الجبهة المدنية أم التطهرية السياسية والانهيار.

عبدالغفار محمد سعيد
2024 / 7 / 11

تقول الحقائق الموضوعية ان الجيش يتهاوى وسينهار قريبا، وإن لم يقبل البرهان بالمفاوضات خلال الفترة القريبة القادمة، سيري الناس خلال شهرين البلاد تتساقط في ايدي المليشيا. قبول السيدة سناء حمد بان يتفاوض حزبها المؤتمر الوطني مع المليشيا مؤشر واضح للتراجع عن شعارهم (بل بس). وحتى الان لا تعي بعض القوي المدنية حجم الكارثة، ويتبدى غياب الوعي هذا في تمنعها بحجج واهية عن الاصطفاف في جبهة واسعة من اجل إيقاف الحرب وفتح الممرات الآمنة. اعتقد ان الاصطفاف في جبهة واسعة من اجل إيقاف الحرب وفتح الممرات الامنة (بدون اي مزايدات)، هو اهم هدف وطني لهذه المرحلة الحرجة من التاريخ السوداني، ذلك انه من اجل استعادة مسار الثورة لابد من ايقاف الحرب وعودة النازحين واطعام الجائعين، التهاون او التماطل باي حجة كانت عن هذا الهدف، يجعل من يقف متفرجا مسئولا امام الاجيال القادمة والتاريخ عن التفريط في وجود البلاد و وحدتها وسلامة أراضيها.
إن الوقوف بعيدا عن العمل السياسي الجبهوي خوفا من ارتكاب الأخطاء، موقف غير عقلاني وغير منطقي، ففي الحياة عموما والسياسية خصوصا تخوض القوي المختلفة تجارب النضال من اجل إنقاذ الوطن وترتكب الاخطاء وتتعلم منها وتنتقد اخطائها و تعمل علي تجويد ادائها. لكن يبدو ان هناك بعض القوي السودانية و التي تتمتع بتاريخ نضالي مشرف منذ ان شاركت في مقاومة الاستعمار و المساهمة تاريخيا في النضال الوطني وقدمت الكثير من التضحيات من اجل السودان ، و ساهمت في إعلاء شأن المثاقفة الوطنية وساهمت في تطوير الأدب السياسي السوداني ، الان ويا للعجب تبدو كأنها قررت اعتناق مذهب التطهرية السياسي.
يبدوا ذلك من موقفهم الحالي فهم و تمسكا بذرائع غير مقنعة (يقفون متفرجين علي الاحداث الخطرة التي تجري في البلد وبذلك لا يرتكبون الأخطاء لانهم ببساطة لا يفعلون شيئا). .
ان التطهيرية في السياسة موقف خاطئ جدا وغير منتج، بل يسئ للقوي التي تتخذه كموقف من ما يجري في البلاد، ذلك ان البلاد تنهار سريعا نتاج الهزائم التي تلحقها مليشيا الدعم السريع بالجيش المختطف من قبل الكيزان، وعند دخول مليشيا الدعم السريع لاي مدينة او قرية تقوم قواتها باستباحة المكان و اذلال المواطنين ونهبهم وتهجيرهم قسرا ،وقريبا ستصير معظم أقاليم البلاد ، حضرها وريفها مناطق منزوعة من سكانها حيث ينحصر المواطنين في مناطق محددة يعانون في الحصول علي المسكن والمأكل ، وإن لم تتوحد القوي المدنية السودانية حول هدف ايقاف الحرب وفتح الممرات الآمنة من الان ، وتضغط علي المجتمع الدولي حتي يساهم في ايقاف الحرب ، فسينهار الوضع تماما و تدخل البلاد في الفوضى العارمة عندها لن يستطيع احد التحدث عن ايقاف الحرب ، عندها لن يكون للقوي المدنية اي تأثير علي ما يجري في الارض، لذلك وقبل فوات الأوان يجب علي كل القوي تأجيل كل خلافاتها و الالتفاف حول شعار ايقاف الحرب بأسرع ما يمكن ودون شروط مسبقة .
——————
التطهيرية السياسية : تتمثل في الهرب من العمل السياسي الجمعي ( الجبهوى)، خوفا من ارتكاب الاخطاء او عجزا عن امتلاك رؤية حقيقية حول ما يجري في البلاد وكيفية معالجته و التمحور حول مواقف مثاليةٍ تساوي بين كل الأطراف في الساحة بادعاء ان الجميع مذنبون ، لذلك الطاهر الوحيد هو من ابتعد عن المشهد، واكتفى بانتقاده بحكمة، مع الإحالة إلى كيان غامض اسمه "الشعب"، يتم التعامل معه كأنه قيمة نظرية مجردة، كأن الشعب مستقر وليس نازح ، منتظم في أعماله وليس مشرد و مطارد ومطرود من بيته ومكان عمله ، مزرعته مدينته وقريته يبحث عن ماوي و لقمة خبز ، كان هذا الشعب يستطيع الانتظار حتي تجمع هذه القوي اطرافها وتعمل علي تنظيمه وتحريكه.

حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت