعل صفحات الكتب والصحف والتلفزيونات لأعوام طويلة قادمة، وخير مثال الفيلم الوثائقي للمخرجة الفرنسية " مانون لوازو ــ الصرخة المخنوقة ".
ومادمنا نراوح ونناضل لنجعل منها امرأة إنسانة قبل أن تكون جسداً مُعَداً لإشباع شبق الرجل وشهوته الحيوانية، فمازال بيننا وبين مساواتها في الحقوق مسافات ضوئية علينا أن نقطعها بمواجهة الموروث الديني والاجتماعي ــ الديني، ثم القانوني، ويمكننا على الأقل أن نبدأ من خلال نزع فتيل بعض الموروث الاجتماعي حتى في ألفاظنا المتداولة ، والتي تستلب المرأة كينونتها ودورها في المجتمع تحت نور الشمس، فحين تقف مع زوجها في محن الحياة وتساعده وتعينه على تجاوز عقباتها حتى يحقق حلمه في النجاح العلمي أو الوظيفي...يقولون عنها " وراء كل عظيم امرأة"!!! إذن موقعها في الخلف لا إلى جانبه ! أيمكن ان نبدأ في تغيير مكانها ؟ وحن نمدح نجاحها وتفوقها نقول :" أخت رجال"!...يُجَيرون عذابها ونضالها ونجاحها لأخوتها ...يسلبونها حق النجاح وينسبونه لأخوة ربما كانوا من أسوأ الرجال! ، أيمكننا أيضاً أن نلغي أمثال هذه الجمل من التداول؟.
هذا غيض من فيض نعتها بناقصة العقل والدين ..ونعتها " بكيدهن عظيم " ، أي قدرة عند امرأة وأي نجاح يتم تحويره وتدويره ثم سحبه من يدها ويضعون أمامها كل العراقيل كي لاتصل ، وإن وصلت ، فلا بد من أدلجة حضورها ووصولها عن طريق حزب سياسي أو حركة أو نقابة ..لأنها لاتصل دون دعم الرجل ... أو الرجال ..لاغبار على انتمائها الأيديولوجي أو نضالاتها النقابية داخل مجموعة ..وما نبحث عنه هو أن يقف الرجل إلى جانبها يساهم في نهوضها وإطلاق قدراتها ...لا في إعاقة مسيرتها .
وهنا مربط الفرس، كم هي نسبة الرجال الذين يؤمنون بدور المرأة وقيادتها ، خاصة في مجتمعاتنا الشرقية؟ ...فمجتمع تقوده امرأة لا يبارك به الله !! هكذا قيل وتكرر ..
في حروب العرب " العراق ، سوريا ، اليمن وليبيا " ...ماهو وضع المرأة؟ أرملة ومعيلة، معتقلة ومغتصبة، قتيلة ويتيمة ...مريضة ومختطفة ...وسبية لدى من يحتكرون اسم الله ومغيبة عن الضوء والفعل في ميادين السياسة إلا بما يتفضل عليها به الحاكم الناهي باسم الله أو بيته، وباسم الأسرة الحاكمة أو سلطة العسكر ...وباسم الحزب توضع في فوهة الموت...وباسم الوطن تذبح وتتحول لكبش العيد.
لنعد لضميرنا الإنساني، الوطني والمجتمعي ...وليبدأ كلا منا بنفسه ويَعدها بأن يغير من مسلكه تجاه زوجته، ابنته، أخته وأمه...طريقته في الحوار معهن وفي معاملته لهن...في دعمهن ودفعهن للأمام دون أن يضع عيون المجتمع والدين في الحساب ، وليبدأ ببيته ثم تتوسع الدائرة فيكون قد وضع لبنة صغيرة في مدماك البناء الاجتماعي الصالح ...لنصل لدولة الحلم التي تساوي المرأة بالرجل في كل الميادين.