ما الذي حدث ما بين الواقعتين واقعة رفح الأولى في رمضان 2012 وواقعة أسر أفراد من الجيش المصري في السودان رمضان 2023 لينقلب رد الفعل الشعبي هذا الانقلاب المدوي؟؟

محمد سعد خير الله
2023 / 5 / 1

في الخامس من أغسطس "رمضان 2012 "وقع هجوم مسلح على قوات للجيش المصري في شمال سيناء عرف الهجوم "بمذبحة رفح الأولى " الضحايا 16 ضابط وجندي وإصابة 7 آخرين ،كنت في مصر ولا أنسى رد الفعل الشعبي الصادق كم هائل من التعاطف والحزن والألم على الضحايا والمصابين ،والغضب من الفاعل، سأظل متذكر دومآ ذلك اليوم ولن أنسى أبدًا طوال حياتي.

ومنذ أسبوعين وبالتحديد في 16 أبريل "رمضان" 2023" تم أسر 27 فرد من أفراد الجيش المصري

في قاعدة مروي شمال السودان ، الأسر وقع على يد قوات الجنجويد، رفعل الفعل الشعبي من الأغلبية الساحقة للشعب المصري هو النقيض التام الكامل والشامل لسابقه في2012.

فماذا الذي حدث لكي ينقلب رد الفعل الشعبي هذا
الانقلاب المدوي ؟؟
سأتعرض لذلك في السطور القادمة ولكن قبل البداية أريد تسجيلي أن الأحزان الكبرى في حياتي، أصبحت ثلاثة وكلها حدثت أثناء وجودي في المنفى.
الأول: وفاة أبي وكانت كل أمنيته أن نلتقي وهو على فراش المرض قبل رحيلة وهي الأمنية "مستحيلة التحقيق "والتي ما زالت وستظل تزلزلني كلما مرت في خيالي.
والثاني "الرحيل الغامض " لمعلمي وأستاذي وصديقي المفكر العظيم "أمين المهدي " وهو الرحيل الذي أجاهد من أجل تصديقه والتعايش معه حتى اليوم وعلى الرغم من مرور عامين ونصف العام
"رحل في 11 أكتوبر 2020 "

أما الحزن الثالث والأخير فهو حادث أسر أفراد من الجيش في قاعدة مروى على يد ميليشيات الجنجويد وليس"جيش نظامي" وكأن الاضمحلال يريد أن يقول كلمته بعلو الصوت ويسجل وجوده حتى في "واقعة الأسر" وحزني ليس على الواقعة المذلة المهينة المتوقعة لجيش انحرف كامل الانحراف وتخلى عن دوره ومهام وظيفته، ولكن على رد فعل ينذر باقتراب أيام النهايات المأساوية.
والآن أعود للإجابة على السؤال المطروح ، بالطبع انتشر خبر احتجاز الأفراد كما النار في الهشيم في المحطات الإعلامية ، والمواقع الصحفية ، اجتاحت شبكات التواصل الاجتماعي صور وفيديوهات توثيق الحدث " وصلني عدد كبير منها من أصدقاء سودانيين ولم أنشر الا القليل حتى لا يساء الفهم. وبرغم ذلك الانتشار المدوي لكنه لم يفلح في تغيير البرنامج اليومي للرئيس السيسي واجتمع مع رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة اللواء أحمد العزازي ومساعده العميد عبد العزيز الفقي لبحث الموقف التنفيذي لعدد من المشروعات خبر الاجتماع نشر على الصفحة الرسمية للمتحدث لرئاسة الجمهورية، و يبدو أن المسائل المتعلقة بشؤون "الرز" وهو الوصف المحبب والمستخدم من الرئيس السيسي على النقود ،خير وأبقى من حياة الجنود والضباط!
الملفت في الأمر هو ما أشرت إليه والذي يجب التوقف أمامه وقرأته بتأمل، في تعامل الأغلبية الساحقة من المصريين مع الحادث على الشبكة العنكبوتية " فكوميكس ومميز السخرية والألش تسيدا الموقف " تحول دراماتيكي هائل"
في رد الفعل الشعبي ما بين حادث 2012 وحادث 2023، ولكن هل كان يتوقع أحد العكس؟؟ وسؤالي هو نوع من أنواع "الاستفهام البلاغي "

"ماذا يقدر القش أن يقدم لحقول المستقبل "أدونيس

وهنا اسمحوا لي أن أعود إلى الخلف لكي أذكركم ببعض الأحداث التي مرت علينا من بعد "ثورة يناير " وأوصلتنا إلى هذا الحال وما يلوح في الأفق مرعب بل هو خارج نطاق التوقع والتصورات إن استمر النهج الحالي فلقد بدات المرحلة منذ عقد وأكثر من الزمان وكانت الزراعة في "جمهورية العساكر" على النحو التالي.

البداية قتل المتظاهرين أثناء الثورة وإلقاء الجثث في أكوام النفايات في الميادين والشوارع اعقبها "كشوف العذرية "على بنات يناير ، فارتكاب عدد ضخم من المجازر الموثقة والتي أصبحت محفوظة ومنحوتة في ذاكرة الجماهير ، وأبشعها في شمال سيناء، وعلى هامش العملية سيرلي، غير تأميم المجال العام ووأد السياسة و حبس 60 الف سجين رأي على الأقل إن لم يكن أكثر ،احتكار الاقتصاد وسعار الاستحواذ على الأراضي، الاخفاء القسري، التهجير القسري والذي وصل جنوحه لحد تهجير المواطنين من العوامات المملوكة لهم منذ القدم في الكيت كات، التفريط في مياه النيل ، وجزيرتي تيران وصنافير وحقول الغاز ، بيع الأصول المصرية تباعا بالبخس، وخروج الآثار المصرية للخارج بطرق غرائبية من المطارات تذكرنا بافلام عصابات المافيا الإيطالية؛غلق وحجب منابر الرأي والمواقع الصحفية، العسكرة التي طالت كل المناصب ، المكانة الدولية والتي تقزمت لحد التلاشى ويوصف الدور المصري بالمشبوه في سوريا وليبيا والسودان وامتدت الشبهة خارج الاقليم لتطول أوكرنيا و فضيحة القذائف المصرية لروسيا والتي تغيرت واجهتها في أخرلحظة إلى أوكرانيا بعد الضغط الامريكي ،غير رداءة وقد أضحت هي العنوان الأبرز في الفنون والرياضة وكل مجالات الإبداع بجانب التدني وتذيل كل المؤشرات عالميا في الصحة والتعليم والمدخول، بالإضافة الى الديون الفلكية.

"كانت تلك هي الزراعة" وكل حرف فيما أسرده موثق ومؤكد، أما الحصاد فكان تشفي وفرحة نكات وألش سخرية واستهزاء " فهل كانوا يتوقعون تصرف مغاير ؟ فكيف لمن أسس للكراهية أن يتوقع طرح غير الحنظل؟ هم "جمهورية العساكر "السبب الأوحد لما آلت إلية الأمور فلم يعد متبقي للناس إلا سلاح التلذذ "بالتحقير" لم يعد أمامهم إلا تخيل الانتصار باستخدام البذاءة ، والقادم جحيم فالنهايات الدرامية الحزينة للدول التي سبقتنا إلى المصائر الكارثية تمكنت من فتح كل الأبواب وهي الآن تتراقص أمامنا وأخشى ما أخشاه أن تكون رقصتها الأخيرة قبل الاقتحام الدامي.

" كيف نخرج مما نحن فيه؟"

لا يوجد عاقل إلا ويريد أن يكون في بلده جيش ولكن ما ماهية هذا الجيش ؟ ما قوامه ؟مهامه؟ دوره؟ وظيفته ؟ أماكن تواجده؟ مخصصاته؟
لهذا أعلن أنني أحلم بأن يكون في مصر جيش،يعي تماما معنى وقيمة الشرف العسكري يتواجد وفقط
في الثكنات بعد أنسنة المنهاهج التي يتم تدريسها في الكليات والمعاهد العسكرية، ولا وجود له في الاقتصاد أو السياسية عدده لا يزيد عن 60 ألف مقاتل محترف على أقصى تقدير مع وجود قوات للدفاع الشعبي تستدعى وفقط في حالات الطوارئ, فالجيوش التي تضل الطريق إلى أسواق الخضار ومزارع الأسماك يستحيل إعادتها إلى ميادين القتال وخطوط الاشتباك، هذا هو الجيش الذي أريده
وأعمل على أن يكون موجود في بلادي، ومن هنا يكون الخروج من "وجهة نظري " واظنها صائبة،فهل نستوعب الدرس السوداني ؟؟ أم نستعد من الآن للحكي عن مصر وكل ما كان جميل بها في جلسات
النوستالجيا المستقبلية لنا ؟ اترك لهم الإجابة؟؟


الرابعة عصر يوم الاثنين 1مايو من مدينة إسلوف السويدية.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي