|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
أحمد فاروق عباس
2024 / 6 / 3
حضرت اليوم - الأحد ٢ يونيو - لقاء مع عمرو موسي وزير الخارجية وأمين عام الجامعة العربية الأسبق ..
كان اللقاء الساعة ١١ صباحا في معهد التخطيط القومي بشارع صلاح سالم ، حيث الحد الفاصل بين مدينة نصر ومصر الجديدة ..
كان الحضور قليلا ، واغلبه من رجال وسيدات الاقتصاد في مصر في جانبه الأكاديمي ، وليس في جانب الممارسة ، وذلك بحكم مكان اللقاء ..
ومعهد التخطيط القومي هو أحد أهم وأرقي بيوت الخبرة في مجال الاقتصاد في مصر ..
كان اللقاء يضم نجوم العمل الاقتصادي الاكاديمي ، وجزء لا يستهان منهم تولي مناصب تنفيذية .. وزراء او عمداء كليات بالاضافة الي محافظ البنك المركزي الأسبق ، وبعض الصحفيين .. اثنين او ثلاثة ، عرفت منهم الاستاذ مصباح قطب المحرر الاقتصادي الشهير في صحيفة الاهالي قديما ، وفي المصري اليوم او الشروق الآن ..
تحدث الوزير عمرو موسي لمدة ساعة كاملة .. وكان الكلام اغلبه مكررا ، عن الوضع الدولي والاقليمي ، وتحدث بصورة سريعة عن الوضع المحلي ..
لم تفارق نجم الدبلوماسية العجوز دبلوماسيته ولباقته المعروفة ، وحاول - كعادته - ان يرضي جميع الاطراف .. المؤيد والمعارض .. اليمين واليسار ..
كان لدي احساس لم يفارقني ان حلم الوصول الي منصب رئيس الحمهورية لم يفارق مخيلة عمرو موسي حتي هذه اللحظة .. وجزء كبير من كلامه لا يمكن فهمه او رده الي بواعثه الحقيقية بدون وضع هذه الحقيقة في الاعتبار ..
كان جزءا من كلامه مما يطلق عليه بالكلام الشعبوي ، وان اضفي عليه عمرو موسي هالة من فصاحته ، لم تنزل به الي مستوي السياسيين الشعبيين ..
لمست في كلامه شبه غزل مع تيار الاسلام السياسي سواء المحلي او الاقليمي ..
وفي النهاية لم يقنعني عمرو موسي كسياسي واضح وصريح ، او كرجل له مشروع ..
واعترف - ربما لأول مرة - انني احيانا كنت اعتقد انه في حالة غياب الرئيس السيسي عن الساحة السياسية لأي سبب فقد كنت أري في عمرو موسي بديلا معقولا .. رجلا مجربا ، ابنا من ابناء الدولة المصرية ، وعارف وخبير بدروبها ، وهو رجل مدني .. مادامت الموضة الأن الكلام عن الحكم المدني ..
وهو بالتالي - ربما - يكون اهون الشرور ..
واعجابي بعمرو موسي قديم ، ويرجع الي التسعينات من القرن العشرين ، عندما كان كلامه الجرئ وتصريحاته البليغة تحصد له أعجاب الشارع المصري والعربي ..
وعندما تولي منصب امين الحامعة العربية عام ٢٠٠١ فقد جزء كبيرا من بريقه ، وان ظلت له لمسته التي رفعته درجة - او درجات - عمن كان قبله او جاء بعده من وزراء الخارجية او الامناء العامين للجامعة العربية ..
لم يعجبني أداءه اثناء انتخابات الرئاسة عام ٢٠١٢ ، واخذت عليه هحومه غير المفهوم علي الرئيس مبارك ، وقد كان احد اركان حكمه ، ووجدت فيه شيئا من الانتهازية لا تليق به ، او بنجم السياسة الخارجية المصرية في شبابنا الأول ..
كذلك لم يكن في أحسن أحواله في المناظرة السياسية الشهيرة بينه وبين د عبد المنعم أبو الفتوح وقتها ، وكان مدافعا واعتذاريا في جزء منها وغير مقنع في الجزء الثاني ..
وبرغم ذلك فقد اعطيته صوتي - انا وزوجتي - في المرحلة الأولي من انتخابات الرئاسة عام ٢٠١٢ ، وقد كانت النية - بتأثير الجو السياسي العام وقتها - ان نعطي صوتينا لحمدين صباحي ، ولكن تغلب العقل علي الجموح ، وتغلبت الخبرة علي الشباب ..
وخلال سنة الاخوان كان تلهف الرجل علي وجوده في قلب الحياة السياسبة تجعله يضع نفسه في غير موضعها ، وتقارب وقتها مع شخصيات اقل كثيرا من قامته مثل أيمن نور ، وحتي عندما انضم الي جبهة الانقاذ كان حضوره باهتا وليس فيه اشعاع السياسي القديم ، وتفوق عليه - حضورا واشعاعا - رجل مثل محمد البرادعي ..
وكانت الضربة القاضية - علي الاقل بالنسبة لي - هي ظهور اسمه في تسريبات هيلاري كلينتون عام ٢٠١٦ او ٢٠١٧ ، وفيها بان ان الرجل مستعد للتنسيق مع أي أحد وأي قوي خارجية من أجل وصوله الي المنصب الأهم والأرفع في مصر ..
... نرجع الي لقاء اليوم ..
بعد انتهاء عمرو موسي من كلمته تُركت الفرصة للحضور لكي يسأله ، او يطرح مداخلات بما يريد قوله ..
لم أجد في نفسي حافزا للكلام .. فماذا أقول .. ولأي غرض ، ففضلت الاستماع الي الأخرين وكلامهم ..
تكلم اولا د جودة عبد الخالق استاذ الاقتصاد الشهير بكلية الاقتصاد ووزير التضامن الأسبق ، وهو واحد من اقطاب اليسار في مصر ، وأحد قادة حزب التجمع ، وكانت مداخلته طويلة وغير مترابطة ..
وتكلم اخرون منهم د عالية المهدي العميد الاسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وبعدها د مني الجرف الاستاذ بنفس الكلية .. وقد اختارت كلتهاهما ان يكون موضوع غزة وحماس واسرائيل عنوان كلامهما ..
وهالني سذاجة الطرح السياسي للدكتورتين الفاضلتين ..
ولكن ما صدمني حقا هو كلام د إبراهيم العيسوي ، وهو استاذ كبير في معهد التخطيط القومي وأحد نجوم اليسار في مصر منذ الثمانينات من القرن الماضي ، وقد تحدث عما أسماه الانقلاب العسكري في يونيو ٢٠١٣ ، وعن تقزم دور مصر ، وعن تسولها المساعدات من دول الخليج وعن التفريط في تيران وصنافير ، وعن حصارها الآن لغزة ... الخ .
وسرحت لبعض الوقت في الدور الغريب الذي يلعبه بعض اطياف اليسار في مصر ، تارة كمحلل لجماعات الاسلام السياسي ، وتارة بفهمه الطفولي - الذي لا يريد ان يشب عن الطوق ابدا - لحقيقة مشكلات مصر وتحدياتها ..
احزنني كلام الرجل ، وقد كنت من معجبيه في بعض كتاباته الاقتصادية ، وخاصة كتابه المهم " الاقتصاد المصري في ثلاثين عاما " الذي اصدره عام ٢٠٠٧ ، وفيه جهد بحثي يستحق الاحترام حتي مع من يختلف مع ما فيه ...
وتكلم اخرون .. وتعددت وجهات النظر ، ولم اجد فيها ما يستلفت النظر ، وكان بعضها غريبا .. وكان محزنا ان يكون تفكير واهتمامات جزء من النخبة المصرية علي هذا النحو الذي لا يقدر اللحظة او يفهم الظروف او يستوعب التحديات ..
خرحت من قاعة معهد التخطيط - وهي في الدور السابع - الي شارع صلاح سالم بعد ساعتين من الكلام والنقاش - من الساعة ١١ الي الساعة ١ ظهرا - ولم احس انني استفدت شيئا او عرفت شيئا جديدا ...
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |