|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
علي المسعود
2023 / 5 / 14
"في يديها " فيلم وثائقي يتحدث عن أصغر عمدة في أفغانستان ظريفة غفاري ويلاحقها أثناء العد التنازلي لسقوط كابول مرة أخرى في أيدي طالبان في 15 اغسطس من عام 2021 . الفيلم من إخراج المخرجين المشهورين الأفغانية تامانا أيازي والألماني مارسيل ميتلسيفين ومن إنتاج هيلاري كلينتون وتشيلسي كلينتون . يبدأ فيلم "بين يديها" من النهاية ، من الانسحاب الامريكي بعد عقدين من الاحتلال ، دبابات تدخل كابول، وعمدة ميدان شهر ظريفة غفاري تحزم حقيبتها ، ونتابعها وهي تختبئ في سيارة هاربة من أفغانستان وسط صعود طالبان إلى السلطة عام 2021 . وترصد مشاهد الفيلم الخوف والتوتر مما سيحدث بعد انسحاب الولايات المتحدة من البلاد وتولي طالبان زمام الأمور. أصبحت ظريفة غفاري وهي سياسية ورائدة أعمال ومدافعة صريحة عن حقوق المرأةا وتهدف نحو تعليم أفضل ومساواة وسلام في بلدها .
يعود الفيلم الى ينايرالى عام 2020 الحرب الامريكية الأطول تقترب من نهايتها بعد مرور 20 عاما من الغزو الامريكي على افغانستان . قبل تسعة عشر شهرا من الانسحاب الامريكي من افغانستان وسقوط كابول بعد عشرون عاما من الحرب والاحتلال وحرب كانت كفلتها مليوني تريليون دولار وألآف من الضحايا . ظريفة غفاري عمدة ميدان شهر عاصمة ولاية (وردك) تلقي كلمة تقول فيها لا نريد الحرب بل نريد السلام ، وتدعوا الجميع للسماح لاخواتهم أو نساءهم بالتعليم حتى تشارك المرأة في بناء البلد جنباً الى جنب مع الرجل وتدعوا الشباب الى القاء السلاح وحمل الورقة والقلم . وكانت دائماّ تؤكد على التعليم وأهميته في البناء والتطوير لبلدها أفغانستان . ومنذ اليوم الاول واجهت الكثير من التحديات والصعوبات والرفض الشديد من الرجال في مجتمع ذكوري ، لكن ظريفة لم تستسلم لذالك بل بعزيمة وتصميم كانت تسعى جاهدة لتغيير وجهات النظر في مجتمع أبوي .
تميزت فترة رئاسة ظريفة غفاري لبلدية ميدان شهر باحتجاجات من قبل الرجال في بلدتها و في نفس الوقت نالت إعجاب النساء بتعزيزها لحقوقهنً . تتوالى رسائل طالبان التي تهددها بالتصفية واتخاذها ذريعة لنشر الرذيلة . في المقابل لم تكن خائفة من الإعلان عن وجودها في جميع أنحاء الإقليم على الرغم من حذرها الشديد عند عبورها محيط المدينة والريف الذي تسيطر عليه قوات طالبان. يرافقها ليلا ونهار سائقها وحارسها الشخصي "معصوم" الذي آمن حقا بمهمتها بحيث ووضع حياته على المحك من أجل حمايتها . حين بدأت طالبان في تضييق الخناق على مدينتهم ولكي تردع كل من يتحدّاها ووجّهت رسالة بأن الحكومة عاجزة عن حماية أعوانها ، قامت بإغتيال والدها عبد الوصي غفاري أمام عين أخيها الصغير ومن أمام داره . لم تنهزم ظريفة ولم تتخلى عن مهمتها في الدفاع عن حقوق المرأة الافغانية . وقبل شهرين من سقوط كابول تنتقل الى كابول للالتحاق بالوظيفة الجديدة وهو منصب في وزارة الدفاع وحسب الاوامر يجب أن يكون سائقها من منتسب في وزارة الدفاع ، ولهذا تخلت عن سائقها الوفي معصوم الذي يشعر بالمرارة والخذلان وراح يتهم ظريفة بالخيانة لانها تركته بالرغم من أخلاصه وخدمته بعد أن وضع نفسه عدوا للأمارة الاسلامية. يبدأ حارسها الشخصي ( معصوم ) العاطل عن العمل يجوب االبراري ويتسلق الجبال ويتسلى بالغناء في أرجائها بعد أن تركته ظريفة “مدينتنا تعج بالفقراء، إنها لا تستحق القصف”،. يتحدث عن الأهالي العالقين بين فكي حوت لا ملاذ لهم غير الإدمان القاتل للافيون، فهم إن انضموا إلى الحكومة تقتلهم طالبان، وإن انضموا إلى طالبان تقتلهم الحكومة أو أمريكا، يتساءل في ألم “أليس الفقراء بشرا؟ . الولايات تسقط الواحدة تلو الاخرى ، والحدث الاجرامي الذي تنفذه طالبان في تفجير مدرسة البنات، لانهم يكرهون العالم وتعليم الفتيات . تزور ظريفة الطالبات الجريحات في المستشفى وتشجعهنً على مواصلة التعليم والمواظبة على الدراسة .
تركت القوات الامريكية قاعدتها العسكرية الرئيسية في أفغانستان وهرب معظم قوات حلف الاطلسي قبل وعد الرئيس الامريكي بحلول الذكرى العشرين لهجوم 11 سبتمر ، ودعت واشنطون رعاياها بالرحيل من افغانستان وبدأ الانهيار في القوات الحكومية وهروب رئيس البلاد أشرف غني . وفي 15 اغسطس من عام2021 بعد عشرين عاما من اعلان الحرب على حركة طالبان أستعادت طالبان سيطرتها على العاصمة كابول . تواجه ظريفة وعائلتها قرارا مستحيلا عندما تنسحب القوات الأمريكية وتنهار البلاد تحت ضربات حكم طالبان . تجبر ظريفة على مغادرة البلاد مع زوجها وأفراد عائلتها تاركة بيتها واثاثها ، فقط حقيبة صغيرة وحفنة من تراب اهلها ترافقها في رحلة الهروب مع الجموع الخفيرة التي تحاول الخلاص من انتقام رجال طالبان وهمجيتهم وينتهي بها المطاف في المانيا بعد أن حصلت على اللجوء لها ولعائلتها في ألمانيا . تحاول إيجاد طرق لمساعدة الفقراء في بلدها مع نقص الغذاء والاضطرابات الاقتصادية التي تعكر صفو الحياة في أفغانستان . ومن المحزن أنها تراقب من بعيد مدارس البنات لا تزال مغلقة وأن القبضة الحديدية لطالبان تخنق شعبها . ومن هناك تراقب من على شاشة التلفاز مظاهرات النساء في كابول والمطلبات بحقوقهن وأهمها التعليم ، ينتاب ظريفة إحساسين غريبين ، الأول هو الفخر بهولاء النساء والثاني الحسرة لانها لم تكن مشاركتها لهنً في صرختهنّ بوجه قوى التخلف والظلام . وبعد خمسة اشهر تعود ظريفة الى إفغانستان بعد أخذ الوعود من طالبان بعدم التعرض لها وتؤسس جمعية ظريفة لمساعدة النساء ، وكما تقول" انا ابنة هذا البلد وهذا مكاني ويجب أن أكون هنا كي أساعد الناس" . لا تزال ظريفة صوتا لحقوق المرأة في أفغانستان التي تسيطر عليها طالبان . ولازالت تعيش مع زوجها بشير محمدي في المانيا كالاجئين ، وتواصل كفاحها من أجل حماية حقوق المرأة الافغانية بعد أن فرضت حكومة طالبان قوانين تحضر حقوق وحريات المرأة . وتشمل الانتقال والتعليم والملابس والتوظيف . ولاتزال الفتيات ممنوعات من الذهاب الى المدارس . ونراها تتلقى جائزة في واشنطن العاصمة وفيها تلقي خطاباّ حول أهمية تعليم المرأة ، لكننا لا نعلم سوى القليل كيف أصبحت عمدة ؟، وما هي سياساتها أو ما يفكر فيه ناخبوها ؟ .هناك قصتان تقريبا في هذا الفيلم الوثائقي ، واحدة عن غفاري وكفاحها من أجل حياتها المهنية وحياتها والثانية عن سائقها معصوم وعن طالبان وكلاهما مرتبط ببعض ، لكنني أعتبر هذا الفيلم بمثابة تذكير بأساليب رجال طالبان البربرية واللإنسانية التي تتحكم في الناس وتدمر بلدا في النهاية . في الفيلم نشاهد قادة طالبان وهي تسمم عقول الأطفال، ونشاهد لقطات واقعية لهم وهم يستولون على كابول .لم تكن المرأة الأفغانية ضحية لتطرف طالبان فحسب وإنما ضحية للحكومات المتعاقبة ولطبقة سياسية متعفنة منشغلة بالفساد والصراع على الغنائم لملء الجيوب على حساب أحلام البسطاء .
فيلم" في يديها" مليء بلقطات آسرة و أحد الأسباب التي تجعل الفيلم رائعا للغاية هو أنه يغطي أشخاصا حقيقيين ومثيرين للاهتمام ويسلط الضوء على سبب كارثة أفغانستان . الفيلم الوثائقي يؤكد للعالم بعد نسيان محنة أفغانستان وشعبها وبعد تولى طالبان السلطة . تميز الفيلم الوثائقي بالقوة وإعتباره مصدر إلهام وإعلام الجماهير بالصراعات التي تمر بها النساء في أفغانستان . يتناول الفيلم مستقبل جميع النساء في أفغانستان لأنه يتتبع الغفاري الشجاعة من خلال التجمعات والخطب ، وفي نهاية المطاف هروبها من وطنها. وكذلك فعلت المخرجة أيازي التي غادرت بعد فترة وجيزة دون تحمل أي شيء سوى جهاز الكمبيوتر الخاص بها والملفات التي تحتوي على لقطات الفيلم . ومع ذلك ، أشعر أنه يفتقر إلى المعلومات التي أعتقد أنهم افترضوا أن الجماهير ستعرفها، ويمكننا أن نتساءل تماما عن سبب تركيز صانعي الفيلم وبشكل متساو تقريبا على وسائقها وحارسها الشخصي والذي أستهلك وقت الشاشة وهو لم يعد في النهاية يعمل لديها . تعيش غفاري مع زوجها وقسم من أهلها في ألمانيا كلاجئة حاليا وستصدر كتابها قريبا ، لذلك ربما يجيب هذا على الأسئلة المتبقية في الفيلم ويعطي المزيد من التبصر في خططها المستقبلية وكانت ظريفة حاضرة في عرض الفيلم في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي .
المخرج ميتلسيفين تحدث قائلاً " هناك العديد من النساء القويات في أفغانستان، لكن ظريفة كانت في مكان يمكننا فيه شرح انقسام البلاد من خلال الثقة التي اكتسبناها معها ". الفيلم ليس صورة لبطل بقدر ما هو صورة لشخصية تتخذ موفقاً اتجاه مايجري حولها . ونلاحظ غفاري كيف تستخدم منصبها للنضال من أجل حقوق المرأة الأفغانية ولا سيما حقها في التعليم . في الوقت نفسه، يقتصر الفيلم على صور المدارس الدينية حين تهيئ طالبان الجيل القادم من مقاتليها من أجل الموت وليس الحياة . وعند سؤال المخرجة أيازي من قبل محرر مجلة بوف : كيف تختارين امرأة واحدة لتمثيل محنة جميع النساء في أفغانستان؟ ولماذا ظريفة؟ ، أجابت " كان ظريفة الشخص المثالي ، كانت في مقاطعة قسمتها طالبان . كانت واحدة من المقاطعات غير الآمنة ، لكنها لم تكن بعيدة عن كابول. كانت ظريفة مثلي أيضا ، لقد ولدت هناك وترعرعت هناك ، وعملت هناك ، وكل ما قدم في الفيلم كان من الداخل . أردنا التغيير. لم يتم فرضه من قبل أي بلد أو قوة أخرى. كانت قويةولديها الشجاعة للقيام بكل هذه الأشياء بنفسها" . يتضمن الفيلم نظرة من داخل طالبان حيث نشهد أحد قادة طالبان يتحدث بحرية بعد إنهيار كل شيء في أعقاب الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ، من الواضح أنه يقود أي شخص داخل طالبان إلى التساؤل وهم يثبتون نظاما جديدا للإرهاب يزعمون أنه طريقة الحياة .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |