هلوسة

ا.د. حسن بشير محمد نور
2014 / 8 / 18

هلوسة
- تقول العنقاء ان هناك اشجارا متحركة تقترب من مدينتكم
- لا احد يكترث
- قالت العنقاء ان تلك الاشجار تثير غبارا كثيفا يحجب رؤيتها
- يقول مسئول حكومي كبير ان تلك عاصفة ترابية ما تلبث ان تنقشع فيصير الجو صحوا جميلا
- قال مواطن بسيط : ستعقبها امطارا غزيرة تملأ شوارع مدينتنا بالمياه ، فتدمر منازلنا وتتركنا بلا مأوي
- يقول صاحبه الذي يشكو من الجوع وسوء التغذية : ستمتليء الشوارع بالمياه مخلفة وراءها قذارة واوساخا متكدسة وتمتلئ المدينة بالذباب والناموس والضفادع الغنية بالبروتين فتُحل مشكلة الامن الغذائي الي حين موسم الحصاد
- قال احد التجار سيتزامن موسم الحصاد مع رفع الدعم عن السلع والخدمات فترتفع الأسعار وسنشتري محصولكم باموال كثيرة تجعل كيلو طماطمكم بخمسين جنيها وبطاطسكم بخمسة وخمسين وسنبيعكم كيلو السكر بمائة جنيه وحبة الاسبرين بعشرة جنيهات (هذه مختلفة عن النوع الذي تبرعنا به لغزة)، يمكنكم حينها الذهاب الي منازلكم بالحافلات الجديدة التي لا يزيد ثمن تذكرتها بين مختلف مواقف مركبات النقل العام عن عشرين جنيها فتنتعش الاسواق ويحدث توازن في مؤشرات الاقتصاد الكلي.
- يحتج مزارع قائلا خمسين جنيها لكيلو الطماطم؟ يعني دولار واحد فقط؟
- يرد التاجر بغضب: وماذا في ذلك؟ ستبيع مثل تلك الكمية مرتين في اليوم الواحد فتحصل علي دولارين فتتعافي انت والاقتصاد ، الصندوق الدولي يقول ذلك ، هل انت اكثر فهما منه؟
- يقول مستثمر اجنبي كان يطير فوق المدينة بمنطاد: ساشتري هذه البلاد بارضها الخصبة واهلها الطيبين الغارقين في الحوار المجتمعي ومياه الامطار.
- سجل كاتب سيناريو متشائم : هذه الازمة ستنتهي بداعش والغبراء
- رد اخر اقل تشاؤما : بل ستنتهي بفوضي يأكل فيها القوي الضعيف
- قال الثالث الاقل تشاؤما من السابقين : ستأتي جحافل فتقصفنا وتقتلنا ثم تعقد لنا مؤتمر مانحين لاعادة الاعمار وتأخذ الثمن من بترولنا وذهبنا واراضينا.
- قبل ان تتضح الصورة عن رؤية العنقاء يذهب المواطن البسيط في غيبوبة (لذيذة) بسبب ملاريا خفيفة ونزلة معوية عابرة ونقص في البروتين، بسبب عدم انضباطه في تناول الوصفة الطبية المتضمنة لمحتويات من دهن الضفادع.
- قبل ان ينطفي بريق الذهن يتسآل: متي ينتهي كل هذا الحوار؟
- يأتيه صوت من باريس ... اللغة غريبة .. والقناة الاخري مشفرة، لم يفهم
- يجيبه طيف هلوسته عندما تمتلئ القربة (الكير) المقدودة بالهواء لتنفخ في النار (يقصد نار الصناعة وليس نار الحريق) وبعد ان يثمر الحرث في البحر عن حصاد
- يظهر فجأة المسئول الحكومي الكبير مشمرا عن ساعديه وخلفه مجموعة من (المكونات المجتمعية) ويقول له نم! لا تفكر ، دع التفكير لنا فسنرفع الحياة عن كاهلك.
- يحل الظلام ويسدل الستار
- بعد ان يسدل الستار تتضح الصورة فتضحك العنقاء من سخافة رؤيتها
- تقول ، فعلا لا يوجد شجر يمشي ، يا لسذاجتي ، لابد ان ما رأيته اشياء اخري ... يا ساتر ... يا ساتر ... وتطير روحها الي السماء وتبلغ الهلوسة نهايتها في سلام.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي