|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
عادل الكنوني
2007 / 10 / 14
تمهيد :
سنحاول من خلال هذه الدراسة تلمس شأن بيداغوجي شغل المهتمين بميدان التدريس بالمغرب , إنها المقاربة بالكفايات والتي جاءت كحركة تصحيحية داخل بيداغوجيا الأهداف تعمل على تجاوزها و انتقادها فيما يتصل بالنزعة الإجرائية السلوكية التي أدت بالفعل التربوي إلى جعله فعلا آليا يعدم الخصوصية و التمييز و يستبعد التفكير الإبداعي و يغيب القدرات الداخلية للمتعلم. كما أن هذه المقاربة الجديدة جاءت في إطار إصلاح المنظومة التربوية.
ولأجل ذلك وفي إطار المساهمة في بناء هذا الخطاب البيداغوجي, الذي يبنبغي ان يكون مواكبا لخطاب الإصلاح قي المجال التربية و التكوين بشكل محايث يلقي الضوء على العناصر التي تحتاج إلى توضيح, فإننا خصصنا هذا الجهد للإجابة على بعض الأسئلة التي يطرحها أصحاب الشأن التربوي بخصوص:
• السياق التاريخي لظهور المقاربة بالكفايات.
• الأسس البيداغوجية لهذه المقاربة.
• الجهاز المفاهيمي.
السياق التاريخي لظهور المقاربة بالكفايات
لقد احتل المتعلم مركزالعملية التعليمية التعلمية منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود من الزمن , على مستوى الدول المصنعة و حوالي عقدين بالنسبة لبعض الدول النامية و التي من ضمنها المغرب , و كان سببا في ظهور اتجاهات تربوية مختلفة استثمرت نتائج البحوث في المجالات الفلسفية و الإبيستمولوجية
و السوسيولوجية و النفسية إلخ... و ظهرت مقاربات بيداغوجية الأهداف, التي بدأ العمل وفقها في الحقل التربوي منذ خمسينات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية وتبنتها وزارة التربية الوطنية بالمغرب, منذ أواسط ثمانينات القرن الماضي.
غير أن الحماس الذي حظيت به من طرف المربيين و الباحثين , و عدم اتخاد الإحتياطات اللازمة لتطبيقها حال دون إخضاعها لنقد موضوعي فظلت مثار سجال بين المناصرين و المعارضين و بين المنظرين و المطبقين ,انتهى بإعلان كثيرمن الدول عن تراجعها عن هذه البيداغوجية بدعوى نزعتها التجزيئية للمعرفة ولسلوكات المتعلم الذي حولته إلى مجرد آلة. « فتقلص دورها في بعض الدول)كفرنسا( ليصبح منحصرا في التقويم.
) 1 (.
و لم يكن المغرب ليحيد عن هذا التوجه العام الذي سارت عليه بعض الدول التي كانت قد تبنت من قبل بيداغوجيا الأهداف , وتراجعت عنها, منذ أواسط الثمانينات و بداية التسعينات من القرن الماضي( فرنسا, بلجيكا, كندا ) , بحيث تبنت مقاربة جديدة والمتمثلة في بيداغوجية الكفايات.
فماهي العوامل التي ساعدت على ظهورهذه البيداعوجيا وطنيا و دوليا؟
أ_على الصعيد الوطني:
بالرجوع إلى التاريخ لم نجد حديثا عن البيداغوجيا في الثمانينات من القرن الماضي باستثناء تلك التي همت طرق تحليل الدرس من خلال بعض التوجيهات المقتضبة , هذا يعني أنه لم يكن هناك وعي بيداغوجي لدى المدرسين إذ ظهر إبان الشروع في تطبيق المقاربة بالاهداف التي جاء بها اولا مجموعة من الاساتذة بالمدرسة العليا للاساتذة بالرباط ( الدريج , الأشهب..), و من ثمة كانت ضرورة البحث التربوي بمساعدة الوزارة لهؤلاء الباحثين الذين شكلوا بعثة علمية إلى الدول الاوربية و الامريكية ( كندا بلجيكا) قصد إيجاد بيداغوجيا يتم إعتمادها بالمغرب, فتبلورت بيداغوجيا الأهداف و تم اعتمادها رسميا. ثم صدرت كتب تنظر لهذا التوجه التربوي الجديد.
واستمر الوعي البيداغوجي مع ظهور المقاربة بالكفايات, حيث عملت على تجاوز ثغرات بيداغوجيا الأهداف و أصبحت بذلك البديل البيداغوجي لهذه الأخيرة. عقب تشكيل لجنة للإعداد للميثاق الوطني في افق إصلاح التربية
والتكوين, فكانت هناك مجموعة من الزيارات إلى بعض الدول ( كندا, بلجيكا...) فاكتشفت نظام الكفايات فصيغ الميثاق الوطني للتربية والتكوين كتصور إصلاحي عام ينطلق من جعل المتعلم في صلب الإهتمام و التفكير خلال العملية التربوية التكوينية.هكذا تم تبني بيداغوجيا الكفايات و تم تغيير محتوى الكتب المدرسية
والمناهج استجابة لهذه المقاربة.
إن اعتماد مدخل الكفايات كاختيار لتوجه تربوي يعتبر :
• قطيعة مع النظرة السابقة التي كانت تحصر التعلم في جانبيه اللغوي
والرياضي.
• مساهمة في تكوين شخصية مستقلة و متوازنة و منفتحة للمتعلم المغربي.
• إعدادا للمتعلم المغربي لإستيعاب انتاجات الفكر الإنساني.
• إستنادا على مبدأ التوازن بين مختلف انواع المعارف و أساليب التعبير.
• إعتمادا على التنسيق و التكامل لتجاوز سلبيات التراكم الكمي للمعارف.
• تريسخا حقيقيا للقيم الأخلاقية , وقيم المواطنة و حقوق الإنسان.
• تعبيرا عن العلاقة التفاعلية بين المدرسة و المجتمع , باعتبار المدرسة محركا أساسيا للتقدم الإجتماعي.
• عاملا أساسيا لتلبية حاجيات المقاولات من الكفايات و تأهيلا للمتعلم للإندماج في سوق الشغل.
ب_ على الصعيد الدولي:
لم تكن فقط العوامل الداخلية وحدها مسؤولة عن ظهور بيداغوجيا الكفايات بالمغرب , و إنما كانت أيضا نتيجة تظافر مجموعة من العوامل الخارجية تلخص كالآتي:
• ضرورة إصلاح فعلي و حقيقي في مجال التربية و التعليم يتماشى و عالم الشغل, من أجل التخفيف من عبإ الثقل المالي الذي يثقل حسابات الدولة. و لعل ذلك تم بتوجيهات من بعض المؤسسات المالية كصندوق النقد الدولي.
• تطور العلوم الإنسانية: كان للتطور العلمي الهام الذي شهده علم النفس
وعلم إجتماع الأثر الكبير في ظهور المقاربة بالكفايات من خلال تبني علم
النفس الفارقي, نظرية التعلم البنائية, و نظرية الذكاءات المتعددة.
• الدعم المالي الذي تقدمه مجموعة من الهيآت الدولية كالإتحاد الأوربي والوكالة الدولية الفرنكوفونية ,و المنظمة العلامية للطفولة للدول التي تبنت بيداغوجيا الكفايات.
المقاربة بالكفايات... تجاوزا للمقاربة بالأهداف:
في إطار إنتقاد بيداغوجيا الأهداف و إبراز عيوبها, توجهت المقاربة بالكفايات إلى إبرازمجموعة من نقاط ضعف بيداغوجيا الاهداف أهمها:
• المنطلق السلوكي و الآلي بسعيه إلى الوصول إلى أعلى مستوى من الأجرأة.
• كثرة الأهداف الإجرائية التي تفقد العمل التربوي معناه و تؤدي إلى التشتت والإنحلال بدل الإندماج.
• اعتمادها على قانون ( مثير / استجابة) الذي يجعل من المتعلم مجرد آلة يكتفي برد الفعل و لا يعطي الأهمية للإبداع و للمكتسبات العقلية.
• التركيز أكثر على المعارف و المحتوى و همل الجانب الوجداني و النفسي و المهاري.
• المبالغة في التقويم مما يقلل من فاعلية التقويم الحقيقي للتلميذ و اكتسابه لقدرات عقلية لتركيزه على تعلمات جزئية محدودة تأكد ضغط هاجس ضبط القياس و التقويم.
• إهمالها لروح النقد عند التلميذ و لمكتسباته الداخلية مما يجعله مستقبلا سلبيا ينحصر فكره في حدود ما يقدم له.
• الجمود و الشكلية في العملية التعليمية التعلمية نتيجة لتركيز بيداغوجية الأهداف على المقاربة السلوكية مما يجعل هذه البيداغوجيا مجرد فعل اصطناعي.
• ضعف الإرتباط بين الأهداف الإجرائية و المرامي و الغايات.
• اتساع الهوة بين المدرسة و المجتمع ساهمت في ولادة بيداغوجية جديدة تجاوزت بيداغوجيا الأهداف, و بذلك رسمت أفقا جديدا للعملية التعليمية التعلمية بالمغرب.
فما هي الاسس البيداغوجبة ,الفلسفية, السيكولوجية, و السوسيولوجية التي تأسست عليها المقاربة بالكفايات؟ و ما هو الخيط الناظم للعلاقة بين الكفايات
والتكوين المهني؟
التكوين المهني:
لقد جاءت مقتصيات ميثاق التربية و التكوين لتعمل على ربط المؤسسة التعليمية بمحيطها الإقتصادي. بمعنى جعل تكوين المتعلم يتماشى و حاجيات سوق الشغل للحد من البطالة و التقليل منهل في صفوف المتعلمين على الخصوص, وفي هذا الإطار يندرج التكوين المهني باعتباره عاملا أساسيا « في تلبية حاجيات المقاولات من الكفايات و مواكبتها في سياق عولمة الإقتصاد و انفتاح الحدود» (2), من ثمة تأهيل المقاولة للتطورات المختلفة على مستوى أنماط الإنتاج السائدة والجديدة. و يندرج كل هذا في إطار انفتاح المؤسسة على محيطها الخارجي,وتماشيا مع المقتضيات التي ينص عليها الإصلاح التربوي, و من هنا نتفهم تبني المشرع المغربي لبيداغوجيا الكفايات باعتبارها تركز على اكتساب الكفايات والقدرات والمهارات أكثر من تركيزها على الجانب المعرفي أثناء العملية التعليمية التعلمية,ومن هنا ربط التربية بالتكوين.
و بعودتنا إلى نصوص ميثاق التربية و التكوين نجده يوجه المتعلمين للتكوين المهني للحصول على يد عاملة مأهلة و أخرى متخصصة و ذلك من خلال توجيه المتعلم انطلاقا من نهاية السلك الإعدادي.
الأسس الفلسفية,البيداغوجية,السيكولوجية للمقاربة بالكفايات
/I الأسس الفلسفية:
إذا كانت بيداغوجيا الأهداف تنبني على الفلسفة البراغماتية فإن بيداغوجيا الكفايات تتأسس على الفلسفة البنيوية و التي تعتبر المعرفة الإنسانية بناء وإعادة بناء, ذلك أن كل مرحلة لاحقة ماهي إلا تجاوز لمرحلة سابقة و في نفس الوقت تنبني عليها , كما تعتبرأن معرفة الفرد تمر عبر مراحل محددة و لا تكتمل أبدا, فهي دائما في صيرورة متواصلة.
II /الأسس البيداغوجية:
تتأسس المقاربة بالكفايات على مجموعة من الاسس البيداغوجيا التي ساهمت بطريقة فعالة في بروزها, حيث كان للتطور المهم الذي عرفته البيداغوجيا منذ النصف الثاني من القرن الماضي الدور الحاسم في انبثاق هذه المقاربة الجديدة, ومن جملة هذه المرتكزات البيداغوجية نجد:
● بيداغوجيا حل المشكلة:
يقصد بها وضعية تتضمن صعوبات لا يملك المتعلم حلولا جاهزة لها, كما انها عبارة عن وضعية يواجهها المتعلم , و حالة يشعر فيها أنه أمام مشكل محير لا يملك تصورا بصدده و يجهل الإجابة عنه مما يحفزه على البحث من خلال عمليات معينة للتوصل إلى حل المشكل, إنها : موقف محير يتضمن هدفا صعب التحقيق و يخلق دافعية داخلية عند المتعلم.
●بيدغوجيا المشروع:
هي أداة ناجعة للمرور المرن في المعارف و المهارات و المواقف بكيفيات تسمح للمتعلم بالمشاركة في بناء مساره التعليمي التعلمي دون ضغط أو إكراه, مع التمكن من التحكم في الوقت( المتعلم) الدراسي.إنها تعمل على منح معنى لتعلمات الأطفال و جعلهم مسؤولين على تحقيق مطالبهم و مكانتهم داخل المجتمع, وهي تقوم( بيداغوجيا المشروع) على أساس مجموعة من الوظائف يمكن تلخيصها في خمسة وظائف و هي كالآتي:
1. وظيفة التحضير: انخراط التلميذ في الانشطة المقترحة.
2. وظيفة ديداكتيكية: موقف التلميذ إزاء الكفايات المستهدفة.
3. „ „ اقتصادية : انتاج المشروع.
4. „ „ اجتماعية : علاقات التفاعل الناتجة عن هذا المشروع.
5. „ „ ثقافية : الحصيلة الثقافية الناتجة عن المشروع.
●البيداغوجيا الفارقية:
هي مقاربة تربوية تكون فيها الانشطة التعليمية مبنية على أساس الفروق الفردية,إنها بيداغوجية تشكل إطارا تربويا قابلا للتغيير حسب خصوصيات المتعلمين, و تهدف هذه البيداغوجية إلى تطوير قدرات و مهارات المتعلمين
وتقوية دافعيتهم, و تحسين العلاقة بين المتعلم و المدرس , و تنمية روح المبادرة و الإبداع و تحمل المسؤولية.
●البيداغوجية التعاونية:
تقوم هذه البيداعوجيا على وضع التلميذ في علاقة مع الرفاق تشحد همته بغية توظيف قدراته في القيام بالأعمال التي تطالب المدرسة و مؤسسات التعليم بانجازها, وتهدف هذه البيداغوجيا إلى السعي لتحصيل أهداف موحدة للتعلم
و للقيام بمهام تربوية متكاملة. إنها طريقة من طرق العمل الجماعي تهدف إلى الوصول إلى أهداف مشتركة عن طريق توزيع المهام و الأدوار بين أفرادها , بحيث تصبح المجهودات الفردية تصب في اتجاه مشترك, بحيث تتلاشى الدغمائية, فهي تمزج بين العمل الجماعي في ,إطار التعاون والعمل الفردي في إطار توزيع المهام.
●بيداغوجيا التعاقد:
تعني الإقبال الواعي للتلميذ على فعل التعلم و الحضور الطوعي فزيائيا و ذهنيا لأن التعلم يدخل ضمن اهتماماته الذاتية و الموضوعية . إنه إحساس بالمسؤولية الشخصية و المهنية و محاولات مضنية لفهم العالم حوله وهنا يجعل التعاقد من التلميذ كائنا موثوقا به , يقوي جاهزيته و يشحد همته و يقوي شخصيته.
●التدريس بالمجزوءات:
هي أدة من أدوات الإشتغال البيداغوجي, تتكون من عناصر متفاعلة وتشكل وحدة متكاملة فيما بينها وتروم تحقيق أهدف معينة باعتماد وسائل و طرق مصرح بها و ليست ضمنية . فهي تحتوي على مجموعة من التعليمات التي تتيح للمتعلم إمكانية التعلم الذاتي و يعرفها ‹ روجرز› « طريقة لتنظيم جزء من التعليم الإجباري في مستوى التعليم الثانوي و تتمتل في توزيع التلاميذ على مجموعات حسب الحاجيات ».
III / الاسس السيكولوجية:
لقد كان للتطور الهائل الذي شهده علم النفس في العقود الأخيرة الأثر الفعال في تغير النظر تجاه الفرد( التلميذ) خاصة , و تجاه تغير السلوك الإنساني بشكل عام, و ظهرت في هذا الإطار مجموعة من المدارس السيكولوجية التي حاولت تجاوز النظرة الآلية للسلوك الإنساني للمدرسة السلوكية, ومن جملة هذه المدارس نجد:
●السيكولوجية التكوينية:
لقد ظهرهذا الإتجاه في منتصف القرن العشرين كرد فعل نظرة السلوكيين المتطرفة للسلوك البشري, حيث سيعمل على إعادة الإعتبار للحياة العقلية إذ أصبح بالإمكان دراسة العمليات العقلية بطريقة علمية و موضوعية , فالسلوك الإنساني ليس مجرد استجابة لمثير معين , و إنما يستخدم الفرد قي إطار تفاعله مع الآخر قدرات عقلية. و من أهم السمات الأساسية لهذه المدرسة الإهتمام بعملية استقبال المعلومات و تخزينها و الإستفادة منها , و رفض التفسير الآلي للسلوك الإنساني ثم التركيز على العمليات العقلية.
●السيكولوجية الذهنية:
تهتم هذه المدرسة بدراسة الذكاء الإنساني , حيث إحتل هذا المفهوم مكانا أساسيا كأحد المفاهيم الأساسية في علم النفس. و في السنوات الأخيرة ظهرت عدة دراسات و نظريات سيكولوجية تهتم بالذكاء الإنساني فأصبحنا نتحدث عن ذكاءات متعددة بدل المفهوم الكلي للذكاء. و بما أن المتعلمين يختلفون حسب درجة الذكاء فإن المقاربة بالكفايات اعتمدت عليها في إطار تأسيس مبادئها, باعتبار الذكاء ملكة تمكن المتعلم من حل المشكلات التي تصادفه.
IV الأسس السوسيولوجية:
تركز على فكرة أساسية مفادها ضرورة ربط التلميذ بمحيطه الإجتماعي باعتباره عنصرا فاعلا فيه متأثرا به خصوصا إذا علمنا أن هذا المجتمع يلخص علاقات و أشخاص و مؤسسات و استراتيجيات و أهداف و رهانات و تحولات
ومعاني و قيم تؤثر علىالجانب المعرفي التكويني للمتعلم و تهدف إلى تعميق علاقات الفرد بالمجتمع و تحمل مسؤولياته تجاه الوضع الإجتماعي.
مفهوم الكفاية:
تعريف الكفاية: لدوكتيل و روجيرز
« الكفاية هي امكانية تعبئة الشخص, بكيفية باطنية, لمجموعة مندمجة من الموارد بهدف حل صنف من الوضعيات-المشكلة»
La compétence est la possibilité, pour l individu, de mobiliser de maniére intériorisée un ensemble intégré de ressources en vue de résoudre une famille de situation –probléme.
و لتوضيح هذا التعريف لمفهوم الكفاية, سوف نتوقف عند أهم المفاهيم التي يستند عليها في هذا التحديد , وهي كما يلي:
1. امكانية: تعني أن الكفاية توجد عند شخص كطاقة تم اكتسابها عبر وضعيات معينة, و بإمكانه إبرازها عند الحاجة, و لا تعني فقط ممارستها و تطبيقها في وضعية محددة, إلا وستصبح أداءا أو إنجازا مثلا كفاية السياقة ملازمة لصاحبها حيثما كان.
2. بكيفية باطنية : تحيل هذه العبارة على خاصية استقرارالكفاية , و هذا لا يعني بأن الكفاية لا تتطور , و خصوصا مع الممارسة, إذ بقدر ما يمارس الشخص بقدر ما تترسخ كفاءته و العكس صحيح. أيضا فقد يفقد الشخص كفاءته إذا ما توقف طويلا عن الممارسة.
3. حل صنف من الوضعيات المشكلة : لا تتحدد الكفاية فقط من جهة الموارد التي ينبغي تعبئتها , ولكن كذلك من جهة فئة أو صنف الوضعيات التي يمكن مواجهتها فالكفاية هي: الإستطاعة على مواجهة أي وضعية تنتمي إلى صنف معين من الوضعيات, له توابث معينة و قواسم مشتركة, و إذا خرجنا عن ذلك الصنف من الوضعيات, فإننا سندخل في كفايةأخرى مثلا : سياقة السيارة عن طريق السيار: كفاية رقم 1 . أم سياقة السيارة في المدينة : في كفاية رقم 2 .
4. الموارد: فهي إما: مجموعة من المعارف و نتحدث عن المجال المعرفي
أو مجموعة من المهارات و نتحدث عن المجال الحسي- الحركي أومجموعة من المواقف و الإتجاهات و نتحدث أخيرا عن المجال الوجداني.
5. مندمجة: الإدماج هو العملية التي بواسطتها تصبح مجموعة من العناصر التي كانت متفرقة و معزولة متعالقة و مترابطة ببعضها البعض يفرض خدمة هدف معين.
خصائص الكفاية:
للكفاية عدة خصائص:
1 تعبئة و حشد مجموعة من الموارد: Mobilisation de ressources
من بين الموارد التي تستدعيها الكفاية : المعلومات و المعارف المتحصلة من التجارب الشخصية , طرق التفكير, آليات التفكير, القدرات, المهارات المختلفة الاصناف , طرق التصرف..., و تشكل هذه الموارد في أغلب الأحيان مجموعة مندمجة يصعب في الغالب جرد كل مكوناتها أثناء اشتغال الكفاية.
2/ خاصية الإدماج : Intégration
مقابل خاصية تجزيء المعارف و المهارات التي تميز بيداغوجيا الأهداف, تسعى هذه المقاربة إلى إدماج المعارف و المهارات و المواقف لتشكل واقعا منسجما و مندمجا, فهناك الجانب المعرفي الذهني و هناك الجانب السوسيو- وجداني و هناك الجانب الحسي – الحركي.
3/ خاصية الغائية : Finalité
إذ ما يشحده التلميذ من موارد متنوعة يكون قصد القيام بنشاط او بحل مشكل مطروح في ممارسته المدرسية أو في حياته اليومية, و في كل الحالات فإن الكفاية تكون غائية و قصدية و تستجيب لوظيفة إجتماعية.
4/ خاصية الربط بين عائلة الوضعيات:
لتنمية كفاية معينة, يتم حصرالوضعيات التي يمارس فيها التلميذ الكفاية, فهذه الوضعيات تسمى بعائلة الوضعيات, فهي إذا مجموعة من الوضعيات ترتبط بكفاية واحدة و لها مجموعة من الخصائص مثلا: توفرها على نفس الدرجة من الصعوبة تناسبها و معالجتها لمشكلات مرتبطة بالمادة المعرفية....
5 / خاصية التحويل: Transfert
إنها القدرة على معالجة صنف واسع من الوضعيات تتداخل فيها عدة مواد بشكل يشابه الواقع المعيش المتميز بطابعه المركب . و بالتالي يسهل على التلميذ تحويل ما تعلمه و تدرب عليه في المدرسة, إلى التطبيق الفعلي و العملي للحياة اليومية.
6 / خاصية التركيب: Complecité
في سلم تدرج تصاعدي لمستوى التعقيد, تأتي الكفايات في قمة الهرم مقابل أهداف التعلم ذات مستوى تعقيد أقل و التي يتوجه إليها اهتمام التقويم عادة.
7 / خاصية قابلية التقويم: Evaluabilité
بخلاف القدرة التي يصعب تقويمها فإن الكفاية تتميز بقابليتها للتقويم, لأنه بالإمكان قياس نوعية النتيجة المحصل عليها.
8 / خاصية الوضوح:
هو أن لا يكون فيها لبس أو غموض, و لا تقبل التأويل و أن تعني نفس الشيء بالنسبة لجميع الأشخاص.
عناصرالكفاية:
تتطلب صياغة الكفاية مراعاة مجموعة من العناصر من أهمها ما يلي:
تحديد ما هو مطلوب من التلميذ: يعني ذلك تحديد المهمة المطلوبة من قبل التلميذ أو إجراء ينبغي تطبيقه, أو إنتاج ينبغي التوصل إليه. و يمكن القول بأن المهمة تعتبر توقعا و استباقا للمنتوج الذي نطمح إليه.
ويمكن التعبير عن المهمة حسب الحالات وفق الصيغ التالية:
1 صيغة حل مشكلة: و هي الحالة التي نطلب فيها من التلميذ إيجاد حل لمشكلة من هذا الصنف أو ذاك.
2 صيغة إبداع جديد: و هي الحالة التي يطلب فيها من التلميذ إنتاج قول أو نص أو فقرة...
3 صيغة إنجاز مهمة متداولة/ مألوفة: حين نهدف إلى إقدار التلميذ على تنفيذ مهام عملية,تنضوي ضمن الأعمال اليومية,مثلما يقع في مادة التفتح والتربية على المواطنة.
4 صيغة إقتراح عمل ما: و يتعلق الأمر باقتراح القيام بعمل مرتبط بالبيئة,
أو الصحة أو الحياة الإجتماعية و الإقتصادية.
5 صيغة اختيار جواب من بين مجموعة من الأجوبة المقترحة: و يتم اللجوء إليها حين يراد التأكد من قدرة التلميذ على مواجهة وضعية مركبة.و تتردد كثيرا هذه الصيغة في المستويات الدراسية الصغرى, حيث لا يقدر الأطفال على الإنتاج الكتابي المتماسك.
يتطلب إخبار المهمة من طرف التلميذ احترام مجموعة الشروط المرتبطة أساسا بمعالم عائلة الوضعيات المرتبطة بكفاية ما. لهذا فإن المتعلم يمكن ان ينقاد لأداء أو إنجاز مهمة محددة و لكن في ظل شروط متغيرة , و السبب في ذلك عدم دقة الكفاية هل هي جزئية أم نوعية.
-إلزام التلميذ في الكفاية: الإلزام بتعليمه للعمل أثناء صياغة الكفاية فإنه لابد من إلزام التلاميذ و ذلك لتوجيههم نحو طريق معين, و تعود الحاجة إلى هذا الإلزام , إلى كون الوضعيات المعتمدة في الفصل الدراسي هي وضعيات غيرطبيعية لا تحتاج إلى تعليمه أو إلزامه ,مادامت المهمة المطلوبة تبقى فارضة نفسها
,و يترتب عن هذه الإكراهات الملازمة للكفاية تعبئة المكتسبات لدى التلاميذ (محتويات, مناهج إلخ...) و إلزامهم بتعليمة العمل.غير أنه لابد من توفر هذه التعليمة على مجموعة من المواصفات هي : 1- أن تكون ممثلة لمجموعة من التوجيهات التي يمكن الإنطلاق منها في عمله بدون غموض, أي أن يعرف المطلوب منه و اعتمادا على أية دعامة, و بمساعدة أي أداة , و في ظل أي شروط يمكن أن ينجز, وفي أي حدود زمنية ممكنة , مثلا: تحرير موضوع انشائي باستعمال ورقة تحرير واحدة, وفي حدود عشرة أسطر خلال ساعة واحدة.2- أن تكون التعليمة (consigne) واضحة للتلميذ أثناء صياغة الكفاية , و تمارس ضغوطا على التلميذ.3- تعبئة مجموعة من المكتسبات, فهذه المكتسبات مندمجة و ليست متراصة : و الإدماج هو عملية الربط بين عناصر مختلفة بطريقة متسقة قصد تحديد هدف محدد. و هو تمش مركب يمكن من تعبئة المكتسبات أو عناصر مرتبطة بمنظومة معينة في وضعية دالة قصد إعادة هيكلة تعلمات سابقة, و تكييفها طبقا لمستلزمات مقام معين لتملك التعلم من جديد.
INTERGATTION : C’est une mbilisation conjointe de plusieur savoir et savoir-faire , pour résoudre une situation complexe
و يمكن ترجمة هذا التعريف بما يلي: ‹ التعبئة المتزامنة و المترابطة لمعارف, أداء لأجل حل وضعية مركبة ›.
إنه في إطار النظرة المنهاجية المندمجة التي نتبناها, يكون من الضروري إعادة رسم خريطة المواد الدراسية و الأقطاب و المحاور و المجزوءات بشكل يخفف من تكدس البرامج و خلق الجسور بين المواد و إحداث نوع من التوازن
وتلبية احتياجات الأفراد. إن التدرب على خلق الممرات بين المحاور و بين المكتسبات يبدأ من الربط و الإندماج , أي التعود على الربط بين المواد و تهييء لنوع من المرونة في الإنتقال من تكوين إلى آخر.
4- أن ترتبط الكفاية بعائلة من الوضعيات: إننا حين نقود تعلمات مرتبطة بكفاية ما, و تكون أمامنا تبعا لذك عائلة وضعيات ينبغي على التلميذ أن يتحكم فيها عند نهاية المطاف. فإن الأمر يستلزم عموما, عدم انتظار إتمام التعلمات المنتظمة لإدماج المعطيات المكتسبة, بل العمل على تحقيق ذلك من خلال سائر مراحل سيرورة التعلم, و يمكن القول حينها بأنها و ضعيات مرتبطة بدرجة من درجات الكفاية.
5- أن تتجسد الكفاية داخل مجموعة من الوضعيات لها معنى عند التلميذ بحيث تعبئهم: إن شرط نجاح العقد البيداغوجي بين المدرس و التلميذ هو أن تكون هذه الوضعية حالة, أي أن للوضعية معنى في نظر التلميذ, بشكل يتيح له إقامة علاقة وجدانية إيجابية معها. فهذه العلاقة هي التي تجعله يعبأ مكتسباته , و تدفعه لإنجاز المهمة المطلوبة منه.
6- الوضعية المعالجة أثناء إدماج التعلمات, لا يجب أن تصاغ في التقويم:أي عدم إعادة و تكرار نفس الوضعيات أثناء التقويم .و هذه المسألة تتطلب شرطا ضروريا هو تساوي الوضعيات في مستوى الصعوبة, و أن تهم نفس الكفاية المراد تقويمها لدى التلميذ, بهدف التأكد من قدرتهم على مواجهتها و حلها بمفردهم. و الوضعيات المتساوية عموما تتميز بكونها قابلة للتبادل مع بعضها البعض دون أن تتغير النتائج المنتظرة أثناء التقويم.
7- الكفاية تتمركز حول المهمة المطلوبة من طرف التلميذ. وليس القدرات التي يعتمد عليها لكي يِؤدي تلك المهمة.
تختلف الكفاية عن القدرة بمجموعة من السمات و الخصائص أهمها:
1- الكفاية تضيف معرفة أثناء وضعية تعلم ما , في حين أن القدرة لاتضيف شيئا.
2- الكفاية تتطلب وضعية تعلمية, أي أنها ليست فعلا مجردا. مثلا : عندما نقول أن يصوغ التلميذ إشكالا فلسفيا بين الرغبة و الحاجة , فهي كفاية. أما أن نقول : أن يصوغ التلميذ إشكالا فلسفيا , فهي قدرة. أي قدرة التلميذ على الأشكلة .
3- الكفاية قابلة للتقويم , أما القدرة فهي غير قابلة للتقويم .
4- الكفاية مرتبطة بالمنهاج الرسمي. بحيث يتم تحديدها بوضوح.
5-الكفاية هي بوصلة تهدي المدرس في خطواته سواء في تحضير الدروس,
أوفي الإنجاز. و بعد ذلك يستشف منها القدرات المعرفية و الوجدانية والمهارية.
6- الكفاية تشمل بالضرورة القدرة بمعناها المركب, أي تلك القدرة التي تتضمن قدرات تشكل رغم تنوعها و تعددها بنيات معرفية ووجدانية و مهارية مندمجة
و متكاملة. فهذه القدرات هي من طبيعة تراكمية تغتني فتغتني معها الكفايات شيئا فشيئا بمرور الوقت وباستمرار نشاط المتعلم و تعلمه, كما أنها كذلك من طبيعة وظيفية, بمعنى أنها تجعل مالكها قادرا على مواجهة مختلف المواقف و المشاكل , و بالتالي قابلا للتكييف و الإندماج مع وضعيات, بما فيها الوضعيات- المشكلة الخاصة بالتقويم. لذلك , فالكفاية تقترن بالضرورة بالأداء والتوفق في الإنجاز, الذي لا يعني العمل الآلي-الميكانيكي, بل يعني الأداء الواعي و الذي يتلون ويتنوع حسب خصوصيات التلميذ و بدرجة امتلاكه للكفايات.
7- القدرة تتطور تبعا لمحور الزمن, أما الكفاية فتتطور تبعا لمحور الوضعيات.
8- القدرة نامية و متطورة باستمرار, أما الكفاية فهي تتوقف في وقت محدد.
9- القدرة في علاقة مع مجموعة لا متناهية من المضامين, أما الكفاية فهي في علاقة مع فئة محددة من الوضعيات.
10- القدرة نشاط يمكن أن يتحقق دونما غاية, أما الكفاية فهي نشاط له غاية, يندرج في إطار مهمته, تقوم بتعبئة مجموعة مندمجة من الموارد
لابد من التمييز بين هذين المفهومين , حيث يمكن أن نبرز خصوصية كل منهما فيما يلي:
1- الهدف يعطي معنى جزئي و محدود للتعلم, في حين أن الكفاية تعطي معنى أشمل و أعم للتعلم.
2- الهدف يتم تقطيعه إلى أهداف جزئية: نوعية و إجرائية, بحيث قد تؤدي هذة العملية إلى غياب المعنى. أما الكفاية فإنها تنطلق من وضعيات محددة تذهب لتحقيق هدفها وتعطيه دلالة.
3- الهدف يهتم بالسلوك و بالإستجابة إثر مثير معين للذات دون اعتبار للظروف المحيطة أو لتلك البنيات الذهنية والداخلية للتلميذ- المتعلم.أما الكفاية فإنها تهتم بالتصرف و بمجموع مكونات الشخصية لتلميذ.
4- هناك علاقة رياضية تجمع بين الهدف و الكفاية و الوضعية و القدرة. و هي :
الكفاية = ( قدرات + محتويات ) ×وضعيات = أهداف خاصة × وضعيات
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |