العالم أصبح قرية صغيرة

عبد السلام الزغيبي
2023 / 3 / 18

قبل أيام وقع جهاز تلفوني القديم الذي يعتبر بمثابة بديل لتلفوني الجديد، واحترقت الشاشة، وهو الجهاز الذي يضم مئات بل قل الاف الصور التي التقطتها في السنوات الماضية، الأمر الذي اضطرني

إلى الذهاب عند فني التلفونات في منطقة وسط أثينا وبالتحديد في شارع متفرع من ميدان اومونيا، حيث تتجمع محلات بيع وتصليح التلفونات المحمولة.
فني تصليح التيلفونات بعدما اوضحت له الموضوع،اخذ التلفون وتفحصه، ثم استلم مني التلفون القديم وكذلك التلفون الجديد الذي استخدمه الآن، ووضعني بين خيارين لا ثالث لهما، أما استبدال

شاشة التلفون العاطل بشاشة جديدة، تكلفني مبلغ أربعون يورو، وهو مبلغ أعلى بكثير من قيمة الجهاز، خاصة وانه موديل قديم، أو ترك الشاشة مطفاة، والاكتفاء فقط بنقل المعلومات منه للجهاز

الجديد.
وافقت على مضض، على الخيار الثاني ، والحق انه ليس لي خيار آخر غير الموافقة على طلبه،و ترك الجهازين مكرها والرجوع بعد ست ساعات كاملة لإتمام مهمة نقل محتويات التلفون القديم

للتلفون الحالي.
تغيرت كل برامجي ذلك اليوم، بعد انتزاع تلفوني مني،بارادتي أو دون ارادتي.
بدأت افكر ماذا افعل ست ساعات كاملة بدون جهاز التلفون الخاص بي؟، وهو الأمر الذي يجعلني في حالة انقطاع شبه كلي عن الاتصال بالعالم والمحيط القريب والبعيد مني، في تقدير بسيط

لنتائج هذا الانقطاع ، اكتشفت تأثيرات كبيرة طالتني بحكم ارتباطي،وليس وحدي بل غالبية البشر فوق هذا العالم الذي اصبح قرية صغيرة ، بعدما دخل الإنترنت في أصغر تفاصيل حياتنا اليومية.
والسؤال هو، هل نستطيع العيش دون هذا الجهاز الصغير في حجمه،الكبير في إمكانياته وقيمته واهميته؟
مؤلف كتاب "المجتمع والإنترنت"، ويليام داتون يعبر عن قلقه من "أن الناس يستبعدون فكرة انقطاع الإنترنت، وفي الوقت نفسه لا يدركون مدى تغلغل الإنترنت في كل جوانب حياتهم تقريباً
وسيكون من بين المتأثرين بهذا الانقطاع مدمنو التواصل عبر شبكة الإنترنت، الذين يمضون قسماً كبيراً من وقتهم يحدقون في شاشات الكمبيوتر أو الهواتف المحمولة.
كلنا أصبحنا مدمنين، هذا شيء لن نستطيع انكاره، والحاجة لوجود جهاز التلفون المحمول، أصبحت هامة وملحة ولا احد يستطيع الاستغناء عنه في هذه الأيام لاختبارات كثيرة، أولها الحاجة الملحة

للاتصال مع الناس تلفونيا، باعتباره الوسيلة الأسرع والارخص، وثانيا ، الحاجة للتواصل الاجتماعي مع الأهل والاقارب والاصدقاء القدامى والمفترضين، ولهذا السبب وغيره ، فإن مسألة الاستغناء

بشكل سريع أو على مراحل على مثل هذا الجهاز الحيوي أصبح ربما من المستحيلات، ليس على المستوى القريب أو البعيد، وحتى على مستوى ساعات قليلة مثلما حدث معي، بمجرد استرجعت

الجهاز من الفني، وفتحته، حتى وجدت عشرات الرسائل النصية قد وصلت الي ومعها الكثير من الاستفسارات،وسبب قفل التلفون والعديد من الاخطارات من جهات متعددة، تبين الحاجة المهمة جدا

التي أصبح عليها هذا الجهاز الصغير الذي يربط البشر في عالم كبير متسع الاطراف، اصبح بمثابة قرية صغيرة جدا تضم البشرية جمعاء.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي