تونس: أي مستقبل للمعارضة التونسية وللإتحاد العام التونسي للشغل

بشير الحامدي
2024 / 4 / 4

ـ 1 ـ
المعارضة التقليدية "يمينية ويسارية"وخلينا نقولو القديمة في طريقها كلها للموت بل يمكن القول أنها في الرمق الأخير أو ماتت خلاص أكلها الإستبدال أكلا لماّ. بقي أن المسار مازال قائما "لابد من التفريق بين المسار والقائمين به أو عليه أو المتكلمين باسمه أو المنقلبين عليه فكلهم سيان ماتو أو في طريقهم للموت". ونتيجة لذلك مفروض على من بقي أن يعي ذلك أولا وثانيا أن يدعو إلى سياسات راديكالية وينسى ولو مؤقتا الحديث عن الثورة ويتحدث عن التغيير الجذري بسياسات راديكاية ويكوّن لأجل ذلك الأدوات التي تصله بالمعنيين بهذه السياسات. بهذا وحده يمكن أن يبقى الأمل قائما الأمل في زوال كل المنقلبن طبعا كل واحد سيزول بطريقة ليفسح المجال للحدث الكبير استئناف المسار...
سيتطلب ذلك طرق كثير من الحديد وتخليصه من العوالق ولكن المهمة تبدو ممكنة. نحن في حاجة لـ"كفاية" جديدة سياساتها راديكالية ومطلبها الوحيد التغيير الجذري وكنس العوالق والمستبدلين ولكن ذلك أعتقد أنه لم يعد في عهدة من تربى على الببغاوية والتسلق و الاستبدال وقال فلان وقال علان...
ـ 2 ـ
الاتحاد العام التونسي للشغل لن ينجو من الموت القادم هو أيضا برغم رهانات قياداته البيروقراطية على تاريخه وبرغم رهانات النخب اليسارية على تقدميته لأنه لم يكن غير جسم استمد استمراره من دوره التعديلي لقمع الدولة والقمع هنا مصطلح ينطبق على كل المستويات القمع المكشوف والقمع الخفي كالقمع الاقتصادي والمعاشي. القمع اليوم بل لنقل منذ عقدين على الأقل لم يعد في حاجة لواسطة تعديلية مثل النقابة… فالنقابات قد أمضت على موتها من يوم أمضت على أنها نقابات مشاركة وساهمة…
سنة 2010 – 2011 منحت النقابيين وهنا أؤكد على كلمة النقابيين وليس النقابيين البيروقراطيين فرصة نقل المعركة ضد الديكتاتورية وضد نظام الاستغلال إلى ساحة محمد علي إلا أنهم عجزوا عن ذلك وعجزهم ليس عجزا موضوعيا لأنه كان بمقدورهم قلب الطاولة على الجميع بما في ذلك الجيش والبوليس لأن المبادرة وقتها كانت بيدهم بل هو عجر يعود لقصر نظر ولنقل لثقة في غير محلها في النظام وفي بعض مؤسساته وشخوصه وفي قيادات المنظمة البيروقراطيين.
ذلك العجر مكن البيروقراطية أن تظهر رأسها من جديد وتهيمن على المشهد النقابي برمته سنة 2011 وهو ما قوّى لديها الشعور بأنها تحكم وبأن لها أدوار يجب أن تلعبها بعد 17 ديسمبر الشيء الذي جعلهم ينخرطون في حكومة الغنوشي الأولى والثانية…
بفشل حكومتي الغنوشي وبتغير الأوضاع لصالح حركة النهضة سواء في لجنة بن عاشور أو في ما بعد أثناء الفترة الانتقالية التي أسند فيها الحكم للباجي قايد السبسي ظلت البيروقراطية النقابية متمسكة بأوهام شعاراتها القديمة: الشراكة في الحكم والدور السياسي الذي يجب أن يلعبه الاتحاد وهي في الحقيقة أطروحات بورقيبة خالصة ويكفي أن نعود لما كان يطلق عليه بورقيبة وقتها المنظمات الوطنية حتى نفهم.
مع انقلاب الاستبدال في 25 جويلية ظلت البيروقراطية النقابية على نفس مواقفها تعتبر أن لها دورا سياسيا يجب ن تلعبه وأنها شريكة في الحكم وليس هناك من مهرب للحاكم الجديد من اللجوء إليها لكن جرت رياح الحاكم بما لم تشتهيه بيروقراطية الاتحاد فقد سلك معها الحكم الفردي لقيس سعيد سياسة تجفيف المنابع " القتل عرق عرق" في انتظار ساعة الاجهاز النهائي على أخو التجمع.
بيروقراطيو الاتحاد واقفون اليوم عند ويل للمصلين فلاهم قادرون على المعارضة الصريحة لحكم قيس سعيد ولا بمستطاعهم التحول إلى جسم يسبح باسم الحكم… هكذا هي بدايات النهاية وفي كل التاريخ … بداية النهاية هي أن تكون موجودا ولكنك في الحقيقة غير موجود، كبير في خيالك ولكنك صغير صغير في الواقع عملاق تتصور أنك تخيف ولكنك عمليا قزم مجرد من كل أسلحته لا تخيف حتى الجرادة.
النقابيون الجذريون هم أيضا أصابتهم اللعنات فهم أيضا واقفون على لا شيء منقسمون متنازعون ينتظرون مواقف أحزابهم التي لا تأتي عاجزون بالتمام والكمال عن إعلان حتى عن استقلالية قطاعاتهم عن المكتب المركزي عاجزون حتى عن تحويل المؤتمرات النقابية إلى مؤتمرات غير صورية أو متكتلون في تجمعات لا تسمن ولا تغني من جوع وعديدة هي هناتها التي تجعل منها مسخا أكثر من أن تكون أشكالا للمقاومة النقابية.
وأنهي هذه الشذرة بدعوتكم لمراجعة تاريخ الحركة النقابية الإيطالية وسيرة الدوتشي معها لنعلم أن التاريخ سيعيد نفسه ولكن في شكل مسخرة ومهزلة فلا النقابة نقابة ولا الدوتشي دوتشي.

03 أفريل 2024

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي