|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
حسن بشير محمد نور
2014 / 3 / 10
عواصف سياسية عاتية تهب علي السودان في هذه المرة شرقية الاتجاه. هذه العواصف ذات اثار اقتصادية مدمرة منها الفوري اما الاسوأ فهو القادم في الطريق. منهجية التعاطي السياسي في السودان مع المقاطعة الاقتصادية او القرارات السياسية الكبري من المنظمات الدولية او الدول ذات التأثير العالمي علي العوامل السياسية والاقتصادية، هي منهجية الاستخفاف والتهوين او في بعض الاحيان الازدراء او حتي الخفة السياسية التي لا تعبأ بدراسة او تخطيط. هذا ما حدث مع المقاطعة الامريكية المتطاولة مع السودان، اضافة لمنهجية التعامل مع القرارات الاممية الصادرة في حق البلاد ومنها قرارات مجلس الامن الدولي التي وصلت في بعض الاحيان الي الفصل السابع وما ادراك به.
بعد حراك ما عرف بالربيع العربي سادت الاحلام والاوهام معا، فاعتقد البعض ان ما تريده امريكا من تمكين لحركات الاسلام السياسي هو نافذ لا محالة لدرجة تصريح واحدا من المحسوبين علي الاخوان في مصر انهم سيبقون في الحكم لثلاثمائة عام. الا ان الامور دارت في اتجاه معاكس فتعثر حراك الربيع العربي ونجحت سياسة الاحتواء لقوي التغيير الحقيقية فانحرف الربيع العربي نحو الفوضي او الارهاب الذي قطع مفاصل الثورة السورية وحول تلك البلاد الآمنة الي وكر للارهاب العالمي. وهكذا دارت الدوائر الي حين قيام حركة الثلاثين من يوليو في مصر. حراك الثلاثين من يونيو كان مفصليا وغير كثير من المفاهيم وقلب مراكز القوة راسا علي عقب.
تسارعت الاحداث بعد ذلك نتيجة للمواجهة بين السلطة الجديدة في مصر وداعميها الاقليمين وتطورت الاحداث بشكل لم يدخل في حسابات الاستراتيجيا والتكتيك التي تم اتباعها مباشرة بعد حراك الربيع العربي. وصلت التداعيات الي مستوي فاق التوقعات عندما اعُلنت جماعة الاخوان المسلمين كجماعة ارهابية في مصري وتبعتها قرارات سعودية تدرجت الي مستوي القطيعة مع ركن اساسي في (عناقيد) مشاكل دول المنطقة هو دولة قطر. لم تتوقف العواصف عند هذا الحد ولم تفقد قوتها بل اشتدت لتٌعلن السعودية بدورها جماعة الاخوان المسلمين (جماعة ارهابية) مع غيرها من منظمات تمت صناعتها وتمويلها بايدي عرابين تخلوا عنها او انكروها. لكن جماعة الاخوان ليست جماعة عادية او مجموعة منعزلة من المقاتلين تمت صناعتها وتمويلها بايدي الوكلاء، هذا تنظيم ضارب الجذور في عمق الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في اغلب الدول العربية، بل هو جماعة موجودة في السلطة في عدد من الدول العربية، بشكل كامل او جزئي او علي الاقل بشكل مؤثر، بطريقة او اخري علي سير الحياة السياسية - الاقتصادية.
تكاملت العناصر اعلاه ، الدولية والاقليمية مع بعضها البعض مكونة واقع شديد التعقيد. في ذلك الواقع يجب قراءة ازدياد وتيرة الحصار والقطيعة الاقتصادية علي السودان. هنا تكامل العنصر الامريكي مع السعودي متداخلا مع المصري، القطري، الايراني وتشابكت العوامل السياسية مع الاقتصادية والامنية لتدخل في منظومة استراتيجية متكاملة ذات ابعاد دولية – اقليمية – محلية وهكذا اكتمل المشهد ليصبح مرعبا باثاره المحتملة علي السودان. هنا ستكون الاثار الاقتصادية هي الاسرع والاكثر وضوحا والبقية تأتي.
لم تبقي للسودان اي مساحة للمناورة فعليه الان الاختيار في اي منعرج يسير واي مصير يختار، الخيار الان اصبح بين الحياة والضياع. باي حساب كان ، احسبوا ما هو المحتمل والممكن ؟ كيف يمكن الخروج من الازمة القومية الشاملة بتعقيداتها السياسية والاقتصادية؟ بالتأكيد يبقي طريق الانتحار سهلا ومعبدا مثل تفخيخ عربة بكمية من المتفجرات ووضع حزام ناسف في الخصر والضغط عليه والعواقب هنا واضحة والنتائج مضمونة. الا ان طريق الحياة والخروج من الازمة بسلام وانقاذ البلاد من مشاكلها بما فيها (انقاذها)، فهذا هو الطريق الشائك، وقديما قالو ( ان ... الدخول في الشباك سهل ولكن التأمل في الخروج). فهل هناك مخرجا ما، ام الدوران في حلقة مفرغة الي وقت الانفجار الكبير. لقد دخلت البلاد في مأزق وصل الي العصب الحيوي لوجود السودان وتحديد مستقبله. اتمني ان لا تتم الاستهانة بالتحديات الاقتصادية النوعية – بتداعياتها وابعادها السياسية - التي انشبت اظافرها في العصب الحي للاقتصاد السوداني وتصويرها كسحابة صيف عابرة، لا بل هي عاصفة هوجاء ضارية ضاربة تحتاج لمصدات علي درجة من المتانة بحيث لا تتوفر لحزب او جماعة منفردة ، كما تحتاج لسرعة في التصرف وعقلانية في القرار حتي لا يتحول هذا الوطن الي ركام لا فائدة منه.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |