|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
علي المسعود
2023 / 6 / 1
السجن فضاء تنعدم فيها الرحمة والمعاملة الأنسانية ، السجناء ربما سياسين ومناضلين ومعارضين وربما المجرمين المطرودين من قبل المجتمع . يقول بطل رواية دستويفسكي (ذكرياتٌ من منزلِ الأموات ) : "السجن هو مساحة صغيرة جدا لا تؤوي الأحلام الكبيرة للسجناء فحسب ، بل تنطوي أيضا على حركات كبيرة في البحث عن الحرية". والسجون هي موضوعة مركزية لها حضور قوي في تاريخ السينما في سرد قصص هذا االحيز الضيق . بداية أفلام سينما السجون بدخول البطل إلى السجن والنظرات والتساؤلات المريبة ممن قُذف به إلى هذه العوالم السفلى . طرحت سينما السجون في مفهومها (خاصة في سينما أمريكا اللاتينية أو في السينما العربية) الكثير من الإشكاليات التي تتداخل فيها الأفلام السياسية وما يصاحبها من تعرية للنظام السياسي ووحشية اساليب السلطة عند اعتقال الأبرياء أو من يدافعون عن آرائهم لإرساء الديمقراطية وحقوق الإنسان . سينما الاعتقال السياسي تستهوي هذه النوعية من السينما جمهورا عريضا من المتفرجين والتي تبقى راسخة في أذهانهم لانها تؤرخ لمرحلة من النضال السياسي بوجه الديكتاتورية وألانظمة الفاشية ، الكثير من الاعمال السينمائية تكشف نزوع السجين نحو الحرية وتتبلور فكرة خلاصه من السجن واسوارة. الكثير من الأفلام التي صورت فكرة الهروب من الزنزانة ولعل أشهرها فيلم (خلاص شاوشانك ) وفيلم ستف ماكوين (الفراشة) .
فيلم المخرج الإسباني ألبرتو رودريغيز " السجن 77" قصته تستند إلى الأحداث الحقيقية التي وقعت في إسبانيا في مرحلة الانتقال من الفاشية إلى الديمقراطية . ومع احتمال العفو عن السجناء السياسيين تبدأ مطالبة السجناء العاديون بشمولهم بقانون العفو أيضا . يتبع الفيلم موجة الأمل التي أعقبت وفاة الديكتاتور فرانكو . يغطي الفيلم تطور جمعية حقوق السجناء وأفعالهم المختلفة الذين يدعون إلى العفو عن جميع السجناء في البلاد و يحلمون بالحرية . الفيلم بطولة ميغيل هيران وخافيير غوتيريز . حصل الفيلم الإسباني على استقبال جيد للغاية في مروره عبر مهرجان سان سيباستيان الأخير الذي شارك فيه في القسم الرسمي ولكن خارج المنافسة . تدور أحداثه بعد النظام الفرانكوي (1939-1975) ، وبالتحديد في عام 1977 . على الرغم من وفاة الجنرال فرانكو في نوفمبر 1975 والسعي لإقامة ديمقراطية ، بقى النظام وممارسات لرجال الشرطة داخل السجن على حالها ولم تتغير . قدمت أول حكومة ديمقراطية منذ 40 عاما عفوا فقط عن السجناء السياسيين ، في الواقع كان العفو عن جميع السجناء الذين يعتبرون معارضين للفرانكوية ، ولكن لم يشمل السجناء العاديين ، ولذالك ولدت فكرة انشاء منظمة تعرف ب(كوبيل) وهي منظمة للدفاع عن حقوق السجناء والتي شكلها دعاة القانون من الشباب و السجناء في عام 1977 من أجل حقوقهم . في سجن برشلونة موديلو محاسب شاب مانويل (ميغيل هيران) ، يدخل إلى السجن في انتظار المحاكمة بتهمة الاختلاس مع احتمال الحكم عليه بالسجن لمدة 20 عاما. في البداية يحاول إستكشاف عما حدث داخل السجن من خلال التنديد بالأحداث العنيفة والخاطئة ، لكنه سرعان ما يشعر بالأختناق ، وكردة فعل لما شاهده في السجن انضم إلى مجموعة السجناء المطالبين بالعفو مع التمرد وأعمال الشغب اللاحقة وبعدها أصبح منسقا رئيسيا للسجناء في المطالبة بحريتهم .
في سبعينيات القرن الماضي تمكنت مجموعة من السجناء من الفرار من سجن موديلو في برشلونة ، يصور المخرج ألبرتو رودريغيز نضال السجناء العاديين من أجل حقوقهم في (موديلو 77 ) وهو الاسم الاسباني للفيلم . في أحد أيام يونيو 1978، بدأت أغطية الصرف الصحي في شارع روسيلو في برشلونة تتكشف ، ومن خلال تلك الحفرة أستطاع 45 سجيناً من الفرار من سجن برشلونة الأسطوري ( لا موديلو ) . هذا الهروب التاريخي هو الفتيل الإبداعي الذي قاد المخرج ألبرتو رودريغيز في تنفيذ مشروع فيلم (موديلو 77) ، والذي يروي بدقة الهروب الجماعي الأسطوري ويعرفنا أيضا على كوبيل وهي وهي منظمة من السجناء الذين اتحدوا للقتال من أجل الحرية والحصول على العفو الذي من شأنه أن يمر عبر باب السجون الإسبانية . يحاول المخرج رودريغيز على وجه التحديد في فيلمه تسليط الضوء على بؤس التاريخ الحديث لإسبانيا مع تاريخ السجون في سنوات الانتقال من الديكتاتورية الى النطام الديمقراطي الذي رافقه بعض الاخفاقات والأخطاء . هذا الفيلم يذكرنا بالسجناء العاديين المنسيين بعد صدورالعفوعن السجناء السياسيين والذين يعيشون في ظروف سجن رهيبة في بلد لم تتم فيه تطهير حقيقي للأساليب القمعية الرهيبة التي كانت تمارس خلال سنوات الديكتاتورية . الفيلم مستوحى من أحداث حقيقية وهو قصة عن الصداقة والتضامن والحرية . يتم وضع الشخصية الرئيسية في مسار سرد الحكاية منذ الدخول الى بداية الفيلم . الشاب مانويل ( يقوم باداء دوره الممثل ميغيل هيران) الذي عمل محاسب في أحدى الشركات في عام 1977، يزج به في سجن موديلو الأسطوري في برشلونة بتهمة الاختلاس وينتظر المحاكمة . مقدار المبلغ يعادل شهرا واحدا من راتبه ، لكنهم يتهمونه بسرقة مليون من البيزيتا القديمة التي تشكل في ذلك الوقت ثروة كبيرة . يؤكد الشاب " مانويل" أن إبن رئيسه في العمل أحتال عليه ووضعه في هذا الموقف ، وهنا نجد الرمزية الأولى في الفيلم ، بطل الرواية الأكثر حضوراّ في السرد ترسم على وجهه خيبة الأمل بالفعل من النظام الجديد، ويكررالقول إن البلاد أصبحت لرؤؤس الاموال والأغنياء وابناءهم (يمكن فهم أنه لم يكن هناك تغيير اقتصادي حقيقي في الانتقال من الفرانكوية إلى الديمقراطية) .
يلتقي مانويل شريكه في الزنزانة عضو منظمة كوبيل بينو (خافيير غوتيريز)، ينضم إلى مجموعة من السجناء العاديين للمطالبة بالعفو. من هناك يبدأ صراع من أجل الحرية من شأنه أن يهز نظام السجون الإسباني . ، (كوبيل) هي مجموعة تناضل من أجل حقوق سجناء القانون العام وتطالب في العفو . ثم تبدأ ثورة حقيقية من شأنها أن تغير المعاملة في السجون الإسبانية. بعدها يتم معاقبة السجناء وذالك بنقل السجناء الأكثر تمردا والأكثر عنادا في مطالبتهم الى زنازين انفرادية تحت ظروف غير إنسانية (وصفت في الفيلم بأنها "عمليات اختطاف") . لم يتوقفوا عن ضرب السجناء لبث الرعب ووقف جهودهم أو ينتهي بهم الأمر الى السجن الانفرادي وهو أمر يحاول مانويل جاهدا للتنديد به من خلال الوسائل القانونية ، في بلد يفترض يعيش فترة الديمقراطية من المفروض أن تتغير جميع الاساليب في التعامل مع البشر والحفاظ على كرامتهم ، بالطبع ، ستصل رسالة إلى مانويل من تحت باب الزنزانة مخطوط فيها "ليس وحدك " في كفاحك من أجل الكرامة . تأتي هذه الرسالة من السجناء الذين هم جزء من منظمة كوبيل .
هناك تمييز مثير للاهتمام هنا في الفيلم بين السجناء السياسيين بأيديولوجياتهم المختلفة الذين صدر قانون العفو عنهم والسجناء العاديين الذين كانوا يأملون في عفو عام للجميع . في حين أن الكثير من البلاد هنأت نفسها في الوصول المفترض للديمقراطية ، ظل السجناء العاديون يعيشون في ظروف رهيبة ولم يسمع صوتهم في مطالبتهم بالحقوق وكذالك لم يتم ذكرهم في القوانين الجديدة . ولكن حين يموت غوستين رويدا العضو في منظمة كوبيل بسبب الضرب المبرح من قبل ضباط السجن يعلن السجناء التمرد في السجن ، وبعد بضعة أيام في آذار/مارس 1978 اغتيل أحد الضباط الكبار والمسؤول عن السجون ( خيسوس حداد ) على يد كوماندوز ، كلتا الحادثتين ستمثل تاريخ كوبيل والسجناء الاجتماعيين ، ستحل هذه المنظمة أخيرا بعد ثلاث سنوات من النضال المكثف ، في عام 1979 محور رحلة مانويل عندما يتم وضعه في زنزانة مع بينو الذي يكبره بعقود (الممثل المخضرم خافيير جوتيريز) ، وهو رجل يريد فقط حياة هادئة ولكن ولعه بالقمصان الصاخبة وأهتمامه في قراءة كتب الخيال العلمي لزملائه السجناء وما يميزه كشخص لا يمكن تخويفه بسهولة . في حين أن معظم أفلام السجون تركز على الصراع ، لكن في هذا الفيلم الصداقة والاحترام اللذين يتطوران تدريجيا بين الاثنين يشكلان حجر الأساس للفيلم ويغير مصيرهما . ليس لدى مانويل زوار باستثناء أخت صديقته لوسيا (كاتالينا سوبيلانا) التي اعترفت في النهاية بأنها معجبة به والتي أصبحت مصدره الحقيقي الوحيد للمعلومات عن الخارج ، وأبلغته أنه قد يضطر إلى الانتظار لمدة تصل إلى أربع سنوات قبل أن يحصل على محاكمة ومحاميه المثقل بقضايا أخرى ليس لديه سوى القليل من الوقت له .
بدأ رودريغيز وكاتبه رافائيل كوبوس منذ فترة طويلة في التفكير في فيلم منذ سنوات عديدة ، وعندما قرأوا عن نقابة السجناء المؤيدة للعفو في سبعينيات القرن العشرين كوبيل وكذالك حكاية أكبر عملية هروب من السجن في التاريخ الإسباني حين هرب مجموعة كبيرة من السجناء من سجن موديلو في برشلونة زاحفين عبر المجاري . قررا ان يوثقا هذه الاحداث للاجيال الجديدة . انتظر رودريغيز عقدين من الزمن لتصوير فيلم (السجن 77) في سجن موديلو نفسه . وكان الانتظار يستحق كل هذا العناء ، كان بحاجة إلى سجن ضخم يعطي الانطباع بأنها مدينته الخاصة و كما يوضح . وعلى حد تعبير مخرجه " كان الهدف هو التصوير في نموذج برشلونة ذاته ، تم تصوير جزء كبير من الفيلم كما مرسوم في السيناريو الحقيقي لتلك الأحداث التي صنعت التاريخ ، عندما هرب 45 سجينا حتى وصلوا إلى المجاري التي أحاطت بمركز السجون في قلب برشلونة " ، يضيف رودريغيز : "السجن 77" "ليس مجرد فيلم عن سجن، إنه يتحدث عن صورة أكبر" . يصادق (مانويل) سجينا غامضا ومترددا بينو (خافيير غوتيريز) . إذا كان الجزء الأول يتعامل مع الفظائع والقسوة والاستخدام المفرط للقوة من قبل الحراس ، وبالإفلات من العقاب لارتكاب أي عمل من أعمال العنف والتعذيب ضد السجناء . الفيلم يحتوي على الإثارة والمشاهد المثيرة مضيفا الأحداث السياسية التي يقوم فيها السجناء بجهود قوية لطلب العفو العام للحكومة وإضفاء الطابع الإنساني على الظروف الصعبة للسجون والتعذيب ، وكذلك إصلاح قوانين السجون ورجال الشرطة الساديين والفاسدين الذين يستخدمون وحشية لا يمكن تصورها . سيناريو مثير للاهتمام ومثير من قبل ألبرتو رودريغيز نفسه ورافائيل كوبوس كاتب ألبرتو المعتاد ، على الرغم من بعض الصور النمطية العادية لكن التصوير السينمائي من قبل المصور أليكس كاتالان كان تصويراً بشكل رائع التصميمات الداخلية الباردة والمظلمة من السجن النموذجي ، حيث يتم تصويره في موقعه الأصلي في برشلونة . يفضح فيلم " السجن 77 " وحشية نظام السجون وعدم جدواه مؤطراّ بالأحداث السياسية والانتفاضة التي يقوم فيها السجناء من أجل الحصول على العفو العام وإضفاء الطابع الإنساني على الظروف الصعبة للسجناء ، وكذلك محاولة إصلاح قوانين السجون وفضح الساديين والفاسدين الذين يستخدمون وحشية لا يمكن تصورها . القصة تتضمن بيان حول سوء معاملة السجين وانتقاد قوي للطبقة الحاكمة غير القادرة على السيطرة على وضع خطير .
يعكس فيلم ( السجن 77 ) بشكل فظ كيف أن التقدم الاجتماعي والتطور السياسي الذي كانت تعيشه إسبانيا لم يتم نقله إلى نظام السجون الذي عاش واقعا موازيا كما لو استمرت الفرانكوية في الوجود ويتم التعامل مع السجناء كحشرات. في الوقت الذي منح السجناء السياسيون العفو، يترك بقية السجناء الذين يطلق عليهم السجناء الاجتماعيون في سجون معرضة لظروف معيشية قاسية للغاية وغير صحية ويحكمها نظام سجون تكون فيه حقوق الإنسان غائبة. نحن نتحدث عن أشخاص سجنوا بسبب جرائم بائسة أو سرقات صغيرة أو قوانين عفا عليها الزمن . يعكس ألبرتو رودريغيز بطريقة رائعة ما كان يحدث في السجون الإسبانية ويعطينا بدوره قصة رائعة تستند إلى الاحتجاجات في شكل أعمال شغب وتمرد وثورات التي حدثت في السجن . يعتمد الفيلم على شخصياته وعلى القصص التي تحدث لهم وكيف يواجهونها. يلعب الممثل الرائع "مانويل ميغيل هيران " شخصيته شاب من عائلة متواضعة من المهاجرين الأندلسيين . ذكي وعنيد وكريم ومتمرد ومتغطرس ، لديه روح العامل وأذواق البرجوازية ، مغرور ولايشبه الاخرين ومن حوله . سرعان ما غادر حيه ليصنع حياة في المدينة. يعرف كيف يتواصل مع الناس . إنه ثاقب الفطنة والذكاء ومتعلم . في النهاية يحصل على وظيفة كمسؤول في شركة مهمة ومنصب اجتماعي جيد ، لقد حقق حلمه ونسى أصوله . في خطوة غبية يسرق مبلغ صغيرمن خزائن شركته ولا يعتقد بأي حال من الأحوال أنهم سيقبضون عليه . إنه أذكى من أي شخص آخر أو هكذا يعتقد . لكن يتم سجنه وبدون موعد محاكمة وبعقوبة طويلة جدا ، بقية الممثلين يبرز خيسوس كاروزا وفرناندو تيجيرو اللذان يمثلان سجينين مخضرمين يتاجران بالممنوعات تحت انظار وعلم ضباط السجن ويتحركان بحرية في جميع أنحاء السجن . لوسيا شخصية أنثوية تزورمانويل بشكل منتظم والتي سيبدأ معها قصة حب من خلال الرسائل والزيارات. لعبت الدوربشكل هادئ من قبل كاتالينا سوبيلانا وتبدو شخصية حلوة وذكية وحساسة . في بعض الأحيان تكون صريحة وساذجة ، لوسيا شابة حيوية ومليئة بالمستقبل ، ولكنها تمثل الضوء أو الأمل أو الرغبة للسجين مانويل ،.هي بالضبط ( ذلك الضوء الذي يجلب الحياة إلى مانويل في زياراته إلى السجن) . يقول المخرج ألبرتو رودريغيز : (الإضاءة الخافتة، وضعف الرؤية، وسوء التهوية، كل شيء يساعد في الحصول على فكرة عن مدى صعوبة الهروب من أي سجن والرغبة التي يمكن للمرء أن يفعل ذلك) .
شخصية بينو الذي لعبها بخبرته المعتادة الممثل " خافيير غوتيريز " الصلد الجاف القليل الكلام ، جوهره نقي وصادق يصبح زميل مانويل في الزنزانة ورفيقة في التخطيط للهروب الكبير من السجن . وحيد ومتشكك وناقم وأمضى وقتا خلف القضبان أكثر من خارجه . لقد مر بالإصلاحية والعديد من السجون في البلاد . عاش لسنوات وظهره إلى العالم وإلى السجن والسجناء ومعزول عن كل شيء ، مستقبله مجهول ، كما إنه لا يؤمن بأي شيء ولا في أي شخص . يستأجر روايات الخيال العلمي التي يعرفها عن ظهر قلب ، سجين متأقلم اعتاد على أن يكون وراء القضبان وجعل الزنزانة حياته ولا يفكر خارج الصندوق لأنه غارق في اليأس ، لكن صداقته مع مانويل ستجعله يتغير ويحصل تطور ناجح لشخصيته ينتهي بالسعي للخلاص والتفكير بالمستقبل خارج السجن . كما حصل مع مانويل بطل الرواية الذي هو الآخر تطورت شخصيته بالصدفة ، منذ بداية الفيلم وتقلباته العاطفية هي مصدر قلق صغير لإيقاع الفيلم ، الذي يعيش في ظله. ولكن إلى جانبه هناك الكثير من القصص الثانوية مع حياته الخاصة ، وآلامه ، ورغبته في الحرية ، والخيانات ، والتناقضات ، وفي نهاية المطاف ، الحرية . يشعر سجناء ألبرتو رودريغيز بأنهم على قيد الحياة ويتحدثون كأشخاص واثقين ويتواصلون ولكنهم يتصرفون كبشر محرومين من الحرية ، فلدينا هنا بينو .
وعلى الرغم من عدم تحقيق جميع أهدافهم ، لكن السجناء تمكنوا في ذلك الوقت من تغيير رؤية ما يجب أن يكون عليه السجن . بحيث قامت إصلاحات في القوانين بشكل تغير مفهوم السجن من مركز للاحتجاز والعقاب الدائم إلى مركز لإعادة التثقيف بهدف إعادة الإدماج الاجتماعي . في هذا الفيلم يظهر السجن كانعكاس لبلد ومرآة لمجتمع لا يمكن أن يغض الطرف في الدفاع عن حقوق الإنسان لجميع مواطنيه . لماذا تهب رياح التغيير على المجتمع الإسباني بأسره وليس على السجناء؟ ، يعكس الممثل خافيير غوتيريز، الذي يلعب شخصية بينو، السجين التاريخي الذي يعلم قواعد السجن الاساسية لمانويل بطل الرواية الذي يلعبه ميغيل هيران . يقدم خافيير غوتيريز أحد أفضل الأدوار في حياته واضعا بصمته لأروع شخصية في الفيلم وواحدة من أكثر أدوار السينما الإسبانية روعة في السنوات الأخيرة . من جانبه، يعترف خافيير غوتيريز بأنه يحترم الآن أكثر بكثير هذا المفهوم المجرد مثل الحرية " يحاول أن يكون متعاطفا مع الشخصية التي يجب أن يدافع عنها، وأنا متأكد من أن هناك سجناء فعلوا أشياء بغيضة ويحتاجون إلى إعادة تأهيلهم بطريقة ما، لكنني أعتقد أن هناك عقوبات غير متوازنة على الإطلاق عند الحكم على جريمة . نحن نرى ذلك في بلدنا، وهناك مجرمون من ذوي الياقات البيضاء من المسؤولين وضباط ونواب في الدولة لا تطأ أقدامهم حتى السجن .
الحقيقة هي أن فيلم "سجن 77 " لا يبدو بأنه فيلم سياسي ، على الرغم من أن السياق الذي تم وضعه فيه يجعل من الصعب عدم إنشاء علاقة مع التحولات الديمقراطية للبلد. يبدأ في عام 1976 بعد أشهر من وفاة فرانكو وينتهي بالموافقة على أول دستور للبلاد بعد 40 عاما ، إنه جزء سياسي للغاية ، لكن لا توجد نية دعائية أو كتيب داخل القصة" ، هذا ماوضحه المخرج رودريغيز على وجه التحديد في فيلمه للتأثير على بؤس التاريخ الحديث لإسبانيا مع تاريخ السجن في سنوات الانتقال . في هذه المرحلة . هذا الفيلم يذكرنا بالسجناء العاديين المنسيين بعد العفو عن السجناء السياسيين وفي ظروف سجن رهيبة في بلد لم يكن فيه أبدا تطهير حقيقي للتهم القمعية الرهيبة خلال سنوات الديكتاتورية. عموما "السجن 77" ليس مجرد فيلم ولكن روح السينما التي تبقى إلى الأبد في كشف ظروف السجون في إسبانيا في سبعينيات القرن العشرين وحملة السجناء للإصلاح في إسبانيا ما بعد فرانكو .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |