التضحية بالقائد بدل الخروف

سرحان الركابي
2011 / 10 / 21

اعلم مسبقا ان الكثيرين لا تعجبهم الفكرة القائلة ان قطع الدومينو العربية التي اخذت تتساقط الواحدة تلو الاخرى , قد كانت بدايتها في بغداد وليس في تونس الخضراء , وان عملية قتل القذافي يمكن اعتبارها مسلسل طويل بدات حلقاته الاولى في بغداد وقد تنتهي في الرياض لتصل تلك الدراما الشيقة الى اوج ذروتها وعقدتها
وكان الزعيم المقتول صاحب الجثة الهامدة التي وصلت الى مصراتة وايدي الثوار تتلقفها مثل الدمية , كان قد تنباْ بنهايته منذ ان اعلن في القمة العربية بعد اعدام رفيقه وصنوه في الدكتاتورية بطل الحفرة القومية صدام حسين , ان الدور قادم اليهم جميعا
ومهما كانت التفسيرا والتاويلات وتضارب الاخبار عن كيفية مقتل القذافي التي تمت بشكل ماْلوف ولا يشذ عن الثقافة والتكتيك التي تشربت بها العقلية العربية المازومة والمتورمة بعقدة الانتقام والثار ,
اقول مهما كانت التفسيرات فان الدراما الانثربولوجية الانسانية تعيد نفسها في كل صفحات التاريخ ومراحله , لكنها في المحيط العربي قد وجدت نفسها تواجه مفهومين مزدوجين من القداسة , التي تم تهشيمها وتحطيمها في عملية قتل الاب من ناحية , وما يمثله ذلك من استيلاء الابناء على ميراث الاب ونيل الحرية , حيث لا حرية للابناء بدون قتل الاب والتخلص من سلطته وقبضته الحديدية , وفي عملية تهشيم وازاحة جدار القداسة والقوة والمنعة الذي تتحصن به السلطة من ناحية اخرى
وقد يكون من محاسن الصدف , ان يتم اعدام الخليفة صدام حسين في يوم عيد الاضحى , حيث اعتاد العرب والمسلمون ان يضحوا بالخراف والمواشي الاخرى في هذا اليوم المقدس ,
من هنا فنحن امام حركة تكتيكية ربما قررها العقل المطلق او روح التاريخ , بان يتم استبدال التضحية بالخراف من الخراف الى الزعيم والاب والقائد والخليفة المفوض من الله
ان ظاهر الامر قد شكل صدمة لدى المسلمين السنة , وخدش مشاعرهم الدينية , لكنه من جانب اخر , كان قد حفر في اعماقهم وفي لاوعيهم حفرة عميقة , وازاح غشاوة كانت تحجب اعينهم من رؤية الواقع والحقيقة , تلك الحقيقة المتمثلة بهزالة الفكرة القائلة بعدالة القادة وشجاعتهم وولايتهم لامور الرعية
لقد انهارت هذه الفكرة تماما , عندما شاهد العرب قائدهم وخليفتهم مختبئا في حفرة مثل الجرذي , حيث تم اقتياده مثل ثور مروض وفحصه باجهزة مخصصة لفحص الحيوانات , لتهشيم جدار القداسة وتحطيم حاجز الخوف من القائد والبطل والمنقذ , وتقطيع سلاسل السلطة المتينة في يوم تاريخي مشهود لتتم فيه اعادة صناعة وتوجيه الوعي العربي برمته ,
لذلك لسنا في صدد الاستغراب مما تمتع به الثوار الليبيون من جراْة واقدام في مواجهة الاب والقائد وقتله معنويا , قبل ان يقتل جسديا , لان هؤلاء الشباب قد تعرضوا لصدمات انعشت عقولهم وشحنت ارادتهم عندما تم تفتيت حاجز القداسة والخوف من السلطة
قد تكون هذه هي ارادة الروح المطلق بتعبير هيجل ليدخل الشرق الى اعتاب التاريخ ويخوض مراحل جدله وتجياته , وليصنع وعيا جديدا عندما يتخلص من كل اسمال الماضي وعفونته ,

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي